تقرير مترجم عن الواشنطن بوست – خطة أوباما لضرب سورية كانت أكبر كثيراً من خطة ترامب
الواشنطن بوست – جوش روجين – 9/4/2017
كانت الضربة التي وجهتها إدارة ترامب إلى إحدى قواعد بشار الأسد الجوية مشابهة في الأسلوب والأهداف لخطة الضربات التي أعدها الرئيس باراك أوباما في العام 2013 -سوى أن هجمات أوباما كانت أكبر بمرات عدة من هجمة الرئيس ترامب. وفي ذلك الوقت، سخر الجمهوريون البارزون من إدارة أوباما لما أسمته ضربات “وخزة الإبرة”، ووصفوها بأنها غير فعالة. واليوم، أصبحوا يشيدون بضربات ترامب الأصغر باعتبار أنها محسوبة بطريقة مثالية. وقال لي مسؤول رفيع من إدارة أوباما منخرط في هذه المناقشات: “الذي كان في ذهننا في العام 2013 كان يتضمن عدداً أكبر كثيراً من الأهداف ونهجاً أكثر توسعاً بكثير”.
وكان ترامب قد أمر يوم الخميس بإطلاق 59 صاروخاً من طراز توماهوك على قاعدة الشعيرات الجوية، التي انطلق منها هجوم يوم الثلاثاء السابق بالأسلحة الكيماوية، والذي أسفرت عن مقتل عشرات المدنيين السوريين في إدلب. وأوضح ترامب في رسالة وجهها إلى الكونغرس يوم السبت الماضي أن ضربته كانت تهدف إلى “تحطيم قدرة الجيش السوري على شن المزيد من الهجمات بالأسلحة الكيميائية” وردع الأسد عن استخدام المواد الكيميائية مرة أخرى.
مثل ترامب، لم يكن فريق أوباما يحاول إسقاط نظام الأسد، ولم يكن يعتزم التعامل مع استخدام الأسد للأسلحة التقليدية لقتل المدنيين. لكن خطة أوباما صممت لتكون كبيرة بما فيه الكفاية لتحدث أثراً على حسابات الأسد. كما كانت هناك أيضاً خطط
للمتابعة -حتى بتوجيه ضربات للمزيد من الأهداف إذا استمر الأسد في استخدام الأسلحة الكيميائية.
وقال المسؤول: “اعتقد المخططون العسكريون أن الهجوم الذي خططنا له في العام 2013 كان كبيراً بما فيه الكفاية ليعمل كرادع حقيقي”. وأضاف: “لقد وضعنا خطة ضربات شملت أهدافاً إضافية لم تكن ستضرب في المرحلة الأولى”.
وأشار المسؤول الكبير في إدارة أوباما إلى أن شن هجمات أكثر اتساعاً ضد المزيد من القواعد الجوية السورية أصبح الآن أكثر صعوبة مما كان عليه في العام 2013، لأن كل قاعدة سورية تشهد الآن تواجداً للقوات الروسية.
وقال لي ليندس أو. غراهام (جمهوري من ولاية كارولاينا الجنوبية)، والذي رأى خطط أوباما في ذلك الوقت، أن خطة أوباما كانت ستضرب ستة منشآت عسكرية مختلفة للأسد، في حين أن ترامب لم يستهدف إلا واحدة. لكن غراهام أشار إلى أن أوباما غير رأيه في اللحظة الأخيرة وانتهى الأمر إلى عدم ضرب سورية على الإطلاق.
وقال غراهام: “هذا أفضل من عدم القيام بأي شيء. هذه خطوة في الاتجاه الصحيح. ولكن، هل ستغير سلوكهم؟ لا نعرف حتى الآن ما إذا كان هذا الهجوم سيعمل أم لا”.
ومن جهة أخرى، رد مسؤول كبير في مجلس الأمن القومي على فكرة أن ضربات ترامب أضعف من ضربات أوباما، وأنها ستكون أصغر كثيراً من أن تغير حسابات الأسد حول استخدام الأسلحة الكيميائية.
وقال المسؤول: “هذا هجوم مختلف بالأسلحة الكيماوية وهذا رئيس مختلف، والفرق هو أن هذا الرئيس اتخذ إجراء”. وأضاف: “يرجح أن يغير هذا سلوك الأسد أكثر من أسلوب التقاعس عن العمل الذي تبناه الرئيس أوباما”.
وكان العديد من الجمهوريين البارزين الذين أشادوا بضربة ترامب السورية قد قالوا سابقاً إن خطة أوباما للعام 2013 كانت شأناً ليس له معنى ولا أهمية على الإطلاق. وجاء انتقادهم في ذلك الحين رداً على وزير الخارجية آنذاك، جون كيري، الذي وعد بأن تكون الضربات “صغيرة بشكل لا يصدق”، ولن تؤدي إلى تورط عسكري أميركي أكبر في سورية.
وقال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكوني (الجمهوري من كنتاكي) في العام 2013 إن ضربات أوباما المقترحة هي “مثل وخزة الإبرة”، ولن تكون لها “أي عواقب كبيرة”. بينما قال ماكونيل يوم الجمعة في الأسبوع الماضي أن ضربة ترامب كانت “بالتأكيد أكثر من مجردة وخزة إبرة”.
انتقد السيناتور ماركو روبيو (جمهوري من ولاية فلوريدا) خطة أوباما المقترحة لضربة سورية خلال حملته الانتخابية الرئاسية. وقال في أواخر العام 2015 أنه “لم يتم بناء الجيش الأميركي لينفذ هجمات مثل وخز الإبرة”. وبعد ضربة ترامب في الأسبوع الماضي، قال إن الضربة “حققت هدفاً عسكرياً واضحاً”، والذي قال إنه تدمير، أو “إحداث تدهور كبير” في واحد من مطارات الأسد.
حتى الآن، لا يبدو أن قدرة الأسد على استخدام الأسلحة الكيميائية قد تدهورت بشكل كبير. وقد استأنف نظام الأسد يوم السبت مهمات الطيران من قاعدة الشعيرات الجوية نفسها، وقال مسؤولون أميركيون إن مخزون الأسلحة الكيميائية هناك ترك
دون أذى بشكل متعمد. ويقال أيضاً أن هناك قواعد حكومية سورية أخرى ما تزال تحتفظ بمخازن للأسلحة الكيميائية.
فى تغريدة على “تويتر” يوم السبت، دافع ترامب عن قرار الولايات المتحدة بعدم شل القاعدة الجوية السورية بقصف المدارج، وقال أن ذلك لم يكن مجدياً لأن المدارج سهلة الاصلاح.
الآن، يبقى أن نرى ما إذا كان قد تم ردع الأسد عن الاستمرار في استخدام الأسلحة الكيماوية. وفي اليوم نفسه الذي ضرب فيه ترامب القاعدة الجوية لقوات الأسد، ظهرت تقارير عدة تفيد بأن النظام استخدم قنابل معبأة بالكلور، وهو سلاح كيميائي آخر، لقتل المدنيين في مدينة حماة.
يؤيد معظم الديمقراطيين من جماعة الأمن القومي، وحتى بعض كبار مسؤولي إدارة أوباما، قرار ترامب ضرب الأسد، ويقولون أن ذلك يرسل رسالة واضحة عن استعداد الولايات المتحدة للدفاع عن مبدأ عدم التسامح مع استخدام الأسلحة الكيميائية. ومع ذلك، فإنهم، إلى جانب الجمهوريين الصقور، يحثون إدارة ترامب على عمل المزيد.
وقال النائب السابق لوزير الخارجية، أنطوني بلينكن، في صحيفة “نيويورك تايمز” إن “الاختبار الحقيقي للسيد ترامب هو ما سيأتي بعد ذلك. الآن، لدى الإدارة نفوذ يجب عليها أن تختبره مع نظام الأسد وروسيا لكبح جماح سلاح الجو السوري، ووقف أي استخدام للأسلحة الكيميائية والبيولوجية، وتنفيذ وقف فعال لإطلاق النار في الحرب الأهلية السورية، بل والتحرك نحو انتقال السلطة عن طريق التفاوض -وهي الأهداف التي تخلت عن إدارة أوباما”.
وكان مسؤولون في إدارة ترامب قد قالوا إنهم “مستعدون لفعل المزيد”. وإذا استخدم الأسد الأسلحة الكيميائية مرة أخرى، فإن هناك خططاً موضوعة مسبقاً والتي يمكن أن يستخدموها -نفس تلك التي كان قد وضعها أوباما وفريقه، والتي انتقدها الجمهوريون قبل بضع سنوات.
*نشر هذا المقال تحت عنوان:
Obama’s Syria strike plan was much bigger than Trump’s
ترجمة علاء الدين أبو زينة – الغد – 14/4/2017