ترجمات أجنبية

تقرير مترجم عن كاونتربنتش – مخطط ترامب السيئ للقدس

كاونتربنتش – جون رايت – 12/12/2017
لا يشكل قرار الرئيس ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل خرقاً للقانون الدولي وحسب، وإنما يشكل أيضاً انتهاكاً أخلاقياً لحرمة القانون عندما يتعلق الأمر بتواطئه مع التفرقة العنصرية والتطهير العرقي وانتهاك حقوق الشعب الفلسطيني.
إعلان ترامب الذي قدمه على طريقة رئيس مافيا يعطي قطعة أرض لواحد من رؤساء عصابته، في هذه الحالة رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، لم يؤشر كثيراً على اعتراف بالقدس عاصة لإسرائيل بقدر ما يؤكد أن الولايات المتحدة وإسرائيل هما دولتان مارقتان.
في عهدة بنيامين نتنياهو، تبنت إسرائيل بحماس لا يلين موقفاً رافضاً عندما يتعلق الأمر بقيام دولة فلسطينية. وهو يعرف أنه لا يمكن لسلام قابل للحياة أن يوجد -وسوف لن يوجد- ما لم يوضع تحقيق العدل للفلسطينيين في قلب السلام. ولذلك كان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد وقف معزولاً في استرساله في العناد -حتى لو أن المعارضة لها كانت خافتة أكثر مما كانت قوية من جهة المجموعة الدولية المتبلدة- لكن حلمه الأكبر تحقق الآن بفضل ترامب الذي زوده بشريك عازم في رفضه الابتعاد قيد أنملة عن تبنيه للاستثنائية الإسرائيلية والاعتقاد بحق إسرائيل في أرض فلسطين غير قابل للخرق.
في الحقيقة، بطبيعة الحال، لم يكن لإسرائيل أبداً ولن يكون لها أي حق مطلقاً في الأرض الفلسطينية -ما لم تكن العوائق الدينية والتوراتية، المدعومة بكولونيالية الاستيطان، هي جوهر القانون الدولي والدبلوماسية في القرن الحادي والعشرين.
إن القدس بما لا يقبل اللبس أو الشك هي جزء من فلسطين المحتلة، كما أقرت بذلك الجمعية العامة للأمم المتحدة وأقر مجلس الأمن الدولي التابع للمنظمة الدولية. وغني عن البيان أن احتلالها يؤسس انتهاكاً لمعاهدة جنيف الرابعة، وعلى وجه التحديد للمادة 49 منها والتي تتعلق النقل والترحيل الإجباريين للمدنيين في الأراضي المحتلة إلى خارجها وتهجير مواطني الاحتلال المدنيين إلى داخل تلك الأرض المذكورة.
بذلك يكون انتهاك القانون الدولي بتعيين القدس عاصمة لإسرائيل واضحاً ولا جدال فيه، تماماً كما كان حاله طيلة فترة احتلالها الممتدة منذ عقود. وكان المفقود طوال هذا الوقت، وفي هذه المرة أيضاً للأسف، هو الإرادة الضرورية من جانب المجموعة الدولية لاتخاذ إجراءات جادة تجبر إسرائيل على التقيد بالتزاماتها بموجب القانون الدولي كدولة عضو في الأمم المتحدة.
يكمن السبب الوحيد في أن إسرائيل ما تزال تسخر من تلك الالتزامات في تحالفها طويل الأمد مع واشنطن التي تزودها بدعم عسكري ومالي لا نظير له. والعلاقة التي تربط بين المؤسستين السياسيتين في كلا البلدين طويلة الأمد، وهي “غير قابلة للفصم” بلكمات الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة، باراك أوباما.
ومع ذلك، فإن الفكرة بالتأكيد هي أن أحداً لا يطلب أو يتوقع لهذه العلاقة أن تنفصم. وكل ما سيتوقعه الناس الذين يتوافرون على نية طيبة يتوقعون -ويحق لهم أن يتوقعوا- هو أن واشنطن -باستثناء مواطنيها الأصيلين الخاصين كجزء من تاريخها الخاص المخجل- ستقف في جانب القانون الدولي (الكلمة الحاسمة هنا هي كلمة ‘دولي’) بدلاً من أن تكون متواطئة في انتهاكها كما اعتادت وتستمر في أن تكون كذلك عندما يتعلق الأمر بدعمها لاحتلال إسرائيل لفلسطين.
لقد ألقى تهور ترامب وعدم احترامه لحرفة الدبلوماسية مرة أخرى قنبلة يدوية مجازية في وسط قضية ومنطقة، واللتين تحتاجان إلى تطور استثنائي، مثلما يحتاج رجل مصاب بسوء التغذية إلى نظام غذائي صارم. فهل يعتقد الرئيس الأميركي الحالي بأن هذا الأمر لعبة؟ وهل يستوعب أن من المفترض فيه أن يكون زعيم أقوى بلد في العالم، وليس شخصية متكررة الظهور في مسلسل “عائلة سوبرانو”؟
يقول كم الانتقاد الذي توجه إلى هذا التطور من كل أنحاء العالم قصته الخاصة. إنه تطور يدق آخر مسمار في نعش عملية السلام في الشرق الأوسط، ويدفع بالفلسطينيين على الطريق نحو المقاومة الفسيولوجية في شكل انتفاضة ثالثة كواحد من تداعياته.
ومَن يستطيع أن يلومهم؟ لقد مضت عقود من التواجد تحت العقب الوحشي للاحتلال في الضفة الغربية -حيث تمددت وتوسعت المستوطنات اليهودية غر القانونية وتستمر في الانتشار، وحيث المئات من نقاط التفتيش تقف تذكرة يومية بإخضاعهم والحط من قدرهم، وحيث الأراضي المحتلة التي تحوي موارد طبيعية والتي سوف يستمر الاحتلال في انتزاع ملكيتها- والتي لا يمكن أن يكون لها سوى طعم العلقم. وفي الأثناء، تستمر غزة في الوجود تحت حصار يرقى إلى أن يكون عقاباً جماعياً، حصار لا يبدي أي إشارة على الانتهاء في أي وقت قريب. وبشكل عام، ما تزال “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط” منخرطة في تجربة جماعية في البؤس الإنساني.
المفارقة أن هذه الخطوة الغرائبية التي اتخذها ترامب تضعف الأمن الإسرائيلي ولا تقويه. وسوف تخدم تهميش الأصوات الفلسطينية المعتدلة وتسمح للأصوات الأكثر تطرفاً بالتقدم إلى الواجهة، وتكون قادرة على أن تشير إلى هذا الإجراء على أنه دليل غير قابل للدحض على عقم الحل الدبلوماسي للأزمة، وعلى جلب الدعم لإيمانها في المقاومة بأي وسائل ضرورية، بما في ذلك، كما ذكرنا، المقاومة الفيزيائية. ويبدو أن هذه هي اللغة الوحيدة التي يفهمها أولئك البلطجية في البذلات الأنيقة.
أن يكون فهم ترامب للشرق الأوسط بكل تعقيداته ليس عريضاً بشكل كافٍ ليناسب حتى خلفية طابع بريد حقيقي، ليس موضع جدال. وفي الحقيقة، من المغري تطبيق وصف الحكم القديم على الرئيس الأميركي الخامس والأربعين، والذي كان أحد أسلافه -ليندون جونسون- قد أصدره: “غبي جداً إلى درجة لا يستطع معها فعل أي شيء ومضغ اللبان في الوقت نفسه”.
*نشر هذا المقال تحت عنوان:
Trumps Jerusalem Ploy
ترجمة عبد الرحمن الحسيني – الغد – 18/12/2017

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى