شؤون اقليمية

تقرير مترجم عن صحيفة ديلي ميل : هل فازت باكستان في حربها على الإرهاب وانتهت منه؟

ديلي ميل – ترجمات – 4/3/2017

مقال للصحفي بيتر أوبورن بعد زيارته لمنطقة وزيرستان شاه

لأكثر من عقد كانت منطقة وزيرستان الشمالية في باكستان معقلًا للإرهاب العالمي. وكانت هذه المنطقة الجبلية على الحدود الأفغانية موقعا آمنًا ومنه شُنت العديد من الهجمات على العالم معظمها استهدفت بريطانيا.

لأكثر من عقد كانت منطقة وزيرستان الشمالية في باكستان معقلًا للإرهاب العالمي. وكانت هذه المنطقة الجبلية على الحدود الأفغانية موقعا آمنًا ومنه شُنت العديد من الهجمات على العالم معظمها استهدفت بريطانيا.

على سبيل المثال، خطط راشد رؤوف والذي كان على قائمة المطلوبين في العالم تفجيرات لندن في 2005 والتي أودت بحياة 52 شخصًا وأصيب من يقرب من 770 آخرين.

رؤوف – الذي ولد في باكستان ولكنه تطرف على أيدي طائفة في برمنغهام في أواخر سنوات مراهقته بعد الانتقال لبريطانيا في أواخر الثمانينات – اشتبه فيه أيضاً بأنه زعيم مؤامرة فاشلة لتفجير متفجرات سائلة على متن طائرة عبر المحيط الأطلسي في 2006، والتي قال ضابط بريطاني أنها كانت ستسبب قتل جماعي على نطاق لا يمكن تخيله.

لقد سافرت بانتظام لهذه الدولة في أسوأ أيامها وكان يبدو أنها على وشك الانهيار وبالطبع في هذه المرحلة تم اعتبارها أكثر دولة خطرة في العالم من قبل الاستخبارات

البريطانية وغيرها من الوكالات العالمية، وهذا الأسبوع كنت أول صحفي غربي يزور عاصمة شمال وزيرستان، ميرانشاه منذ سنوات.

في هذه الشوارع أمر قادة طالبان بقطع الرؤوس على مرأى العامة، وربى قادة القاعدة الأطفال الأبرياء ليصبحوا مفجرين وانتحاريين. ويبدو الأمر خياليًا، حيث كانت القاعدة وطالبان يقودان في مناطق القبلية الباكستانية ولكن قال الجيش الباكستاني إنه تم طرد كل مقاتل.

ويبدو الأمر مُعجزة بعد تمكن باكستان من النجاة من كل هذه الكوارث. وتعتبر هذه قصة تفاؤل عن إمكانية هزيمة الإرهابيين؛ فبعد هجوم متواصل تمكنت القوات الباكستانية من السيطرة على ميرانشاه ولكنها تركت مشهدًا مدمرًا؛ حيث تحولت الشوارع إلى ركام.. سوق المدينة القديم الذي كان يحتوي من قبل على أكثر من 600 متجر تم مساواته بالأرض.

ويعود الإرهاب في المنطقة إلى 11 سبتمبر وما أعقبه من غزو أفغانستان من الحلفاء الغرب للثأر من الهجوم على أمريكا. ومن أجل الهروب من ملاحقات القوات البريطانية والأمريكية، هربت قوات القاعدة وطالبان من معاقلهما في أفغانستان إلى المناطق القبلية في باكستان. حيث كانوا في حماية القبائل المحلية وكان لدى معظمهم روابط قوية مع أفغانستان.

واستخدمت طالبان قواعدها الجديدة في باكستان في الوقت المناسب للهجوم على القوات البريطانية والأمريكية في أفغانستان، وتدفق العديد من المقاتلين الأجانب ومنهم الجهاديين البريطانيين للانضمام لهم. وهو ما وضع الجيش الباكستاني تحت ضغط كبير من الغرب لمهاجمة طالبان في هذه المناطق.

تمكن الجيش الباكستاني أخيرًا من إخلاء المنطقة من آخر معقل إرهابي بعد معارك طويلة. ولكن ليس قبل إطلاق طالبان لعدد من الهجمات داخل باكستان نفسها وهو ما أدى لدخول الدولة في حرب أهلية دامية أدت لموت عشرات الآلاف.

وقال اللواء حسن أزهر والذي رافقني خلال الرحلة الميدانية، إن الدمار الذي حدث للمدينة كان الثمن الذي يجب دفعه؛ لأن هذه كانت الطريقة الوحيدة لطرد قادة الإرهاب والذي قال إنهم احتجزوا سكان مدينة ميرانشاه كرهائن. والآن يعود المواطنون الذين أُجبروا على الهرب.

وذهبت مع اللواء والذي كان يقود الفرقة السابعة الباكستانية على الحدود الشمالية الغربية؛ لزيارة موقع مصنع قنابل سابق لطالبان في إحدى ضواحي ميرانشاه، وكان قادة طالبان وضعوها وسط منطقة مكتظة بالسكان اعتقادًا أن الجيش لن يهاجمها خوفًا من الأعداد الكبيرة من القتلى بين المدنيين.

تحرك الجيش الباكستاني كان جزئيًا بسبب الضغوطات الخارجية لاستعادة السيطرة على مناطقها ووجدنا أنفسنا بداخل مجمع راقٍ وترك قادة الإرهاب خلفهم حاويات كبيرة من الجليسرين ونترات الأمونيوم والمنجنيز ومسحوق النيتريك، وكذلك آلات لتحويل هذه المواد الخام لقنابل. كان يمكن استخدامها مع آثار مميتة.

الأدب الأفغاني الذي وُجد في الموقع كشف عن أن المصنع كان يُدار بواسطة الإمبراطورية الإسلامية الأفغانية والمعروفة شعبيًا باسم حركة طالبان.

وكشف الجيش الأفغاني بشكل إجمالي عن وجود حوالي 310 طن من المتفجرات، و25000 بندقية وأكثر من 2 مليون طلقة. وكشف الجيش أيضًا عن بنية تحتية

إرهابية والتي تضمنت مركزًا إعلاميًا في قبو مسجد، سجون سرية، وأنفاق لحماية المقاتلين من قنابل دقيقة التوجيه.

وكان هناك أيضًا كلية عسكرية كان يتم تدريب المقاتلين بها، ويرى الجيش الباكستاني أنه بعد 15 عاما من الرعب تمكن من الفوز في حربه على الإرهاب في المناطق القبلية. وتكشف الإحصاءات الآن أن العنف الإرهابي في باكستان انخفض بمقدار ثلاثة أرباع في العامين السابقين. وقال حسن ” نشعر أنه لا وجود للتهديد الآن، لقد بدأنا عمليات ضد الإرهابيين من كل الأشكال وتعتبر كل المناطق آمنة الآن”.

ويبدو أن الإرهابيين إما قتلوا أو هربوا من خلال الحدود مع أفغانستان، حيث تجمعوا لبدء هجمات ضد المواقع الباكستانية على الحدود، كان هناك سبع هجمات في عشرة أيام قبل وصولي. ولعكس هذا التهديد بنى الجيش الباكستاني أكثر من 1000 مركز على الحدود لمنع عبور الإرهابيين مجددًا للأراضي الباكستانية. ولازال هناك بعض الفظائع مثل الهجوم الأخير على أحد الأضرحة والذي أدى لمقتل 88 شخصا والعديد من الإصابات البالغة.

ولكن بشكل عام فإن العمليات ضد الخلايا الإرهابية كانت رائعة. في ذورة الهجمات من وزيرستان الشمالية منذ ثلاث سنوات احتلت العاصمة التجارية المركز الرابع كأكثر دولة خطرة في العالم، والآن بعد هذا التقدم وصلت للمرتبة 32.

ويجب الاعتراف أن ثمن هذه الحرب كان مرعبا، حيث قتل أكثر من 4000 جندي باكستاني في الصراع الذي كان أن يودي بالدولة. وكلف قتال الإرهاب خزينة الدولة عشرات المليارات، وسيكون لديه توابع كبيرة على الشعب الباكستاني.

في إحدى المراحل تمكن الإرهابيون من السيطرة على مناطق تبعد 100 ميل عن العاصمة إسلام أباد، وكانت هناك مخاوف من وصول طالبان للرؤوس النووية الباكستانية

وفي حديث خاص، ألقى خبير عسكري استراتيجي باللوم على قرار توني بلير غير المدروس لغزو العراق والتخلص من صدام حسين في 2003؛ حيث كان شعلة دخول دولتهم في حالة الرعب. وأخبرني جنرال آخر أن حرب الغرب ضد صدام شتت قادة العالم عن قتال إرهاب طالبان والقاعدة في لحظة حاسمة مما أدى لتجمع الإرهابيين في باكستان، مضيفًا أنه يومًا ما سيحاكم توني بلير بجرائم الحرب.

وتنشغل حاليًا السلطات الباكستانية في بناء المدارس والمستشفيات والأسواق لاستبدال المدينة المدمرة. وذهبتُ إلى مدرسة عليا سوف تفتح أبوابها لحوالي 1000 طالب الشهر المقبل، ويتساوى معاملها وغرف الكمبيوتر ومكتبتها بأي مدرسة في العالم.

وبتحدثي مع المدنيين ذكروا أن هناك ذكريات مرعبة للفترة التي عاشوها في وجود طالبان، وأخبرنا أحدهم أنه رأي جثث تركت على الأرض بعد إعدامها؛ حيث تم اعتبارهم جواسيس.

قمت أيضًا بزيارة مدرسة عسكرية في المدينة القريبة من بيشوار حيث قتل 144 طفلا وعاملا في هجوم مروع من قبل حركة طالبان، واليوم أقيم حفل للاحتفال بالطلاب الذين تم ترحيلهم من المدرسة.

وقال طالب يدعى منيب 17 عامًا إنه نجا من الهجوم ومازال يعاني من الذكريات السيئة الخاصة بموت أصدقائه. وسألته على طموحاته وقال “أنا أخطط لأصبح طبيبا وأعمل على ذكراهم”.

هذه هي الروح التي لا تقهر والتي تعطي العالم أمل أن باكستان تمكنت من تخطي عصر سفك الدماء وأن الإرهابيين هزموا.

التقرير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى