ترجمات أجنبية

تقرير مترجم عن كرستيان سينس مونيتور – نهج لبنان المزدوج في التعامل مع مشكلة اللاجئين السوريين : الشخصي والسياسي

كرستيان سينس مونيتور – نيكولاس بلانفورد – 4/4/2017

سعد نايل، لبنان- في حقل هادئ في أطراف هذه البلدة التي تقع في أطراف وادي البقاع، ثمة العشرات من الأطفال تحت سن 13 عاماً، من الذين يحضرون فصولاً دراسية في مدارس خشبية عدة بنيت بجانب مخيم للاجئين أنشئ حديثاً.

الذي بنى هذه المدارس هو رابطة “بيوند أسوسيشن”، المنظمة غير الربحية والمحلية التي تسعى من خلال التعليم، إلى تخفيف الآثار السلبية ومعاناة الأطفال السوريين المصدومين من الحرب الأهلية السورية، والذين أجبر معظمهم على العمل لدعم عائلاتهم اللاجئة.

في لبنان، البلد الذي يضم لاجئين هم الأكثر عدداً قياساً بعدد سكانه، حيث هناك حوالي 250.000 طفل سوري لاجئ تتراوح أعمارهم بين 5 و13 عاماً، والذين لا يرتادون المدارس لأن عائلاتهم تعتمد على ما يجلبونه من دخل.

وتقول ماريا العاصي، المسؤولة التنفيذية لجمعية بيوند أسوسوسيشن: “هذا جيل ضائع. تقول لي الأمهات إنهن لا يستطعن العمل لأن لديهن أطفالاً صغاراً يعتنين بهم، ولذلك يرسلن أطفالهن الأكبر سناً للعمل بدلاً عنهن. لكننا نقول لهن، لا. أعطونا كل أطفالكن واذهبن انتن للعمل”.

يشكل جهد رابطة “بيوند” جزءاً من نهج البلد المكون من شعبتين لحل أزمة اللاجئين لديه؛ حيث يستخدم منظمات غير حكومية للاستجابة للاحتياجات على المستوى الشعبي، حتى بينما كان رئيس الوزراء سعد الحريري يجول العواصم الأوروبية

لإيصال حقيقة أن لبنان قد جُلب إلى “نقطة الانكسار” وأصبح في حاجة ماسة إلى استثمارات دولية فيه لتحسين بنيته التحتية المثقلة.

وقال السيد الحريري لمجموعة صغيرة من المراسلين الصحفيين مؤخراً: “إن فشل المجتمع الدولي في التوصل إلى حل في سورية لا يجب أن يرتب على لبنان مسؤولية العناية بهؤلاء اللاجئين”. وأضاف: “يتحدث الجميع عن المقاومة والمرونة التي يتمتع بها لبنان وعن جمال لبنان وكيف يستطيع اللبنانيون النهوض باللاجئين… حسناً، كما تعرفون، اللبنانيون… وصلوا إلى نقطة لا يستطيعون معها تحمل المزيد”.

وقد أوصل السيد الحريري الذي كشف النقاب مؤخراً عن خطة لسبع سنوات من الاستثمار الدولي في بلاده هذه الرسالة في الأيام الأخيرة في باريس وبرلين وبروكسل؛ حيث حضر مؤتمراً لمدة يومين عن مستقبل سورية.

تشكل هاتان المقاربتان وجهين للعملة نفسها -واحد يستثمر الجهد في العثور على حل وطني أوسع إطاراً لمشكلة اللجوء، والآخر يستثمر في الإمكانيات البشرية للاجئين الأفراد.

بؤس في المخيمات وإنما “الكثير من الموهبة” أيضاً

منذ العام 2011، استوعب لبنان الذي يبلغ عدد سكانه حوالي 4.5 ملايين ما يقدر بنحو 1.5 مليون لاجئ سوري، فيما يعادل تقريباً عدد مواطني بولندا وألمانيا الذين انتقلوا إلى الولايات المتحدة في ستة أعوام. وقد أضعف العبء على نحو كبير بنية لبنان التحتية الهشة وغير المناسبة أصلاً، وأثقل المدارس وفاقم التوترات بين المجتمعات المضيفة وبين اللاجئين. ووفق مسؤولين حكوميين لبنانيين، الذين

يقتبسون أرقاماً صادرة عن البنك الدولي، فقد فقد الاقتصاد اللبناني ما يقدر بنحو 18 مليار دولار في الفترة ما بين 2011 و2015 بسبب تبعات الحرب في سورية.

في مدرسة الجمعية خارج سعد نايل، ثمة 280 طفلاً يحضرون فصولاً دراسية في نوبتين، من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الخامسة مساء. وإلى جانب التعليم الأساسي وبرامج محو الأمية، تعلم المدرسة الفن والعلاج بالموسيقى لمساعدة الأطفال الذين يعانون من مشاكل. ويصل العديد من اللاجئين السوريين إلى لبنان وهم مصابون بصدمات شديدة بعد أن شاهدوا وحشية الحرب وفقدوا أصدقاء وأقارب ومنازل في العديد من الحالات، ليبدأوا حيوات جديدة بلا يقين كلاجئين في مخيمات متداعية سيئة الحال.

تقول السيدة العاصي التي تنشط جمعيتها في عموم البلد لمساعدة اللاجئين: “إنهم يأتون إلى البلد غاضبين ومرعوبين وخائبي الأمل، حيث النساء يرتدين السواد (حداداً). وهم يحتاجون إلى بعض الوقت حتى يتأقلموا، وبعد شهر أو شهرين، عادة ما يهدأ روعهم”.

في فصل دراسي صغير، تجري مجموعة من الطلبة تمريناً على أداء مسرحية شاركوا في كتابتها عن رفض الحزن والكراهية وترويج الحب والسلام.

ويقول حسين إبراهيم، 11 عاماً، من محافظة حلب: “أحب هذه الهواية وأحب أن أرسل رسالة إيجابية بالتمثيل. صحيح أن هناك الكثير من التعاسة في المخيمات لكن هناك الكثير من المواهب”.

وفي فصل دراسي آخر يشدو طلبة بأغانيهم الخاصة ويلعبون بآلاتهم الموسيقية ويغنون. وتنعى كلمات إحدى أغانيهم الحرب في سورية وحياتهم كلاجئين، لكنها تخلص إلى ثيمة ترفع المعنويات.

ينشد التلاميذ صادحين: “نتمسك بأرضنا وعندما نعود إليك يا سورية سنعيد البناء، ولن نكون لاجئين. كنا في السماء كالنجوم التي تتلألأ في الليل. والآن ننتظر. نحن سوريون ولسنا لاجئين”.

“لم يتبق أي شيء لإعطائه”

سعد نايل، البلدة ذات السكان السنة، تؤيد بشكل عام قضية الثوار الساعين إلى الإطاحة بالرئيس بشار الأسد في سورية، وقد رحبت باللاجئين -ومعظمهم تقريباً من السنة- عندما بدأت الحرب. لكن التوترات تتصاعد اليوم بين السكان وبين اللاجئين السوريين.

ويقول حسين شوباصي، عضو المجلس البلدي في سعد نايل: “في بداية الأزمة كنا سعداء باستقبال اللاجئين من منظور إنساني وديني. لقد أعطيناهم كل شيء نملكه. لكنهم استنزفونا حتى الموت. لم يعد لدينا أي شيء لنعطيه لهم”.

وقال مروان طرابلسي، العضو الآخر في المجلس البلدي، أن الحكومة اللبنانية تخصص للبلدية 500 مليون ليرة لبنانية (333.333 دولارا) سنوياً من أجل احتياجات البنية التحتية. ويضيف: “ما نزال نحصل على نفس المبلغ من الأموال، لكن عدد السكان لدينا ازداد بمقدار ثلاثة أضعاف بسبب اللاجئين”.

وفي الأثناء، خرجت الحكومة اللبنانية مؤخراً بخطة استجابة للأزمة بهدف المساعدة في التخفيف من عبء اللجوء، وهي تأمل في إقناع المجتمع الدولي في الاستثمار.

وعلى الرغم من أن الحكومة لم تنشر مبلغاً مستهدفاً تعمل على جمعه، فإن الحريري يقول أن الخط العام سيكون العمل على تأمين مبلغ يتراوح بين 10.000 إلى 120.00 دولار لكل لاجئ على مدار فترة سبع سنوات. وسوف تستخدم الأموال للاستثمار في البنية التحتية للبنان وللاستجابة للاحتياجات التعليمية للأطفال السوريين من خلال التدريب المهني وبرامج التعليم السريع.

ويقول نديم المنلا، مستشار الحريري لشؤون اللاجئين: “سوف يسمح لنا هذا بايجاد وظائف لهم (في لبنان) والسماح لهم بالعودة إلى سورية عندما تتوفر الظروف المناسبة حيث يستطيعون العمل في قطاع الإنشاءات”.

بينما تحاول الحكومة اللبنانية معالجة مشكلة اللجوء على مستوى كلي لتخفيف العبء الوطني، تعمل جمعية “بيوند أسوسييشن” وفق معيار إنساني جزئي، على أمل تحسين نوعية حيوات الأفراد.

وتقول السيدة العاصي: “ينظر الناس إلى اللاجئين ولا يرون إلا الخيام، لكنني أرى الأنوار التي تنبعث من الخيام”. وتضيف “إنهم موهوبون ويتوافرون على الإرادة للاستمرار في التعلم. الأموال ليست كل شيء في الحياة. ما عليك إلا أن تعطيهم خيارات واختيارات ودعم وهم يستطيعون بعد ذلك الاستمرار معتمدين على أنفسهم”.

*نشرت هذه القراءة تحت عنوان:

Lebanon’s dual approach to Syrian refugees: the personal and political

ترجمة عبد الرحمن الحسيني – الغد – 11/4/2017

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى