ترجمات أجنبية

تقرير مترجم عن سبكتيتور – هل أصبحت سوريا عائقا لبوتين بعد أن كانت غنيمة؟

سبكتيتور – ترجمات – 17/4/2017

كان سوريا بالنسبة للرئيس الروسي فيلاديمير بوتين كـ “الهدية”، وساعد تدخله العسكري في 2015 على إعادة روسيا على قائمة المفاوضات الدبلوماسية في العالم.

بالطبع كانت هذه العودة مذهلة لدولة كانت تقبع في الفقر والتهميش في المجالس الدولية، وفي الوقت الذي تآكل فيه شعور النشوة بضم روسيا للقرم بسبب الأزمات الاقتصادية والعقوبات، جاءت الحرب السورية لتعزز هيبة بوتين.

وفي الشرق الأوسط أظهرت روسيا لحلفائها وأعدائها أنها تستطيع إظهار قوتها كما كان يفعل الاتحاد السوفيتي من قبل، أما في أوروبا، تسببت أزمة اللاجئين التي هزت الاتحاد الأوروبي الذي فرض عقوبات على موسكو، في تقوية موقف معادين الهجرة الذين دعمتهم روسيا في فرنسا وهولندا وإيطاليا.

وقد يؤدي قدوم لاجئين آخرين إلى هدم الاتحاد الأوروبي بالكامل، وكتب جورج سورو في عمود بصحيفة الغارديان أن أفضل طريقة يستطيع نظام بوتين من خلالها أن يتجب الانهيار، هو التسبب في الانهيار السريع للاتحاد الأوروبي.

وحتى الأسبوع الماضي كانت سوريا معركة فائزة لروسيا، حيث إن استمرار الحرب كان سيساعد في نشر الفوضى في أوروبا، في الوقت الذي كانت ستكسب موسكو تأثيرا عالميا وتحقيق انتصار استراتيجي كبير لبوتين بالتوسط في اتفاقية سلام.

ولكن أدى تجاوز الرئيس السوري بشار الأسد وتغيير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لسياسته إلى تغيير قواعد اللعبة الروسية، وعلى الرغم من عدم التأكد بشكل حاسم من استخدام الأسد لغاز السارين في قرية خان شيخون، إلا أن الدلائل التي جمعتها هيئة الأمم توضح أن جنرالات الأسد ارتكبوا هذا الفعل وهو ما يعنى أنهم اعتقدوا أن ترامب لن يأخذ موقفًا ضدهم، ولم يتوقعوا أن تتدخل أمريكا في الوضع السوري مهما فعلوا.

ولم يكن الأسد الوحيد الذي تفاجئ من هذا التحرك، حيث إن روسيا صُدمت أيضًا، وكانت النخبة السياسية الروسية أقنعت نفسها أن انتخاب ترامب سيجلب عهدا جديدا من عدم التدخل الأمريكي، وتخيل بعض السياسيين الروسيين أن ترامب وبوتين سيتوصلان إلى اتفاق يؤدي لرفع العقوبات على روسيا بشأن أزمة أوكرانيا في مقابل دعم بوتين في الأزمات الروسية والإيرانية.

ولكن تحولت سوريا من كونها آداة ذات فائدة لروسيا إلى عائق خطير بعد إلقاء ترامب الصواريخ على قاعدة جوية سورية، ومثلت هذه الغارة عدة تهديات لمصالح أساسية لروسيا.

أولًا: أدت إلى نقاشات ما بين أمريكا وبريطانيا عن فرض عقوبات على روسيا لدعمها للأسد، وذلك في الوقت الذي كانت تأمل روسيا رفع العقوبات المفروضة عليها بسبب أزمة القرم. وثانيًا : تمثل هذه الغارة تطورا جديدا في العلاقات بين ترامب وبوتين بعد أن وضع الثاني آمالا كبيرة على الأول.

ولكن ما يعد أكثر تدميرًا لروسيا هو الموقف في البيت الأبيض بعد هذه الغارة، حيث تم عزل ستيف بانون مستشار الأمن القومي والمعروف بحبه لروسيا ورئيسها، وكذلك

انتقد وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون دعم موسكو للاسد، وهكذا تحول فريق ترامب من دعم روسيا إلى انتقادها.

والحقيقة هي أن بوتين لا يهتم بشأن الأسد ولا تملك روسيا أي مصالح هامة في سوريا، أما عن قاعدة روسيا البحرية في طرطوس فإنها لا تعد ذات أهمية قصوى أيضًا، ولكن تمثل سوريا بالنسبة للكرملين “رمز”، حيث إنه المكان الذي رسم فيه بوتين خطه الأحمر وواجه العالم.

وبعد عقدين من التدخلات الغربية، رأت روسيا أنها تمكنت أخيرًا من مواجهة احتكار أمريكا لفكرة التدخل وتغيير الأنظمة، وكان التدخل العسكري في سوريا دليلا على انتهازية بوتين، حيث إنه دخل في حرب أظهر أوباما عدم اهتمامه بها، وحولها إلى مسرح عرض من خلالها قوته العسكرية وأعطى الشعب الروسي شعورا بالنصر العسكري، وكانت نتيجة ذلك هو نشر بوتين لقواته هناك.

وتعتبر الأزمة التي تواجهها موسكو الآن هي صعوبة خروجها من الحرب التي دخلت بها، ويعد مستقبل العلاقات بين موسكو وترامب والعقوبات أهم كثيرًا لبوتين من مستقبل نظام الأسد.

ومع ذلك، لا يوجد طريقه لانسحاب بوتين دون إحراج نفسه، وعلاوة على ذلك، لا يبدو أن روسيا تستطيع السيطرة على الأسد، والذي كسر معاهدة لعدم استخدام الأسلحة الكيميائية التي توسطت فيها روسيا في 2013.

أما بالنسبة للوضع في أرض المعركة، فيبدو أنه يصل لمرحلة الأزمة بالنسبة للأسد وروسيا، فعلى الرغم من إثبات روسيا قوتها الجوية ووجودها الحاسم في سقوط حلب في أيدي الأسد إلا أنه لا يبدو أن المعارضين استسلموا، والأهم من ذلك أن المعارضين الذين تدعمهم أمريكا يبدو أنهم سيهاجمون معاقل داعش في الرقة،

وبمجرد سقوطها، فستكون هناك مناطق كبيرة يسيطر عليها قوات مدعومة من أمريكا.

ولم تكن هذه حرب يمكن أن يفوز بها سوى الأسد، ولكن مع الغارة الأمريكية التي تسببت في إعادة توازن القوى مرة أخرى، لا يبدو أن الأسد سيستطيع إملاء شروطه على أي معاهدة سلام.

ولذا فإن الحرب التي أعطت لبوتين الهيبة، تنزلق الآن بعيدًا عن سيطرته.

التقرير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى