شؤون إسرائيلية

« تقرير مترجم عن ستراتفور»: لماذا يحج «نتنياهو» إلى الكريملين؟

المصدر ستراتفور – ترجمات – 13/3/2017

تبرز مرّة أخرى أهمّية روسيا التي نمت في المنطقة على مدى العامين الماضيين، من خلال الزيارات المتتالية في أيّامٍ قليلة من قبل اثنين من زعماء الشرق الأوسط. وقد استضاف الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو» قبل أن تتبعها محادثات بين بوتين والرئيس التركي «رجب طيّب أردوغان». واستمع الزعيم الروسي لأفكارهما في التّجارة والطّاقة والاستثمار، لكنّ الأمن كان بندًا رئيسيًا في جدول أعمال الاجتماعين، خاصةً المخاوف المحيطة بالصراع في سوريا.

ومنذ أن نشرت قوّاتها في سوريا عام 2015، ارتفعت أسهم روسيا في المنطقة بشكلٍ ملحوظ. وبعيدًا عن ساحة المعركة السورية، أوجدت روسيا لنفسها مكانا في عدد من النّزاعات في المنطقة كجزء من حملة لتعزيز هيبتها العالمية ونفوذها في المنطقة وعلى طاولة المفاوضات الأكثر أهمّية لمصالح روسيا. وأقحمت روسيا نفسها في القضية الفلسطينية والصراع الليبي، وهي صراعات قد لا يكون لها حلّ قريب، لكنّ الهدف يكون تعزيز نفوذها مع زعماء المنطقة.

وفي أماكنٍ أخرى بالشّرق الأوسط كانت روسيا موضع ترحيب. وقد سعت مصر لجذب الاستثمارات وأموال السياحة الروسية. وتعتمد إيران على السّلاح الرّوسي. وبالطّبع أصبحت روسيا داعمًا رئيسيًا للنّظام السّوري بالتنسيق مع إيران. ولو كانت روسيا لم تتدخّل، لاختلف شكل الصّراع تمامًا عمّا هو عليه اليوم. وما كانت حكومة دمشق لتوجد اليوم في محاولة استعادة أراضيها من المعارضة.

ما تريده (إسرائيل) من روسيا

وتسعى تركيا و(إسرائيل) لمساعدة روسيا في سوريا. وتشعر (إسرائيل) بالقلق البالغ إزاء ما يحدث على حدودها، خاصة تواجد حزب الله والميليشيات الإيرانية الموالية لـ«بشّار الأسد» في المناطق القريبة منها، وبالتحديد في منطقة هضبة الجولان الحسّاسة. وحين تدخّلت روسيا لأول مرة في سوريا، وجدت (إسرائيل) الفرصة لتوسّل المساعدة من حليفٍ قديم لحمايتها من عدم الاستقرار على عتبة بابها. وتناشد (إسرائيل) روسيا بانتظام للإبقاء على الجماعات الموالية لإيران بعيدة عن حدودها. ومع ذلك، ونظرًا للقدرات العسكرية الكبيرة للجيش الإسرائيلي، فإنّ أهمّ ما تحتاجه من روسيا هو الحصول على المساحة لتنفيذ ضربة عسكرية في سوريا، وخاصةً ضدّ حزب الله.

عندما أعلنت روسيا سحب قوّاتها في مارس/آذار عام 2016، سعى مسؤولون إسرائيليون من أعلى مستوى للحصول على ضمانات من روسيا أنّ روسيا ستواصل دعمها لأمن (إسرائيل) وضمان خاص بأنّ حزب الله لن يضع يده على إمدادات الأسلحة التي أمّنتها روسيا للنّظام السّوري. وأعلنت روسيا في نفس الشهر أنّها مستمرّة في دعم (إسرائيل)، وأنّ علاقتهما مبنية على التفاهم والصّداقة والتاريخ المشترك الطويل. وقدر ردّت (إسرائيل) بدعم روسيا عن طريق تجنّب بيع الأسلحة للدّول المحيطة بروسيا. وفي عام 2008 على سبيل المثال، نشبت حرب صغيرة لروسيا مع جورجيا، وعلّقت تل أبيب مبيعاتها من الأسلحة إلى تبليسي.

ويأمل «نتنياهو» اليوم الاستفادة من تلك العلاقة الخاصة، حيث تتوقّع بلاده صراعًا وشيكًا مع حزب الله. وبعدما بدأت الكفّة تميل للقوّات الموالية في الصراع السوري، بدأت تشتدّ مخاوف (إسرائيل) الاستراتيجية. وستسعى (إسرائيل) للحصول على المساعدة الرّوسية للحفاظ على منطقة عازلة جنوب غرب سوريا، لكنّها تريد أيضًا

أن تكون قادرة على قصف مواقع حزب الله ومستودعات الأسلحة دون أن تدوس أصابع (روسيا) بالخطأ. وإذا اندلع صراعٌ فعليّ مع حزب الله في سوريا أو لبنان، وهو الخطر الذي يتزايد مع عودة المقاتلين من السّاحات السّورية، فإنّ الحاجة ستزيد لفصل روسيا عن هذا الصّراع.

وتعدّ قدرة روسيا على ضمان أمن حدود (إسرائيل) محدودة، وخاصةً في جنوب غرب سوريا، و(إسرائيل) تعلم ذلك. ومع الفشل أكثر من مرّة في فرض وقف إطلاق النّار، وعدم تحكّم روسيا في أفعال الجيش السوري، ظهرت عدم قدرة روسيا على السيطرة، فضلًا عن افتقارها للنفوذ على القوّات المتحالفة، مثل حزب الله المدعوم من إيران، وخاصّةً في الجنوب. إضافةً إلى ذلك، فإنّ أولويّات روسيا نفسها في سوريا سوف تتغلّب على أيّ مطالب من (إسرائيل)أو تركيا. لكن يمكن لروسيا أن تقدّم لكليهما علاقة وظيفية مع طهران ودمشق.

لكنّ مدى قدرة روسيا على استخدام علاقتها بإيران أو سوريا في تهدئة مخاوف (إسرائيل) وتركيا يتوقّف على الوضع. وقد ظهرت حدود ذلك الأسبوع الماضي عندما أحبطت روسيا هجومًا مخطّطا له من قبل تركيا على قوّات وحدات حماية الشعب الكردي في منبج، بدعمها تسليم المدينة للقوّات الموالية. وكان التّعارض في الأهداف بين روسيا وتركيا في أعلى جدول النقاش بين «أردوغان» و«بوتين» الجمعة. وقد تمّ تناول تلك الخلافات أيضًا في القمّة الثلاثية بين كبار القادة العسكريّين في روسيا وتركيا والولايات المتّحدة قبل أسبوع.

وتبدو الحدود في العلاقة مع روسيا واضحة لكلٍّ من (إسرائيل) وتركيا. لكنّ الهدف من لقاءي «نتنياهو» و«أردوغان» بـ«بوتين» هو الحفاظ على قنوات الاتّصال

مفتوحة، والتّحالفات مفعّلة قدر الإمكان، كأمرٍ لازم للحفاظ على أيّ فرصٍ للتنسيق في أيّ وقت.

ورغم أنّ روسيا تهتم بالحفاظ على علاقتها مع (إسرائيل) وتركيا، فإنّ هدف موسكو في النهاية هو الهروب من العقوبات الاقتصادية الغربية، ولا يملّك أي منهما القوّة للمساعدة في ذلك. ويكمن القرار برفع العقوبات عن روسيا وإعطائها مساحة أكبر للمناورة في مناطق مثل جزيرة القرم والبحر الأسود، في يد الولايات المتّحدة والاتّحاد الأوروبي.

وجاء تدخّل روسيا في سوريا لصالح النّظام للحصول على نفوذ مع الولايات المتّحدة وباقي الجهات الفاعلة في هذا الصّراع، وتسعى إلى طرق لاستغلال هذا النّفوذ، حتّى ولو كان على حساب خسارة حليف. وربّما كان قرار روسيا في منبج هو العلامة الأولى للتنسيق بين الولايات المتّحدة وروسيا في ظلّ الإدارة الجديدة في البيت الأبيض. وعلى الرغم من أنّ النتيجة كانت مخيّبة لآمال تركيا، فإنّ الإجراء يمهّد الطريق لمزيد من التّنسيق المحتمل بين روسيا والولايات المتّحدة في هجوم الرقة المقبل. والأمل، على الأقل من جانب روسيا، أنّ التنسيق المحتمل في هذه المعركة قد يعطي روسيا نقطةً إضافية فيما يخصّ العقوبات.

ترجمة وتحرير شادي خليفة – الخليج الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى