ترجمات أجنبية

تقرير مترجم عن فورين بوليسي إن فوكس – النكبة الجديدة في الشرق الأوسط.. هل نعيد رسم الحدود؟

فورين بوليسي إن فوكس – ترجمات – 2/4/2017

يطرح الكاتب والمخرج جون فايفر تساؤلات عديدة حول حدود الشرق الأوسط والحروب المشتعلة، من المستفيد من دمار سوريا؟

بعد منتصف ليل 15 أغسطس 1947، أصبحت الهند وباكستان دولتين منفصلتين. هل شاهدتم احتفالات؟ ما كان يفترض أن يكون مناسبة سعيدة تمتلئ باحتفالات الاستقلال من الحكم الاستعماري، تحول بسرعة إلى واحدة من أكبر مآسي التاريخ الحديث.

بحلول نهاية عام 1948، نُزح المسلمون من الهند كما نُزح الهندوس من باكستان. نتج عن ذلك قتل مليون شخص، حيث زرع المتطرفون في كل من الدول الناشئة النقية بذور العنف والعنصرية.

قال المؤرخ “Nisid Hajari” في كتابه الجديد (ضراوة منتصف الليل) أن العصابات المتطرفة تضع قرى بأكملها تحت الحصار، مُعرّضة أطفالها وكبارها للقتل والاغتصاب. نعم؛ التقسيم أخطر من الحرب.

تهجير المواطنين.. أقبح ما في التاريخ الحديث

الحرب العالمية الأولى، انهيار الإمبراطورية العثمانية، وما تلاه من صراع دام ثلاث سنوات بين تركيا واليونان. قدّر التاريخ اليوناني ضحايا التطهير العرقي في تركيا بـ1.5 مليون، حيث طردت تركيا الكثير من سكانها المسيحين اليونانيين، وهكذا طردت أيضا اليونان نصف مليون من سكانها المسلمين.

ورغم أن عدد الوفيات خلال هذا التبادل والصراع كان أقل مما كان عليه في الهند، إلا أن المعاناة البشرية لا تزال هائلة ومستمرة. هكذا اختفت مجتمعات محلية كاملة بين ليلة وضحاها، من أجل؟!

استندت التبادلات السكانية بين جنوب آسيا والبلقان إلى الإثنية والدين، وفي بعض الحالات الأخرى أجبرت الأيدلوجية الناس على الفرار من اتجاه إلى آخر. عام 1917، بعد الثورة الروسية وانتصار القوات الحمراء في الحرب الأهلية اللاحقة، تحكمت الأيدلوجية وترك البيض الخاسرون متجهين لتجمعات الفائزين.

واليوم تشهد منطقة الشرق الأوسط تهجير سكاني واسع النطاق، وهو الثالث من نوعه في المنطقة خلال القرن الماضي، حيث يلعب الدين والإثنية والأيدلوجية دورا هاما في النزوح، أيا كانت الأسباب، الاضطراب أمر مكلف للغاية.

تنتشر الأموات في كل زاوية بالشرق الأوسط، يتم إعادة رسم الحدود، وأسنان التنين تلتمع خلف الستار.. تزرع أيدلوجية لا علاقة لنا بها في الأجيال القادمة.

حدود وشرق أوسط جديد

خلال التاريخ الحديث، شهد الشرق الأوسط ثلاث موجات متميزة من إعادة رسم الخرائط وتشتيت المواطنين الأصليين. أولها جاء نهاية الحرب العالمية الأولى مع انهيار الإمبراطورية العثمانية وخلق الدولة التركية الحديثة من جثتها.

كما جاءت الموجة الثانية مع انسحاب القوى الأوروبية في ثلاثينيات وأربعينات القرن العشرين، حيث انتجت النسخ الحديثة من العراق ولبنان وسوريا والأردن.

وتزامنت الموجة الثالثة مع إنشاء دولة إسرائيل عام 1948، وتجمع شتات اليهود مقابل شتات الفلسطينيين وحرمان الملايين في أفجع كارثة بالتاريخ الحديث.

اليوم، تشهد المنطقة برمتها النكبة، حيث تجري إعادة رسم خطوط الشرق الأوسط. إن الدول التي اعتبرناها مسلمة منذ زمن (العراق وسوريا ومصر والمملكة العربية السعودية) تتغير.

سلسلة الأحداث التي تحركها الغزوات الأمريكية لأفغانستان والعراق تصل بلا نهاية إلى نتائج منطقية لمفهوم -رد فعل الحرب- ولم تهدف أبدا توطيد الديمقراطية. تتفكك الكيانات المتعددة الأعراق والطوائف، وتتجمع القوى القومية ضد المتطرفين الدينيين، لكن من يسيطر على المنطقة؟

تقوم القوى الخارجية بدفق الأسلحة والأموال في محاولة زائفة للسيطرة على النتيجة، فلم تعد تهتم الأهالي بنتيجة الفوز وتركوا التصويت والنتيجة تاركين أوطانهم لأطماع أصحاب اللعبة.

شتات الشرق الأوسط

يتدفق الملايين من اللاجئين من سوريا وأفغانستان والعراق، إلى البلدان المجاورة، ونتيجة لنقص تدفق الأموال المتاحة لإدارة تدفق اللاجئين، وما نجم عنه من نقص تغذية ورعاية صحية في المخيمات تحرك اللاجئون في موجة جديدة من الشتات معظمها إلى أوروبا.

في تطور موازي، يسير العشرات في الاتجاه المعاكس، حيث اجتذب تنظيم داعش ما يقرب لثلاثين ألف لاجىء خلال العامين الماضين. ونظرا لتدفق ألف مجند كل شهر، فإن الكيان يمتلك قوة قتالية من 20 إلى 30 ألف، هذا غير ما يشهده التنظيم المتطرف من قتلى يوميا نتيجة للغارات الجوية.

ورغم اشتراك مجندي التنظيم في الإسلام السني، إلا أن قرارهم يعتبر هجرة ذات دوافع أيدلوجية، تشبه مثيلتها القرن الماضي مع الاتحاد السوفيتي، وربما نغرق مرة أخرى في العصور المظلمة بأزمة اللاجئين الراهنة.

من سبب الدمار؟

تلتزم كل من الولايات المتحدة وروسيا بتعزيز جهات الصراع في الشرق الأوسط، وقد أيدت روسيا منذ زمن نظام بشار الأسد، محاولة لتصوير النظام الديكتاتوري كأفضل فرصة للقضاء على داعش.

كما أرسل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مقاتلات نفاثة متقدمة وكتيبة من الجنود لمحاربة قوة أعلنت بالفعل عن دولة تابعة لها على الأراضي الروسية شمال القوقاز. وفي زمن قليل شنت روسيا أول هجوم على داعش في سوريا.

وهكذا تسعى الولايات المتحدة مكافحة داعش بوضع استراتيجية “قلوب وعقول” لمكافحة التطرف العنيف، وفي ظل حديثها حول القلوب وآثار العنف، تدعم واشنطن مقاتلي المعارضة وتدرب المقاتلين. والنتيجة المؤكدة لهذه الاستراتيجية، التجزئة السريعة في سوريا.

كما اثبتت تجربة العراق سابقا فشل استراتيجية الولايات المتحدة، حيث تكتلت التحالفات والنزيف مستمر. سوريا والعراق ليستا الدولتين الوحيدتين المنجرفتين للقاع، حيث انخفض عدد السكان المسيحين في المنطقة إلى 4% فقط.

في الوقت نفسه، يتسع صراع الشيعة والسنة بالمنطقة، حيث تضطهد السعودية الشيعة، وآخر قضاياها علي النمر الذي اعتقلته السلطات قبل أربع سنوات عندما

كان عمره 16 عاما، حيث شارك الصبي في احتجاجات ضد التميز ضد الشيعة، وتخطط الحكومة السعودية لقطع رأسه.

في المقابل تضطهد إيران السنة، وتقوم باعتقالهم دون أسباب حقيقية إضافة لعدم توفير التعليم والعمل الكريم. ثم هناك إسرائيل التي قامت بأقصى قدر ممكن لعزل الفلسطينيين. فالوضع داخل إسرائيل أصبح ساما جدا، ويقوم أهالي دولة الاحتلال بالهجرة خوفا من عدم الاستقرار والحروب.

وأخيرا، مع انتشار الأيدي الخارجية والعمل الاستخباراتي.. الشرق الأوسط على حافة دوامة الموت.

التقرير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى