تقرير مترجم عن ذا سليت – خطة ترامب لمحاربة “داعش” ليست نفس خطة أوباما
ذا سليت – جوشوا كيتينغ – 23/2/2017
خلال الأسابيع القليلة الماضية، بدأنا في إلقاء نظرة فاحصة على استراتيجية إدارة ترامب لمحاربة “داعش” والمجموعات الجهادية الأخرى، ويبدو أن الإجماع يقول إنها ليست استراتيجية جديدة على الإطلاق.
* * *
قالت شبكة التلفزة الأميركية “أن. بي. سي.” مؤخراً أن “خطة وزارة دفاع ترامب الخاصة بمحاربة “داعش” تشبه كثيراً خطة أوباما”. وتساءلت شبكة “سي. إن. إن”: “أهذه هي خطة ترامب السرية ضد داعش؟ الكثير منها يشبه خطة أوباما”. وقالت صحيفة نيويورك تايمز: “خطة ترامب الخاصة بمحاربة “داعش”، كما وصفها تيلرسون، تبدو مثل خطة أوباما”.
أفهم تماماً التفكير الذي يقف وراء هذه العناوين. فمنذ استهل حملته أول الأمر لخوض الانتخابات من أجل الرئاسة، ادعى ترامب بأن لديه خطة “لإلحاق الهزيمة بـ”داعش” بسرعة وبفعالية، وإحراز النصر الكامل”، والتي لم يشأ الكشف عنها للعدو بغية الحفاظ على عنصر المفاجأة. كما ادعى أيضاً بأنه يعرف “عن “داعش” أكثر مما يعرف الجنرالات”، ولكن، ومنذ توليه سدة الرئاسة الأميركية، لم يكتف ترامب بتعيين جنرالات فعلياً في كل منصب أمن قومي رئيسي في إدارته وحسب، وإنما منحهم شيكاً على بياض لتصميم خطة معادية لتنظيم “داعش”، والتي تبدو، كما أشارت العناوين آنفاً، كماً مضجراً من نفس الخطة التي ما تزال موضوعة منذ أعوام
حتى الآن، والتي كان ترامب سخر منها، خلال مسار الحملة الانتخابية، باعتبارها فاشلة.
وكما تقول شبكة “أن. بي. سي.” فإن هذه الخطة تتضمن “دعوات للقصف المستمر وتغذية الدعم والمساعدة للقوات المحلية من أجل استعادة معقل الموصل العراقي، وفي نهاية المطاف عاصمة ما تدعى “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، مدينة الرقة في سورية، وتجفيف موارد “داعش” للدخل، وإضفاء الاستقرار على المناطق التي تستعاد من المجموعة الإرهابية. وكما يقول الأدميرال المتقاعد جيمس ستافريديس، فإن”الخطة الحالية لهزيمة الدولة الإسلامية هي تماما مثل المثل القديم: الخطة “ب” صائبة وصحيحة، لكن عليك محاولة الخطة “أ” بشكل أكثر جدية”.
ولكن، الآن وقد اتضح تماماً أن ترامب لم يكن يعرف أكثر من الجنرالات أو أنه لم تكن لديه
خطة سرية لإلحاق الهزيمة بمجموعة “داعش”، فإن الخطأ القول بأن شيئاً لم يتغير. لأن ذلك يعني المخاطرة بتنحية بعض الوقائع الأكثر إقلاقاً في نهج ترامب.
أصدر ترامب تعليماته إلى وزارة الدفاع بتخفيف قيود قواعد الاشتباك في الضربات الجوية إلى الحد الأدنى الذي يتطلبه القانون الدولي، وإلغاء إشراف البيت الأبيض على إجراءات حماية المدنيين، وأمر وكالة المخابرات المركزية الأميركية باستئناف مهمات القتل المستهدف السرية. ومنذ ذلك الحين، تم تسجيل عدد من حوادث القتل الجماعي الجانبية، بما في ذلك ضربة مزعومة على مسجد في حلب، والتي قال سكان محليون أنها أسفرت عن مقتل حوالي 50 مدنياً؛ وضربة وجهت إلى مدرسة بالقرب من الرقة، والتي ذكر أنها تمخضت عن مقتل 30 شخصاً على الأقل، العديد منهم من الناس المشردين الذين كانوا قد التجأوا إلى المدرسة؛ وضربات أخرى في
الموصل قد تكون قتلت ما يصل إلى 200 مدني في الأيام الأخيرة. وفي عطلة نهاية الأسبوع قبل الماضي، اعترفت الولايات المتحدة رسمياً بأنها ضربت الموصل، وبأن الضربة ربما تكون قد أسفرت عن مقتل أكثر من 100 شخص يفترض أن معظمهم من المدنيين -الأمر الذي يشكل الخسارة الأكبر لأرواح المدنيين في حادثة واحدة منذ بداية الحملة الأميركية ضد “داعش”.
قفز عدد الإصابات التي وقعت في صفوف المدنيين نتيجة للضربات الجوية التي نفذها التحالف بقيادة أميركية إلى 1058 في آذار (مارس)، مقابل 465 في كانون الأول (ديسمبر)، وفق إحصائيات أحد مراكز الرصد. وفي حين أن من المستحيل تأكيد ممن هذه الضربات لم يكن ليأمر بها أوباما، يجب أن تدفعنا التعليمات الجديدة إلى منح الجيش والإدارة قدراً أقل من مزية الشك. وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” قد نسبت إلى ضابط في القوات العراقية الخاصة في الموصل قوله أنه تم تسجيل “تخفيف ملحوظ في قواعد الاشتباك عند قوات التحالف منذ تولي الرئيس ترامب مقاليد السلطة”.
ربما لا يعرف أكثر من الجنرالات عن “داعش”، ولكن يبدو أن ترامب يفي بالتعهدات التي قطعها في حملته بخصوص قصفهم بشدة، ووقف ما وصفها بأنها جهود أوباما “الصحيحة سياسياً” لحماية المدنيين.
من الجدير تذكر أن هذه الإدارة الجديدة تنظر إلى حظر السفر الذي فرضه ترامب على دخول رعايا دول إسلامية على أنه جزء من الاستراتيجية المعادية لـ”داعش”. ويذكر أمر الحظر نفسه “داعش” أكثر من عشر مرات. وبقدر ما كان برنامج استقبال لاجئين سوريين وعراقيين محدوداً في ظل إدارة أوباما، فإن الوقف الكامل لاستقبال اللاجئين في عهد ترامب هو تحول رئيسي. وبالنسبة لترامب، فإن محاربة
“داعش” تعني إبقاء السوريين -بالإضافة إلى رعايا عدة دول شرق أوسطية أخرى- خارج الولايات المتحدة.
بالإضافة إلى ذلك، وبينما قدمت كلمة وزير الخارجية، ريكس تيلرسون، قبل أسبوعين خدمة شفوية بخصوص إيجاد “حلول دبلوماسية إقليمية للصراعات السياسية والطائفية الكامنة التي أفضت إلى انتعاش داعش”، و”تقديم مساعدات إنسانية للمجتمعات المتضررة وفق الضرورة” وهي أولويات كانت الإدارة السابقة قد ذكرتها، فإن الموازنة الفدرالية المقترحة للبيت الأبيض تتضمن خفضاً كارثياً للمساعدات الدبلوماسية والخارجية. وهذا يجعل من الصعب أخذ أي التزام بمبادرات غير عسكرية على محمل الجد.
والأمر الأكثر دراماتيكية هو أن الجيش ما يزال ينشر آلافاً من القوات المقاتلة البرية في المنطقة، والتي يحتمل أن تكلف بقتال “داعش”. وقد عهد إلى القوات التي أرسلت إلى سورية في الغالب بمساعدة القوات ذات القيادة الكردية بدلاً من مقاتلة “داعش” مباشرة، ولكن ليس من الصعب تخيل سيناريو يتغير فيه واقع الحال. ويشار هنا إلى أن منسوب احتمال انخراط عدد ضخم من القوات البرية الأميركية في القتال المباشر في سورية قد ارتفع كثيراً منذ تولي ترامب مقاليد الأمور في البيت الأبيض.
وهكذا، كلا، لم يأت ترامب إلى البيت الأبيض بأفكار جديدة حول كيفية حل مشكلة الحرب الأهلية السورية، أو إيجاد طريقة لحمل القوات التركية والكردية على العمل معاً -وليس كل ذلك مفاجئاً من رجل خلط بين الأكراد وبين قوة القدس، واشتكى من أنه سئل عن الكثير جداً من الأسماء العربية. (كان الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش قد خلط بين النمسا وأستراليا). لكن هناك تغييرات كبيرة أصلاً في المقاربة الأميركية لهذا الصراع. وهي تشير حتى الآن إلى غض طرف بغيض عن الأرواح
العراقية والسورية. وقريباً، ربما يكون هناك عدد أكبر من الجنود الأميركيين في طريق الخطر.
*نشر هذا المقال تحت عنوان:
Stop Saying That Trump’s plan to Fight ISIS Is the Same As Obama’s
ترجمة عبد الرحمن الحسيني –الغد – 9/4/2017