شوؤن عربية

تقرير مترجم عن بوليتيكو – صراع الشرق الاوسط.. هل يتم تقسيم ليبيا؟

بوليتيكو – ترجمات – 16/4/2017

قدم نائب مساعد الرئيس الأمريكي، سيباستيان غوركا، خطة لمبعوث دونالد ترامب إلى ليبيا حول الحلول المحتملة للصراع الليبي، ارتكزت على تقسيم البلد الواقع في شمال إفريقيا إلى ثلاث محافظات.

ربما عادت الرؤية إلى الإمبراطورية العثمانية في القرن السادس عشر، فهل حل الأزمة الليبية بهذه البساطة؟ يردّ الباحث السياسي جيف بورتر، في خطابه الموجه في مجلة “بوليتيكو” الأمريكية.

عزيزي الدكتور غوركا..

سمعت أنك مهتم بمبعوث دونالد ترامب إلى ليبيا، حتى أنك رسمت خطة على منديل لتقسيم البلاد، تهدف إلى تقسيم ليبيا إلى ثلاث محافظات، نعم تعود تلك الخطة إلى الإمبراطورية العثمانية في القرن السادس عشر، بالتالي تراها حل مناسب للأزمة الليبية الحالية، بهذه البساطة؟!

لكنها ليست كذلك، دعني أخبرك، أن الصراع الدائر في ليبيا معقد للغاية، ويرتبط بإرث أربعة عقود من الحكم الدكتاتوري الوحشي في ظل معمر القذافي، الذي طمس مختلف مظاهر المؤسسات الحكومية الوظيفية، وأعدّ ليبيا ضد ليبيا.

تتعلق تلك التفاهات الديكتاتورية بالنسبة لك، بانعدام سيادة القانون وضعف الحكم الذي ساعد على تحريف العملية الديمقراطية عقب ثورة 2011 وبالتالي إلغاؤها، كما أن الوضع له علاقة بالسلطات الإقليمية التي تتدخل بشكل علني وسري في ليبيا

للتأكد من تواجد حليف غني بالنفط على البحر الأبيض المتوسط في حالة استقرار غبار الحروب.

الفوضى الراهنة، ما هي إلا طبقات على طبقات متراكمة من الغبار الديكتاتوري، مع هيئات متعددة في مختلف المدن الليبية تدّعي أنها الحكومة الحقيقية في البلاد، وهناك سياج ننتظر خلفه لمعرفة أين تسقط تلك الرقائق.

وجميع هذه الجماعات مسلحة، ونحن هنا لا نتحدث عن الأسلحة الصغيرة فقط، بل الأسلحة الثقيلة والدروع والمدفعية والقوات الجوية. نعم ياعزيزي -هذه الحرب- ودعنا أن لا ننسى الدولة الإسلامية، تم الإطاحة بها مؤخرا، لكنها عائدة، وكل هؤلاء المقاتلين الذين فروا على الأرجح مرتبطين بخلايا سرية في أنحاء البلد.

رغم ذلك، دعنا نضع كل هذا جانبا في الوقت الراهن، ونضع تركيزنا على خطتك “كلونكر”، بالنسبة للمبتدئين تستند خطتك إلى فكرة التقسيم العثماني إلى ثلاث محافظات (تريبوليتانيا في الغرب، سيرينايكا في الشرق، وفزان في الجنوب).

حسنا، هيا نراجع التاريخ قليلا -أنا أيضا حاصل على درجة الدكتوراة، يا عزيزي-، غزا العثمانيون ليبيا للمرة الأولى وخلقوا سيرينايكا -شرق ليبيا اليوم- عام 1517، ثم استغرقوا 34 سنة أخرى للاستيلاء على طرابلس -المنطقة الأقرب إلى تونس-، وبعد 300 سنة غزا العثمانيون فزان -جنوب الصحراء الليبي الفارغ في الغالب-.

تشير تلك الحقائق، إلى أن إسطنبول فقدت السيطرة على تريبوليتانيا لأكثر من قرن من الزمان وفي السنوات الفاصلة، لم تكن هذه الأوقات سعيدة.

إذا، كيف عملت هذه المحافظات العثمانية، بالنسبة للمبتدئين، كانت الحدود بين المناطق لتحصيل الضرائب التي فرضتها إسطنبول، في المقام الأول، وليس من أجل

الحوكمة الكاملة التي تخطط إليها أمريكا اليوم، حينها انتقل الناس بين ليبيا وإسطنبول، وتبادلت الأغراض والمصالح، أي انتقل الاحتلال إلى المستوى المحلي.

لكن هذا ياعزيزي قبل النفط -لم يُكتشف النفط في ليبيا حتى 1957-، هل تم اكتشاف النفط خلال الحقبة العثمانية، إذا اكُتشف في الحقبة العثمانية لكانت اختلفت المناديل.

ومن أجل المبررات السياسية المطروحة، لنفترض أننا نقسم ليبيا وفقا لحدود عمرها قبل 600 عام، بغض النظر عن إرادة الليبيون، لكن ياعزيزي النفط هو شريان الحياة في ليبيا، ومنه يُدفع كل شيء من غذاء ومياه ورواتب القطاع العام، أي بدون النفط لا توجد ليبيا.

المشكلة أن الحدود على الأرض لا تتفق دائما مع احتياطيات النفط فيها، وفي حالة ليبيا يرتكز معظم النفط في الشرق، أي القليل في فزان والأكثر في سيرينايكا، وهناك القليل جدا في طرابلس العاصمة.

ونتيجة للانقسامات العثمانية، تطور الأمر لخلافات بين المدن على الحدود، أي أن هناك حروب ونزاعات من قديم الأزل حول حدود المناطق البترولية في ليبيا، أما عن فزان فستكلفنا الكثير للوصول إلى الموانئ، وكما تعرفون لدى الأمم المتحدة والبنك الدولي الكثير من الدراسات التحذيرية حول هشاشة البلدان الغير ساحلية.

في الشهر الماضي، اتضح بشكل كبير للعيان، أن الصراع الليبي بالفعل حول حول النفط والتحكم في إيراداته، حيث ضبطت الميليشيات المتحالفة مع حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، ودعني أذكرك أن هناك أربع محطات تصدير نفطية سبق أن استولت عليها القوات المتحالفة باتفاق مع الحكومة الشرقية في طبرق.

على الرغم من سماح حكومة طبرق لحكومة طرابلس الحصول على عائدات نفط موانئ طبرق، هناك بعض القادة السياسيين في طرابلس غير راضين عن “اتفاق السادة”، ورأوا مقتبل 2016، أنهم بحاجة إلى إعادة محطات النفط، وذلك ليس فقط لتقويض خصومهم في الشرق، لكنهم رغبوا في ضمان عائدات النفط لأنفسهم في المستقبل.

وفي مارس 2016، تمكنت قوات طرابلس من السيطرة على موانئ طبرق لأيام قليلة، وباستعادة حكومة طبرق إلى موانئها، تسعى اليوم لاستكشاف طرق بيع النفط بمفردها، في الوقت نفسه، تسعى حكومة طرابلس للمزيد من السيطرة على عائدات النفط، ومن المرجح أنها ستحرم طبرق من إيراداتها.

هنا ياعزيزي، لم تنتهي القصة، بل هناك مجموعات أخرى تقوم بالاستفادة من النفط، وتغلق بشكل دوري خط أنابيب من حقلين جنوبيين غربيين كبيرين، ذلك لحرمان حكومة طرابلس من الإيرادات وإجبارها على الانصياع لمطالبها.

مع ذلك، الصراع الحالي في ليبيا أكثر من النفط، إذ يرتبط الأمر بأعضاء سابقين في نظام القذافي يحاولون استعادة ما فقدوه في ثورة 2011، كما يتعلق الأمر بالإسلاميين -لا الإرهابيين الإسلاميين المتطرفين- في محاولة للحفاظ على المكاسب السياسية التي حققوها خلال التدخل الديمقراطي القصير في ليبيا أعقاب الثورة التي أطاحت بالقذافي.

وداخل اللعبة المنشقين السابقين من مختلف الاتجاهات السياسية، بعضهم كانوا في المنفى وآخرين في سجون القذافي، ويسعون للحصول على ليبيا وبناء دولة تشبه أرواحهم، ووسط هذا المزيج الغني تضاف المنظمات الإرهابية الجهادية، مثل الدولة

الإسلامية، وبقايا قنصلية بنغازي المهاجمين أنصار الشريعة، إضافة لبعض عناصر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.

دعنا ننضج إذا، وندرك أن تلك الجماعات لا تتناسب مع حدود العهد العثماني، أي بلد جديد ستعطيه للإسلاميين؟ وعلى ماذا سيحصل أتباع القذافي؟ وأين سنضع الإرهابيين؟!

التقرير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى