شوؤن عربية

تقرير مترجم عن بوليتكو – هل يتعايش العراق مع إدارة ترامب؟

بوليتكو – ترجمات – 14/3/2017

“كيف سيبدو شكل نهاية القيادة الأمريكية في الشرق الأوسط؟”.. لا توجد فرصة سانحة توفر معرفة إجابة هذا السؤال هذه الأيام أفضل من منطقة كردستان في العراق؛ فهي بكل المقاييس من أكثر المناطق الموالية للولايات المتحدة الأمريكية في العالم.

لم تكن لتحيا كردستان كما هي الآن لولا التدخل المستمر للرؤساء الأمريكيين بدءًا من جورج بوش وبيل كلينتون، إصرارًا منهم على حماية المنطقة من بطش صدام حسين. وفي كل أنحاء العراق، يُعتبر جورج بوش رئيس موصوم بالمحتل، إلا أن كردستان العراقية تعتبره “المحرر” و”البطل”؛ بسبب إطاحته لصدام حسين. ومع بقاء ساعتين من الزمن على نهاية المعركة الشرسة لاستعادة المدينة الاستراتيجية “الموصل” من أيدي داعش، لم تكن لتنجح المعركة لولا مساعدة مئات المستشارين الأمريكيين على الأرض وفي الجو.

عادة ما كانت تشارك أمريكا في الحياة العراقية الكردية إلا أن الأمور اختلفت هذا العام، فعلى الرغم من تحدث ترامب كثيرًا عن هزيمة داعش دون أن يحقق أي شيء على أرض الواقع لمساعدة العراق نفسها سوى إدراج اسمها على قائمة الدول الممنوعة من دخول أمريكا المؤقت، وهو قرار عجز ترامب عن التمسك به بسبب التظاهرات الرافضة له.

فبينما تفكر الطبقة العراقية المهتمة بالسياسية في ما يحمله ترامب لهم تجاه أمتهم المشتتة وهم على مشارف خوض معارك مع داعش؛ آملين في التخلص منهم نهائيًا.

فمستقبل العراق -وبعد مرور 14 عامًا على غزو بوش لها- أصبح غير واضح. فظهور تنظيم الدولة الإسلامية لم يشعل حربا أهلية جديدة وكارثة اللاجئين فقط، وإنما نتج عنه أزمة اقتصادية متزايدة السوء بنفس اللحظة التي انهارت أسعار النفط المعتمد عليها اقتصاد العراق كليًا؛ فبعد أن كانت أمريكا اللاعب الأهم في المنطقة، تخلت تدريجيًا عن دورها للقوى المجاورة مثل إيران والسعودية وتركيا، بدون أن ننسى عودة روسيا إلى المشهد.

هل ستبقى العراق على قيد الحياة؟

سمعت في الأيام القليلة الماضية العديد من السيناريوهات التي تتوقع عودة فترة صدام حسين وقيام حروب أهليه جديد، وفشل حتى المتفائلين بمستقبل العراق بتوقع رؤية معينة للعراق الآن، خاصة ومع تسلم رئيس وزرائها حيدر العبادي، بضعف شخصيته لزمام الأمور، ولذلك تعتبر هذه المرحلة انهيارًا للنظام الأمريكي الذي بدأ في العراق في عام 2003 واستمرارا لانهيار النظام الأوروبي القائم منذ عام 1920.

فهل تستمر أمريكا في مساعدة العراق تحت إدارة ترامب؟ هل تكون إدارة واعدة لشخص ذو سياسات تهتم بمصالح أمريكا أولا بعيدًا عن السياسات الخارجية، وهو شخص عارض غزو أمريكا للعراق وتمنى لو أنهم دخلوا العراق وسرقوا نفطها ثم رحلوا سريعًا؟

العالم يتطلع إلى أمريكا، فإذا توقفت عن الاشتباك، ستجد أن العالم كله قد توقف. وعلى الرغم من تجنب العراق لانهيار حكومته إلا أنه لم تخرج من محيط الأرض الوعرة حتى الآن، ولايزال الطريق أمامه طويلا. فالعراق يحلم بوحدة وطنية؛ فيتئآلف السنة مع الشيعة، والعرب مع الأكراد، والمسيحيين مع اليزيديين؛ ليستطيعوا بناء أسس شراكة عسكرية لوقف التحدي الداعشي لتتحول العراق بذلك إلى إدارة ناجحة

يمكن الاعتماد عليها عوضًا عما نراه الآن من بلد ضعيف مليء بالفساد والانقسام الطائفي.

وعلى الرغم من كل هذا الصراع المشترك ما بين طوائف المجتمع العراقي، إلا أن العراق بعيد كل البعد عن أي وحدة وطنية، حيث أعلن تنظيم طالبان فشل دولة العراق، وهو أمر لا يشير بالمرة إلى تعاونه مع السياسيين الأكراد على الرغم من حربهم المشتركة ضد داعش. حيث يعد تكوين الجيش والمشاركة العسكرية أسهل بالنسبة للأكراد من الفوضى السياسية التي ستحدث قريبًا.

فلا يمكن أن تقتصر نظرة العراق على هزيمة داعش في أرض المعركة؛ لأنه ليس مجرد تهديد لأمن العراق؛ ولكنه تهديد سياسي، وخطر أيديولوجي وعالمي.

دعونا نلقي نظرة على السؤال الذي أغفلنا عنه جميعًا “ماذا عن الدور الأمريكي؟”

أدهشني أن أجد أن العديد من العراقيين يؤيدون ترامب على الرغم من خطابه المعارض للإسلام، ورغبته في سرقة النفط العراقي وإدراجه لاسمها على قائمة الدول الإرهابية الممنوعة من دخول أمريكا. هو أمرٌ يعود إلى أسلوب ترامب السياسي القريب من الناس وكونه مختلفًا عن أسلوب أوباما. فالشعب العراقي سأم من الفوضى التي عاش بها بعد الإطاحة بصدام حسين؛ واصفًا ترامب بالرجل القوي الذي وصل إلى مقاليد البيت الأبيض.

ترامب يعبر عن آرائه بقوة وصوت جلي لا يخاف ولا يجمل الحقيقة، فالشعب العراقي يرى أن ترامب لديه القدرة على فعل شيء ما، عكس ما حدث أثناء إدارة أوباما. فخروج أمريكا من العراق بتخطيط أوباما، لم يساعد العراق وإنما أرهقه وآذاه.

التقرير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى