تقرير مترجم عن بيزنس إنسايدر – إسرائيل وفلسطين قد تحبطان مسعى ترامب للسلام في الشرق الأوسط حتى قبل أن يبدأ
بيزنس إنسايدر – بيتر جاكوبس – 11/11/2017
• أشار دونالد ترامب في السر والعلن إلى أنه جادٌّ إزاء السعي إلى إبرام اتفاق للسلام في الشرق الأوسط، والذي يشمل إسرائيل وفلسطين.
• هناك الكثير من القضايا التي تقف أمام إنجاز اتفاق للسلام، وربما تكون قد ازدادت حدة في الأسابيع الأخيرة.
• ينخرط فصيلا القيادة الفلسطينية في محادثات مصالحة، والتي ربما تنفِّر الإسرائيليين.
• تقوم إسرائيل بتصعيد البناء في المستوطنات، وهو ما قد يعزل الفلسطينيين.
* * *
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب في السر والعلن، إنه يريد العمل من أجل إنجاز “أصعب صفقة على الإطلاق” –حل القضية الإسرائيلية-الفلسطينية في الشرق الأوسط- لكن المشاكل على كلا جانبي القسمة يمكن أن تحبط التوصل إلى اتفاق سلام، حتى قبل بدء المفاوضات.
وقال ترامب في الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول (سبتمبر) الماضي: “أعتقد أن أمامنا عملاً جيداً -ربما أصعب عمل على الإطلاق- وهذا ما نتطلع إلى فعله. سوف أكرس بالتأكيد كل ما في قلبي وفي روحي لإنجاز هذه الصفقة”.
وفي ذلك الوقت، غادر كل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو الاجتماعات مع الولايات المتحدة في الجمعية العامة، وهما على قناعة بأن ترامب جاد إزاء خطة السلام في الشرق الأوسط، كما ذكرت صحيفة “هآرتس” في ذلك الحين.
مع ذلك، تراكمت القضايا في الأسابيع القليلة الماضية على الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، والتي يمكن أن تمنع حتى بدء المفاوضات في المقام الأول.
على الجانب الفلسطيني، تنخرط فتح وحماس، فصيلا القيادة الفلسطينية الأبرز، في محادثات المصالحة. وتعتبر كل من إسرائيل والولايات المتحدة حماس منظمة إرهابية، مما يعقِّد الجهود التي يبذلها الفلسطينيون لضم الفصيلين معاً.
وفي الوقت نفسه، صعَّدت إسرائيل البناء في مستوطنات الضفة الغربية، وهي منطقة متنازع عليها تحت السيطرة الإسرائيلية، حيث يعيش معظم الفلسطينيين. ومن المرجح أن يتقرر الوضع النهائي للضفة الغربية، بالإضافة إلى غزة والقدس الشرقية، في محادثات السلام.
تركت هذه القضايا أي اتفاق ممكن بين الإسرائيليين والفلسطينيين “خارج يدي ترامب”، كما يقول جميس جيلفين، الأستاذ في جامعة كاليفورنيا والخبير في تاريخ الشرق الأوسط، لمجلة “بيزنس إنسايدر”. وأضاف جيلفين: “ينظر ترامب إلى الأمر على أنه صفقة وكتحدٍ شخصي، واللاعبون الآخرون يديرون أعينهم ويقولون: ‘ها نحن قد عدنا إلى هنا مرة أخرى’”.
المصالحة بين فتح وحماس
ربما تكون العقبة الكبرى أمام أي جهود سلام قادمة تبذلها الولايات المتحدة هي جهود المصالحة المتجددة في هذه الفترة بين القوتين الفلسطينيتين الرئيسيتين؛ فتح في الضفة الغربية وحماس في قطاع غزة. وقد عقد الطرفان محادثات في مصر في هذا الإطار.
تجيء هذه المحادثات الأخيرة في أعقاب اتفاق كان قد تم التوصل إليه بين الفصيلين في العام 2014 على تشكيل حكومة موحدة، والتي كانت قد انفصلت منذ الانقسام العنيف الذي حدث في العام 2007. وكانت المصالحة المحدودة في العام 2014 هي ذريعة إسرائيل المعلنة لإنهاء المساعي الأميركية الرئيسية الأخيرة للتوصل إلى اتفاق سلام، والتي كان يقودها في ذلك الحين وزير الخارجية جون كيري.
وتعتبر إسرائيل والولايات المتحدة، وبلدان أخرى، حماس منظمة إرهابية. وقد أوضح نتنياهو أن لديه مطالب قاطعة قبل أن تنخرط إسرائيل في أي مفاوضات مع حكومة فلسطينية تضم حماس، بما فيها اعتراف حماس بإسرائيل، وقطع روابطها مع إيران، وحل جناحها العسكري.
وقال نتنياهو: “إننا نتوقع من أي أحد يتحدث عن عملية سلام أن يعترف بدولة إسرائيل، وبطبيعة الحال، الدولة اليهودية. إننا لا نستطيع قبول مصالحة زائفة في الجانب الفلسطيني، والتي تأتي على حساب وجودنا”.
أما الجانب الإيجابي بالنسبة لعباس، فواضح: إذا مضت محادثات المصالحة قدماً نحو إبرام اتفاق بين حماس وفتح، فإن عباس -الذي يترأس السلطة الفلسطينية- سيمتلك السلطة للتفاوض نيابة عن كل الفلسطينيين.
بالنظر إلى موقف نتنياهو الحالي، فإن إنجاز مصالحة بين حماس وفتح يمكن أن يحكم بالموت على المفاوضات، كما قال دانييل كورتزر، السفير الأميركي السابق إلى مصر، لهذه المجلة. وكتب كورتز في رسالة بالبريد الإلكتروني: “يستطيع نتنياهو أن يفعل ما يريد، وهو يبدو حتى الآن معارضاً بلا هوادة للمصالحة بين منظمة التحرير الفلسطينية وحماس. إذا تصالح الفلسطينيون فعلاً على أسس معقولة، وإذا لم يتغير موقف نتنياهو، فسيكون من المستحيل الوصول إلى مفاوضات في هذا الوقت”.
بدا أن محمد دحلان، القائد الفلسطيني المثير للجدل الذي يلعب حالياً دوراً أساسياً في المحادثات بين فتح وحماس، يدرك هذه الحقيقة في مقابلة أجرتها معه مؤخراً وكالة “رويترز” للأنباء. وقال في المقابلة: “الوضع الفلسطيني الداخلي أكثر قداسة، وأكثر أهمية، وأكثر فائدة الآن مما تدعى المفاوضات”.
فلسطين “منقسمة”
مع ذلك، كانت مفاوضات مشابهة قد جرت في السابق على المصالحة الفلسطينية، ولم تكن ناجحة. ويقال إن المحادثات الأخيرة التي جرت في القاهرة بين فتح وحماس تجاهلت بحث موضوع الجناح العسكري لحماس، حتى مع أن كلاً من نتنياهو وعباس كانا قد طالبا بنزع سلاح الحركة.
إذا -وعلى الأرجح عندما- تفشل جهود المصالحة الأخيرة، فإن الوضع الفلسطيني سيعود إلى ما كان عليه في العقود الأخيرة. ويقول جيلفين: “إنهم في هذه المرحلة يبذلون الجهد اليائس الأخير. هناك الكثير من التاريخ بين السلطة الفلسطينية وحماس، والذي لن يتم توفيقه بسهولة”.
من دون دعم من كلا الفصيلين، لا يستطيع عباس أن يقول إنه يتحدث باسم كل الفلسطينيين، وهو سبب كان نتنياهو قد أبرزه في السابق لتجنب خوض المفاوضات.
في ذلك الحين، عندما أنهت المحادثات بين فتح وحماس المفاوضات التي رعتها الولايات المتحدة في العام 2014، قال صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين: “كان السيد نتنياهو وحكومته يستخدمون الانقسام الفلسطيني ذريعة لعدم التوصل إلى سلام. والآن، أصبحوا يستخدمون المصالحة الفلسطينية كذريعة للغرض نفسه. هذا غريب تماماً”.
ويقال إن نفس هذه الطريقة في التفكير ما تزال هي نفسها في ذهن رئيس الوزراء الإسرائيلي عندما يتعلق الأمر بنهجه تجاه محادثات السلام. وقال مصدر خليجي مؤخراً لوكالة رويترز: “في كل مرة يتحدث فيها أحد مع نتنياهو، فإنه يقول: “كيف يمكنكَ التوصل إلى حل عندما يكون الفلسطينيون منقسمين؟””.
المستوطنات
على الجانب الإسرائيلي، يمكن أن يوقف تجدد البناء الاستيطاني أي محادثات سلام تجري بقيادة أميركية.
ومن المتوقع أن توافق لجنة إسرائيلية قريباً على بناء آلاف الوحدات السكنية في مستوطنات الضفة الغربية. كما تعهد نتنياهو مؤخراً أيضاً ببناء الآلاف من المنازل الجديدة في واحدة من أكبر المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، وبضمها إلى إسرائيل.
نبيل شعث، المستشار الرفيع لعباس، وصف تصريحات نتنياهو مؤخراً بأنها “غير مقبولة على الإطلاق”. وقال شعث لوكالة “الأسوشييتد برس” إن “هذه محاولة من نتنياهو لتدمير حل الدولتين، ورفض واضح لأي محاولة لإحياء عملية السلام، خصوصاً على يد الولايات المتحدة”.
وبدا أن دحلان يردد الأفكار نفسها بينما كان يتحدث إلى وكالة “رويترز”، حيث تحدث عما وصفه بأنه “تهويد كامل للضفة الغربية”، وقال: “ليس هناك أي أفق سياسي”. وأضاف دحلان: “إن فرص ما تدعى صفقة القرن هي صفر، لأن نتنياهو لا يريد السلام، وقد فرض واقع وجود 700.000 مستوطن في الضفة الغربية والقدس، بحيث جعل من المستحيل تطبيق حل الدولتين”.
ومن جهته، لاحظ كورتزر، السفير الأميركي السابق، إنه سيكون من شبه المستحيل سياسياً على القيادة الفلسطينية حتى أن تدخل أي مفاوضات بينما تقوم إسرائيل بتكثيف بنائها الاستيطاني. وقال: “سوف يجعل تجديد النشاط الاستيطاني الإسرائيلي من الصعب للغاية، وربما من المستحيل، على عباس أن يكسب الدعم السياسي الضروري لدخول المفاوضات. والسؤال هو كيف ستستجيب الإدارة الأميركية لتجدد النشاط الاستيطاني”.
في حين دفعت إدارة ترامب إسرائيل إلى أقصى -وإنما ليس إلى نهاية- البناء الاستيطاني، فإن من المرجح أن يكون هذا البناء جزءاً رئيسياً من السياسة الإسرائيلية في المستقبل المنظور، وفقاً لجيلفين. وأوضح أن الحكومة الإسرائيلية “تعبِّر تماماً عن توجهات حركة المستوطنين”.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن أنصار المستوطنين “سوف يُسقطون نتنياهو في دقيقة إذا ظنوا أنه يماطل في موضوع المستوطنات”.
“البرق لم يضرب بعد”
في حديث له خلال اجتماع في مدينة نيويورك عُقد في وقت سابق من هذا الشهر، شرح جيسون غرينبلات، الممثل الخاص للبيت الأبيض في المفاوضات الدولية، نهج إدارة ترامب تجاه السلام في الشرق الأوسط، كما نقلته عنه صحيفة “جيروساليم بوست”. وقال غرينبلات: “بدلاً من العمل على فرض حل من الخارج، نحن نمنح الأطراف المساحة لاتخاذ قراراتهم الخاصة إزاء مستقبلهم”.
وأضاف: “بدلاً من إلقاء اللوم في الصراع على فريق دون الآخر، نحن مركزون على تنفيذ الاتفاقيات القائمة وعدم إغلاق المجالات الجديدة للتعاون الذي سيفيد كلاً من الفلسطينيين والإسرائيليين”.
مع ذلك، يبدو في الوقت الحالي أن القرارات التي يتخذها الإسرائيليون والفلسطينيون تستكمل، بل وحتى تعمِّق نقاط الخلاف التي عانت منها محادثات السلام لأكثر من عقدين.
ويقول جيلفين: “في نهاية المطاف، تأتي الاختراقات الكبيرة عندما يضرب البرق، ويحدث تغيير أساسي في الظروف. وفي الوقت الراهن، لم يضرب البرق بعد”.
*نشر هذا التقرير تحت عنوان:
‘Here we go again’: Israel and Palestine may doom Trump’s Middle East peace push before it even starts
ترجمة علاء الدين أبو زينة – الغد – 22/11/2017
ala.zeineh@alghad.jo