ترجمات أجنبية

تقرير مترجم عن الواشنطن بوست – لدى ترامب فكرة جديدة للسلام في الشرق الأوسط! سوى أنها ليست جديدة مطلقاً

الواشنطن بوست – جاكسون ديل* –19/2/2017

استطلع دونالد ترامب حطام عقود طويلة من الدبلوماسية الإسرائيلية-الفلسطينية الفاشلة، وتأمل عالماً مليئاً بالتحديات التي تواجهها إدارته، واستنتج بطريقة ما أنه… سوف يكون الرئيس الذي يجترح اتفاقاً شاملاً في الشرق الأوسط. وأعلن الأسبوع الماضي في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في واشنطن: “ربما يكون اتفاقاً أكبر وأفضل حتى مما يفهمه بعض الناس في هذه الغرفة”.

ما هو الشيء الخاص بـ”الأرض المقدسة”، الذي يلهم مثل هذه الأفكار الخلاصية؟ ربما يجيب هذا السؤال عن نفسه. وعلى أي حال، تبدو طموحات ترامب المبالغ في حجمها بالكاد فريدة من نوعها. إنها تحمل في الحقيقة شبهاً مدهشاً بطموحات جون كيري وباراك أوباما. وبالنسبة للقادة الأميركيين، يبدو أن الجاذبية المشرقة لجائزة السلام الإسرائيلي-الفلسطيني تتسبب في العمى عن الأوضاع القائمة على الأرض؛ والصمم عن سماع أصوات الخبراء الذين يشيرون إلى أن أي مبادرة كبرى ستكون محكومة قطعاً بالفشل؛ واعتقاد غير عقلاني بأن استراتيجية أميركية جديدة للسلام يمكنها فجأة أن تجعل تحقيق النجاح ممكناً.

بحلول الوقت الذي تولى فيه باراك أوباما المنصب في العام 2009، كانت آفاق التوصل إلى اتفاق على إقامة دولة فلسطينية تحتضر مسبقاً، فيما يعود في جزء كبير منه إلى زعيمي الجانبين: نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس، اللذين -بالإضافة إلى احتقارهما لبعضهما البعض- لم يكونا راغبين ولا قادرين سياسياً على

تقديم التنازلات الضرورية. وبعد ثماني سنوات، ما يزال كل منهما في مكانه، وإنما أضعف، بل وحتى أكثر تعنتاً من السابق.

ولكن، لا داعي للقلق، كما استنتج أوباما: إنه يستطيع أن ينجح حيث فشل الآخرون عن طريق ممارسة قليل من الحب الأميركي القاسي تجاه إسرائيل، بدءاً من المطالبة بتجميد كامل للبناء الاستيطاني في الضفة الغربية. وسوف يسمح ذلك، مصحوباً بتواصله مع العالم الإسلامي، بالتوصل إلى اتفاق سلام في غضون سنتين.

لكن خطة أوباما سرعان ما تعثرت، لذات السبب الذي كان مستشاروه الخبراء قد حذروه منه: لن يؤدي الضغط الأميركي أبداً إلى حث إسرائيل على تجميد البناء الاستيطاني بشكل كامل. وقد أعطى ذلك لعباس العذر الذي كان يبحث عنه ليرفض المفاوضات.

ثم جاء كيري، الذي كانت نظريته أن كلا الطرفين سوف ينحنيان لما تراه واشنطن شروطاً حتمية للتوصل إلى تسوية. لقد كانا في حاجة إلى أحد ما، مثله، والذي يمتلك المهارات السياسية والتفاني الذي لا يفتر، لجعلهما يفعلان ذلك. وبعد سنة مُنهِكة لاحقاً، ثبت أن الخبراء كانوا محقين مرة أخرى: لم يقبل نتنياهو ولا عباس مخطط الولايات المتحدة، حتى كأساس غامض لخوض المزيد من المفاوضات.

والآن، جاء ترامب، الذي يبدو أنه يعتقد -مثل أوباما- بأن الولايات المتحدة يجب أن تتراجع عن التزاماتها الدولية وتتوقف عن محاولة بناء الدول -إلا عندما يتعلق الأمر بالإسرائيليين والفلسطينيين. ومرة أخرى، يجاهر الخبراء المخضرمون بتحذيراتهم؛ فيقول المخضرمان في شؤون الشرق الأوسط، ديفيد ماكوفسكي ودينيس روس: “اليوم، للأسف، ليست الظروف مهيأة لاتفاق سلام، بالنظر إلى الفجوة غير المسبوقة

بين الجانبين”. ويكتب المخضرم الآخر، مارتن إنديك: “لا يعتقد الإسرائيليون ولا الفلسطينيون في هذه اللحظة بأن السلام الآن ممكن ولا مرغوب فيه”.

لا يهم، يقول ترامب: فهو لديه مفهوم جديد! وهو في الواقع مفهوم قديم أعاد تدفئته نتنياهو الذي اقترح العام الماضي أن تبني إسرائيل على مصالحها المشتركة مع الدول السنية، مثل مصر والأردن والسعودية، التي تركز هي الأخرى على احتواء النزعة التوسعية الإيرانية وعلى تدمير الجهاديين الإسلاميين. وعلى الطريق، ربما يتفقون على اتفاق سلام تعترف فيه الأنظمة المسلمة أخيراً بإسرائيل في مقابل تقديم تنازلات للفلسطينيين.

كانت رواية ترامب الساذجة كما يلي: “إنه ليس شيئاً صعباً جداً، ولم تتم مناقشته من قبل. إنه في الحقيقة صفقة أكبر بكثير، صفقة أكثر أهمية بكثير، بأحد المعاني. والتي سوف تستوعب الكثير الكثير من الدول وسوف تغطي مساحة كبيرة جداً من الأرض”.

في الواقع، تعود هذه الفكرة وراءً إلى العام 2002، عندما تبنت الجامعة العربية اقتراحاً سعودياً بإقامة علاقات مع إسرائيل في مقابل انسحابها من المناطق المحتلة. وتقول حقيقة إن ذلك الاقتراح لم يذهب إلى أي مكان منذ ذلك الحين شيئاً: إن الحكومات العربية غير مستعدة للتفاوض نيابة عن الفلسطينيين، ناهيك عن الاعتراف بشروط للتسوية يمكن أن يرفضها عباس. وسوف تعمل العملية فقط إذا توصلت إسرائيل والفلسطينيون بالتزامن إلى اتفاق -وهو ما لا يستطيعونه الآن ولن يفعلوه.

لدى ماكوفسكي وروس اقتراح معقول: بدلاً من السعي إلى تحقيق نجاح شرق أوسطي شامل، ربما يجب على هذه الإدارة أن تحاول تحقيق نجاحات مفردة صلبة.

أحدها قد يكون إقناع نتنياهو بالحد من البناء الاستيطاني في المناطق داخل الحاجز الأمني الذي بنته إسرائيل بالقرب من حدودها مع الضفة الغربية؛ وآخر قد يكون جعل الفلسطينيين يكفون عن تقديم الإعانات المالية لعائلات المتشددين الذين ينفذون هجمات عنيفة ضد الإسرائيليين. وربما تخلق بضع خطوات من هذا النوع بالتدريج مناخاً دبلوماسياً أفضل، وأن تحافظ على الأقل على خيار الدولة الفلسطينية للمستقبل. وبطبيعة الحال، لن يكسب ترامب أي جوائز سلام أو حقوقاً للتفاخر -لكنه سيتجنب أن يصبح خاسراً آخر في الشرق الأوسط.

* نائب محرر المقالات الافتتاحية في “الواشنطن بوست”.

*نشر هذا المقال تحت عنوان:

Trump has a new idea for Middle East peace! Except it isn’t new at all.

ترجمة علاء الدين أبو زينة – الغد – 22/2/2017

ala.zeineh@alghad.jo

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى