ترجمات أجنبية

تقرير مترجم عن فورين أفيرز – مخابرات “داعش” ترفض أن تموت

فورين أفيرز – فيرا ميرونوفا؛ وإيكاترينا سيرغاتسكوفا؛ وكرم الحمد – 22/11/2017
في عتمة منزل آمن في الموصل يؤوي عشرة جنود عراقيين، يومض الضوء الأزرق من الأجهزة المحمولة لاثنين من الضباط المنشغلين في تحديد أماكن السيارات المفخخة، والعبوات الناسفة البدائية، وقواعد “داعش”، وتعقب أسماء أعضاء التنظيم. وكان الذين يزودونهما بهذه المعلومات مدنيين موجودين عميقاً في مناطق “داعش”. وعلى الجانب الآخر من جبهة المعركة، كانت المسألة نفسها تحدث في الاتجاه المعاكس. وكانت هذه العمليات الأخيرة أكثر تطوراً وتعقيداً بالعديد من الطرق. وحتى في هذا الوقت، بينما تتفكك المنظمة الإرهابية، ما يزال مكتب استخباراتها يشكل تحدياً خطيراً.
حرب المعلومات
بالنسبة للعديد من المدنيين الذين يزودون السلطات العراقية بالمعلومات عن “داعش”، فإن القيام بذلك هو طريقتهم للصمود في وضع بائس. وقال لنا أحد ضباط الاستخبارات العسكرية العراقية: “الكثير من الناس في الموصل أرادوا التعاون معنا لأنهم يريدون الانتقام من “داعش” لقتله أفراداً من عائلاتهم”. وبالنسبة لآخرين، كان الهدف من قبول الوظيفة هو محض الفائدة المالية –المدفوعات التي يعتمد حجمها على المعلومات التي يتم تقديمها.
كانت عملية جمع المعلومات سهلة بما يكفي. وقد فعلت إحدى المُخبرات الإناث في الموصل ذلك بالعبث مع مسلحي “داعش”. ولتجنب جذب الانتباه، كانت تسير مع أبناء وبنات شقيقها الصغار، لأنه ليس لها أولاد. وعملت امرأة أخرى كمصففة شعر، وتجسست على قادة “داعش” من خلال زوجاتهم اللواتي كُن يزرن صالونها في كثير من الأحيان.
أما الجزء الصعب من العمل فهو إيصال المعلومات التي يتمكن المخبرون من جمعها. كانت المناطق التي يسيطر عليها “داعش” محاطة بالقوات العراقية والقوات المتحالفة معها، ولذلك كان من المستحيل تمرير المعلومات بشكل شخصي. كانت ما تزال هناك مقاهٍ للإنترنت في “الدولة الإسلامية”. أما في الموصل على الأقل، وفقاً للسكان المحليين، فإنه “لم يكن هناك موظفون فيها لم يكونوا من عناصر “الأمني” (جهاز الأمن الداخلي لدى “داعش”)، و”لم يكن هناك أي زبائن ليسوا من أعضاء التنظيم” أيضاً. كما كان “داعش” يشتبه دائماً بالأجهزة الإلكترونية المتطورة. وفي نفس يوم استيلائه على الموصل، قيل إنه اعتقل مدنياً بتهمة التجسس لأنه كان يرتدي ساعة رياضية مزودة بنظام لتحديد الموقع الجغرافي (جي. بي. أس).
مع أن بعض المُخبرين كانوا يمتلكون هواتف أقمار صناعية، فإن الطريقة الأكثر مُباشرة لبث المعلومات كانت من خلال هاتف محمول بسيط. لكن “داعش” حظر هذه الهواتف، وهو ما عنى وجوب أن يكون المخبرون خلاقين في إخفائها. وقد فعلت المُخبرة الأنثى المذكورة ذلك بإخفائه في حمالة صدرها؛ ووضعها آخرون في أعالي الأشجار، وفي أوانٍ مختلفة في المطبخ، وفي قطع الأثاث. وقال لنا أحد الأشخاص أنه دفن جهاز هاتفه في الحديقة، وكان يستخرجه مرة واحدة في الأسبوع فقط لإرسال المعلومات.
ومن هناك، أصبحت الأمور أكثر خطورة فحسب: لم يكن من السهل العثور على تغطية خليوية جيدة في الموصل، ولذلك ترتب على المخبرين إرسال الرسائل النصية من أماكن مرتفعة، مثل الطوابق العليا للبنايات أو الأحياء المرتفعة على التلال. وبطبيعة الحال، كان أعضاء “داعش” يعرفون هذا جيداً، ولذلك قاموا بتفتيش كل شخص يذهب إلى هذه المناطق في مواعيد متباعدة. وإذا وجدوا هاتفاً يحتوي على رسائل ذات صلة، فإن ذلك يعني إعدام حامله. بل إن الهاتف الخالي من الرسائل كان أكثر إثارة للاشتباه. وكان يعني تعرض مالكه للتعذيب.
على الرغم من المخاطر المتضمنة، واصل المخبرون عملهم ولعبوا دوراً حاسماً في التحضيرات للحرب ضد “داعش” وخلال سير العمليات الرئيسية، مثل تلك التي حدثت في الموصل.
جمع المعلومات
بينما خاطر المخبرون بأرواحهم من أجل الحصول على المعلومات عن “داعش” وتقديمها للقوات العراقية، كانت المعلومات تتدفق أيضاً في الاتجاه المعاكس: من المتعاطفين مع “داعش” الموجودين خارج مناطق التنظيم إلى القيادة والسيطرة في “داعش”. وكانت طرقهم في جمع المعلومات متطورة نسبياً لأنهم لم يعتمدوا على خبرة العراقيين الذين عملوا مع أجهزة مخابرات صدام حسين فحسب، وإنما على خبرة المقاتلين الأجانب من البلدان المختلفة أيضاً.
في مرحلة التحضير للسيطرة على المدن والبلدات العراقية الرئيسية، يبدأ “داعش” بجمع المعلومات عن طريق اختراق مختلف المؤسسات الحكومية هناك. وكان السكان المحليون يعرفون ذلك، لكنهم كانوا خائفين من الإبلاغ عن أي شيء. وعلى الرغم من أن “داعش” ركز على المؤسسات والأجهزة الأمنية، فإنه كان يجري أيضاً عمليات تجسس اقتصادي. وعلى سبيل المثال، زرع التنظيم قبل الاستيلاء على الموصل عملاء في متحف المدينة الذي نهبه لاحقاً. ووفقاً لمديرة المتحف، ريا عبدالمحسن، فقد جاء إلى المتحف قبل استيلاء “داعش” على المدينة موظف جديد مثير للشبهة، والذي كان يجمع المعلومات على الأرجح حول أماكن تخزين أغلى القطع الأثرية فيه.
بعد أن استولى “داعش” على مناطق رئيسية، حاول جمع المعلومات الاستخبارية عن المناطق الخاضعة للسيطرة العراقية. وكان سواقو سيارات الأجرة المحليون مفيدين بشكل خاص في هذا الإطار، خاصة عندما كان التنقل بين المناطق الخاضعة لسيطرة “داعش” وبقية العراق متاحاً بحرية. وقد تم اعتقال معظم هؤلاء السواقين لاحقاً. وبالإضافة إلى ذلك، تم في العام 2015 اعتقال مدراء في الكثير من فنادق بغداد بسبب تعاونهم مع “داعش”. وفي العام 2016، تم اعتقال أستاذ مدرسة في كردستان،- -ليس لأنه قام بتقديم المعلومات لـ”داعش” فحسب، وإنما لقيامه بشراء أرصدة هاتفية لهم حتى يتمكنوا من استلام المعلومات.
في الوقت نفسه، كان “داعش” يتجسس على المدنيين في مناطقه الخاصة. وعلى سبيل المثال، استخدم التنظيم الأطفال للتنصت على المحادثات في الشوارع، وفي الأسواق، وحتى في حركة الشارع. وكان البالغون يرتادون الأماكن العامة الأخرى. ويقول أحد عناصر مخابرات “داعش”: “كنتُ أذهب إلى محلات الحلاقين في المدينة وأستمع إلى الأحاديث بينما أنتظر دوري. وذهبتُ إلى المساجد بعد الصلوات واستمعتُ إلى ما يتحدث عنه الناس بينما أتظاهر بأنني أقرأ القرآن”.
التجسس ومكافحة التجسس
في إحدى المراحل، يبدو أن “داعش” تمكن من اختراق قوات العدو. وقد اشتبه بعض عناصر المخابرات الكردية بأن بعض الجنود في قوات البشمرغة كانوا متعاطفين مع “داعش” وقاموا بتمرير المعلومات إلى المجموعة. ووفقاً لهلكورد حكمت، المتحدث باسم وزارة البشمرغة في حكومة إقليم كردستان، فإنه “حتى هذا الوقت، لم نعثر على أعضاء من “داعش” في البشمرغة، لكني لا أقول أن ذلك مستحيل”. وفي سورية، لدى “داعش” جواسيس في المجموعات المسلحة الأخرى من غير الدول. وفي وقت قريب هو قبل شهرين فقط، تم التعرف إلى مقاتل أجنبي ينتمي إلى تنظيم هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) كمخبِر لـ”داعش”.
بدوره، طور “داعش” عملية معقدة لمكافحة التجسس والتي ركزت على الإمساك بالأشخاص الذين يتجسسون عليه من الداخل. وكان التفكير بالحاجة إلى مثل هذه العملية مفهوماً. فعندما شرعت القوات العراقية في استعادة الأراضي، بدأ الكثير من أعضاء التنظيم من المستويات الدنيا والوسطى يفكرون في التعاون مع الحكومة العراقية من أجل الحفاظ على أرواحهم. ومع الوقت، أصبح “داعش” أيضاً أكثر قلقاً من التعرض للاختراق من أجهزة الاستخبارات الأجنبية. ولم يُقتصر الأمر على أن ضربات التحالف الجوية تستهدف قادة التنظيم بدقة، وإنما تحدث الزعماء الأجانب علناً عن اختراق “داعش”. وكما لاحظ الزعيم الشيشاني رمضان قاديروف، “حتى قبل أن يصبح “داعش” معروفاً كـ”داعش”، كان لنا عملاؤنا هناك”.
كان المسؤول عن استئصال الخونة هو جهاز الأمن الداخلي لتنظيم “داعش”، المعروف باسم “الأمني”، الذي استقطب بعضاً من أكثر أعضاء التنظيم خبرة وتفانياً، واستخدم إجراءات تحقق بالغة الصرامة. وعلى سبيل المثال، كان من الطبيعي أن يغير المقاتلون في سورية المجموعات التي ينتمون إليها عدة مرات، لكن “الجهاز الأمني” جند فقط أولئك الذين لم يقاتلوا مع أي مجموعات أخرى غير “داعش”. وبالإضافة إلى أعضاء “الأمني”، استخدم “داعش” جيشاً من المخبِرين الذين عملوا متخفين وكانوا يقبضون مكافأة تبلغ 5.000 دولار عن كل جاسوس يتم القبض عليه. ولم يكن ذلك الأجر مرتفعاً فحسب (متوسط راتب المقاتل في “داعش” يتراوح بين 100 و250 دولارا في الشهر)، وإنما كان عمل المرء مُخبراً يشكل طريقة لتحقيق قفزة في المهنة. وقد بدأ شخص شبه أمي عمله كمخبر في قريته خارج الموصل، وتمكن لاحقاً من الحصول على وظيفة في محكمة استئناف “داعش” في الموصل. وعمل بعض المدنيين كمخبرين للـ”أمني” لأنه ساعد أعمالهم التجارية. وعلى المستوى النظري، كان بوسع كل شخص افتتاح عمل في مناطق “داعش”، أما في الممارسة، فكان الشخص يحتاج إلى ثقة المنظمة. وأمكن كسب هذه الثقة عن طريق تزويد “داعش” بالمعلومات. لأن “داعش” كان خائفاً جداً من التعرض للاختراق على مستوى المنظمة، فقد استخدم باستمرار مخبرين متخفين لمراقبة أعضائه أنفسهم. وفي حالة المقاتلين الأجانب، عادة ما بدأت هذه المراقبة حتى قبل أن يأتي المقاتل إلى سورية. أولاً، كان مخبرو “داعش” بين أنصار المجموعة في المجتمعات الغربية يتحققون من المقاتلين المحتملين، ثم يتم رصدهم بشكل متواصل بعد وصولهم إلى تركيا. وعلى سبيل المثال، قام مقاتل محتمل من كازاخستان بتصوير نفسه وهو يعبر الحدود إلى سورية من تركيا. ولاحظ مهرِّب ذلك، فاعتقل “الأمني” المقاتل على الفور، وتم إعدامه لاحقاً –كل ذلك حتى قبل أن ينضم إلى المجموعة. وقد اشتبه “داعش” بأنه كان يصوِّر فيلماً للمعبر حتى يرسل إحداثياته إلى حكومة أجنبية. وفي داخل التنظيم “كان كل فرد في حالة خوف دائم من التجسس عليه”، كما يتذكر مقاتل سابق في التنظيم. ووفقاً له، كان من المستحيل مناقشة أي شيء، حتى مع الأصدقاء من نفس العِرق في وحدة المقاتل، لأن مخبري “الأمني” كانوا يسجلون المحادثات.
قام التنظيم بإعدام غالبية الجواسيس المشتبه بهم، وإنما تمت تبرئة بعض المحليين في بعض الأحيان وإطلاق سراحهم. ووفقاً لمقاتل أجنبي سابق في “داعش” (وسجين لاحقاً لدى التنظيم)، فإن الجاسوس المزعوم الذي لا يتوفر دليل موثوق ضده كان يستطيع رشوة “الأمني” لتسريع العملية، وكان بوسع بعض المحليين استخدام صلاتهم ومعارفهم لإخراجهم من السجن. وقد سُجن أحد المدنيين بتهمة التجسس، لكن سراحه أطلِق لاحقاً. وقال: “خرجتُ فقط لأن أحد أقاربي كان يحتل منصباً رفيعاً في المنظمة. وقد ساعدني، لكنه ندم على ذلك في وقت لاحق لأن ذلك كلفه خسارة ترقية”. وفي حالة الأجانب المتهمين بالتجسس، كان الوضع أكثر خطورة. وقال عضو في “داعش” سُجِن مع أناس أُعدِموا لاحقاً كجواسيس لجهاز الاستخبارات الاتحادي الروسي، أن “واحداً منهم، وكان نصف كازاخي ونصف كابارديني، كان صديقاً لوقت طويل لعضو كبير ناطق بالروسية في “الأمني” من كابارديانو بلكاريا أيضاً. ولكن، حتى ذلك لم يساعد”.
عادة ما نُفذت عمليات إعدام السجناء المحليين في الأماكن العامة على سبيل التحذير. وكان المقاتلون الأجانب يُجبرون على تسجيل اعترافاتهم بالذنب بالفيديو قبل الإعدام. ثم يتم توزيع هذه الفيديوهات للاستهلاك العالمي. وكان من المعروف في السجن أن السجين سيُعدم بعد الاعتراف، ولذلك رفض الكثيرون من المقاتلين الأجانب القيام بذلك، في محاولة لكسب الوقت.
من المؤكد أن كل ذلك كان مثيراً للجدل، حتى داخل “داعش” نفسه. وقد رفض بعض المقاتلين التعاون مع “الأمني” على أسس أخلاقية. ويبدو أن القوة حاولت في بعض الأحيان تجنيد الحراس الشخصيين لكبار القادة، لكن العديد منهم رفضوا التجسس على الناس الذين يُفترض أنهم يحمونهم. وكان بعض المقاتلين النظاميين أكثر صراحة في رفضهم، وتعرض مخبرو “الأمني” لهجمات في بعض الحالات. وعلى سبيل المثال، اشتبه مقاتل أجنبي تونسي بأن سائق سيارة الأجرة التي يستقلها عضو في الأمني، لأن لديه –على الرغم من ارتدائه ملابس مدنية- مسدسا أوقنبلة يدوية في سيارته. وقد طعنه المقاتل التونسي بسكين. وفي الحقيقة، دخل المئات من الناس السجن بسبب مهاجمتهم أعضاء في “الأمني”.
مع مرور الوقت، تسارعت مثل هذه المواجهات، حتى أن بعض وحدات “داعش” هاجمت “الأمني”. وعلى سبيل المثال، في العام 2015، عندما اعتقل “الأمني” فتاة عمرها 16 عاماً من كازاخستان، أخد والدها الذي كان عضواً في وحدة هجومية من “داعش” عشرة مقاتلين بأسلحة ثقيلة إلى السجن للمطالبة بإطلاق سراح ابنته. وأطلق حراس السجن من “الأمني”، الخائفون على أرواحهم، سراح الفتاة. وفي وقت لاحق، تعرض كل الذين شاركوا في الهجوم للاعتقال أو أنهم اختفوا.
على الرغم من أن هذه الرقابة الداخلية المعقدة حمت المجموعة، فإنها زادت من انعدام الثقة في المنظمة وقيادتها أيضاً، وهو ما أفضى إلى نشوب النزاعات الداخلية وإلى سقوط “داعش” في نهاية المطاف.
لم ينتهِ الأمر بعد
في العراق، انتهت حرب الأسلحة، لكن حرب المعلومات لم تفعل. فقبل كل شيء، تمكن العديد من أكثر أعضاء “الأمني” خبرة وتفانياً من الهرب عندما سقط “داعش”. وقد تمتع هؤلاء، بالمقارنة مع مقاتلي التنظيم الآخرين، بحرية نسبية في الحركة. ولذلك، عندما بدأت العملية العراقية في الموصل انتقل العديد من العملاء إلى المناطق المحررة، وكانوا يزودون “داعش” منها بأحدث المعلومات عن حركة القوات العراقية. وحتى في ذلك الوقت، لم يكن وجودهم سراً بالنسبة للسكان المحليين. في البداية، رفض الذكور في المناطق المحررة حتى حلق لحاهم، خائفين من بقاء عناصر “الأمني” في الخلف لمراقبة الذين ينتهكون سياسات “داعش” الخاصة باللباس والمظهر. ووفقاً لعضو كبير في “الأمني”، والمختبئ الآن، فإن هناك نحو 1.500 من أعضاء “داعش” ما يزالون متمركزين في الموصل ومستعدين لحمل السلاح.
مع ذلك، من غير الواضح ما إذا كان “داعش” سيتمكن من اختراق مؤسسات فرض القانون المحلية مرة أخرى. فقد حلت قوات الحشد القبَلي، التي تتكون في معظمها من الجماعات السنية المحلية، محل نظيرتها الشيعية غير المحلية، قوات الحشد الشعبي، وهي مسؤولة عن الأمن في العديد من المناطق. ومع أن ضباط قوات الحشد القبَلي يتمتعون بثقة السكان المحليين أكثر من قوات الحشد الشعبي، فإن بعض المدنيين (والجماعات المسلحة الأخرى) يخشون أن تكون قوات الحشد القبَلي مخترقة فعلاً من “داعش”. وربما تكون هذه المخاوف محقة. فخلال تدريب ما قبل الانتشار في العام الماضي، اكتشفت ميليشيات الحشد القبَلي واعتقلت جاسوساً لـ”داعش” في صفوفها. ووفقاً لفيصل جبار، قائد إحدى مجموعات الحشد القبَلي المتمركزة في غرب الموصل، فإن “هذه المخاطر حقيقية جداً، لكننا نبذل قصارى جهدنا لتقليلها. وعلى سبيل المثال، حتى ينضم أحد إلى مجموعتنا، فإنه يجب أن لا يكون قد خضع لحكم “داعش” في الموصل، وأن تكون معه توصيات من المجتمع، ونقوم بالتحقق من اسمه مع المؤسسات الأمنية في كل من كردستان وبغداد”. ولكن، لا تعمل كل المجموعات بهذه الدقة، خاصة عندما يكون من الصعب العثور على مرشحين مؤهلين.
يتطلب حل مشكلة استخبارات “داعش” أن تكسب القوات العراقية ثقة السكان المحليين، وأن تزيد من تعاونها الاستخباراتي مع مختلف الجماعات المسلحة ومختلف البلدان. وسوف يكون من الأسهل القبض على مخبر لتنظيم “داعش” إذا تقاسمت المجموعات المتمركزة في نفس المدينة المعلومات الاستخبارية. وليست هذه مشكلة تخص العراق وحده. فقد كان الأجانب في “الأمني” (وخاصة في قيادته) من بين أعضاء التنظيم الأكثر احتمالاً للهروب من العراق وسورية والتوجه إلى أماكن أخرى –بما فيها أوروبا. وما يزال البعض منهم يعملون مع “الأمني”. وهم يستطيعون إدارة أنشطة “داعش” في المكان الجديد، ببساطة.
*نشر هذا الموضوع تحت عنوان:
ISIS” Intelligence Service Refuses to Die
ترجمة علاء الدين أبو زينة – الغد – 29/11/2017

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى