ترجمات أجنبية

تقرير مترجم عن الديلي بيست – القبائل والمِحَن : غيرترود بيل وفشل الغرب القاتل في فهم العالم العربي

الديلي بيست – كيه. جيه. ويذرهولت* – 3/7/2017
ثمة فيلم وثائقي حديث يحظى بالكثير من الحفاوة، “أوراق من بغداد”، من إخراج زيفا أولبوم وسابين كراينبول. ويصوِّر الفيلم شخصية أساسية من حِقبة الحرب العالمية الأولى وما بعدها: المستكشِفة، وعالمة الآثار، ومتسلقة الجبال، وضابطة الاستخبارات البريطانية التي أصبحت بانية للدول الحديثة في الشرق الأوسط.
كانت امرأة سوف يؤثر نفوذها على المنطقة خلال المائة عام التالية -وسوف يلومها البعض، جزئياً، على ما يسمى “السلام الذي أنهى كل سلام” بعد الحرب العظمى- ولكن كان ينبغي أن يتم الاستماع إليها بقدر أكبر.
تم تقديم كتُب غرترود لوثيان بيل البيضاء، وخرائطها، وملاحظاتها عن القبائل العربية إلى مكتب الإمبراطورية البريطانية في القاهرة، مع بعض من استخبارات المكتب الأكثر أهمية في المنطقة. وعلى سبيل المثال، مكَّنت هذه الوثائق تي. أس. لورنس (المعروف أكثر باسم “لورنس العرب”)، من تحقيق قيادة أفضل لما سُميت “الثورة العربية” ضد الأتراك المتحالفين مع ألمانيا.
وكتبت بيل بمودة بعد اجتماع مع لورانس في ذروة الحرب: “أجرينا حوارات رائعة ووضعنا مخططات واسعة لحكومة الكون”.
وكانت رغبتها الوحيدة: أن يتجاهل زملاؤها وقادتها فرادة وجودها كامرأة، وأن يتعاملوا فقط مع النقاط الجوهرية التي وضعتها في تقاريرها؛ تلك الأفكار الحاسمة والحيوية لبناء عراق بعد الإمبراطورية العثمانية.
في العام 1916، كتبت بيل من ميناء البصرة في الحرارة القائظة: “هناك أوقات يصل المرء فيها إلى نوع من الطريق المسدود؛ إلى شعور باللا حول ولا قوة أمام الكثير مما ينبغي تصحيحه في الشؤون الإنسانية، مع القليل جداً من قدرة التغيير”. (“حرارة ماء استحمام المرء، المستمد من خزان على السطح، لا تقل أبداً عن 37 درجة مئوية إلا في الصباح الباكر، ولكن بلا البخار -الهواء أكثر سخونة”).
كانت بيل تشعر في كثير من الأحيان بالإحباط. وكتبت ذات مرة إلى زوجة أبيها في شتاء البصرة الكئيب القاتم في العام 1916: “كنت مشغولة بالعمل على مذكرة طويلة عن كل علاقاتنا العربية المركزية، وانتهيت منها للتو. وسوف تذهب (المذكرة) الآن إلى كل الكبار والأقوياء في كل جزء. لا يمكن للمرء أن يفعل أكثر من الجلوس والتسجيل إذا كان من جنسي (أنثى)، فليأخذه الشيطان. لكن المرء يستطيع جعل الأشياء تُسجَّل بالطريقة الصحيحة، وهذا يعني، كما آمل، أن الناس سيحكمون بلا وعي على الأحداث كما تظنين أنه يجب الحكم عليها. لكنه… تغيير صغير جداً هو الذي أشعر به في بعض الأحيان”.
واليوم، بالفعل، منذ تم فرض بناء الدولة العراقية على الوعي الأميركي بفعل الغزو والاحتلال بقيادة الولايات المتحدة في العام 2003، تمت إعادة اكتشاف بيل باعتبارها المرأة الديناميكية والمؤثرة التي كانتها. وكتب المؤرخون وكتاب السير الذاتية كما هائلاً من الأعمال عنها. وفي فيلم روائي حديث، “ملكة الصحراء” لفيرنر هيرزوغ، قامت بتشخيص بيل نجمة هوليوود نيكول كيدمان.
لكن معظم هذه الأعمال فعلت بالضبط ما كانت بيل قد ازدرته: لقد فوَّتت أهم النقاط التي سعت إلى إبرازها. كانت هذه الأعمال، كما كانت لتقول، مجرد “تغيير صغير”.
مهما كانت الإحباطات، لا ينبغي التبشير بهدف حياتها وعملها على أنه نموذج جنساني، سواء نُسي أو تم تذكره أو أعيد اكتشافه. كان ينبغي دائماً أن تتركز أهميتها بشكل مباشر على الحكمة التي عكفت بهمة لا تلين على محاولة نقلها إلى معاصريها، والتي كان ينبغي أن يكون قد تم الاستماع إليها في فترة القرن الذي مرّ منذ ذلك الحين، وإنما تم تجاهلها بلا إبطاء -أو أُعيد تعلمها فقط بعد ألم كبير، ثم نسيانها من جديد، كما حدث في حالة العراق تحت الاحتلال الأميركي.
بالنسبة لبيل، كانت القضية الكامنة في صميم كل شيء هي رفض الغرب فهمَ المنطقة التي غمس نفسه فيها بقوة. وكان يجب أن يكون أساس هذا الفهم هو الاعتراف بالواقع القبَلي الذي استند إليه الشرق الأوسط منذ آلاف السنين.
كان تحذير بيل: لا يمكن للمرء أن يُحِلَّ شيئاً محلَّ آلاف السنين من السياق القبَلي، وبنيته، وتاريخه من دون صعوبة بالغة، إن لم يكن مواجهة رد فعل عنيف. ليست مهمة أولئك الذين يعيشون في الأرض التي يحتلها المرء أن يعتنقوا القيم الغربية؛ إن لديهم قيمهم الخاصة بهم، والتي كانت موجودة قبل فترة طويلة من التطورات والأحداث الغربية مثل الانقسام بين الروم الكاثوليك والأرثوذكسية الشرقية، والحروب الصليبية والماغنا كارتا والإصلاح، أو حتى معاهدة وستفاليا التي أسست مفهوم سيادة الدولة.
ولاحظت بيل أيضاً أن العالم العربي كان خارجاً للتو من احتلال العثمانيين الذين هُزموا في الحرب العالمية الأولى، فقط ليحلَّ محلهم الغرب كإمبراطورية من نوع مختلف -واحدة كان هدفها من صنع الملوك وبناء الأمة يعني ببساطة خدمة مصالح الأوروبيين (وبعد ذلك الأميركيين) الذاتية الهائلة: السياسية والاقتصادية، غير المنضبطة والتي لا تعرف الندم.
وإذن، بالنظر إلى منظور بيل العنيد، ما هي بالضبط تلك الشخصية القبَلية العربية التي أرادت بيل من الحكومة البريطانية أن تفهمها؟
كان هذا فهماً كوَّنه كل من بيل وتي. أس لورانس بشكل عاطفي؛ كلاهما كان مأخوذاً بما رأياه أنه التناقضات البنيوية الكامنة -وإنما الفاتِنة أيضاً- لما اعتبراه “الشرق”.
يقول لورنس: “بالنسبة للعرب العاديين، كان موقد النار بمثابة جامعة، والذي يمر حوله عالمهم، وحيث يسمعون أفضل الحديث، وأخبار عشائرهم، وقصائدها، وتاريخها، وحكايات الحب فيها، ومحاكماتها، ومساوماتها”. ويضيف: “وقد أظهر الزعماء العرب اكتمالاً في الغريزة، واعتماداً على الحدس، ومعرفة قَبْلية غير مُتعلَّمة، والتي جعلت عقولنا تدور مبهورة”.
كانت الصحراء العربية، بالنسبة لكل من بيل ولورانس، أرض المتناقضات. فيها، تركت قساوة المشهد الطبيعي -في أكثر صوره بساطة، الصحراء- تلك الأرض اليباب التي يعيش فيها المرء بين أقسى العناصر الممكنة، مع ظروف يمكن أن تتغير في لحظة، تركت أثراً باقياً لا يمحى على الشخصية العربية.
حتى أن تلك الامتدادات الجهنمية من الرمال الصحراوية والصخور المسودّة بأشعة الشمس لأميال لا نهاية لها، يمكن أن تكشف فجأة عن واحة. وقد خلق هذا التكوين في الوقت نفسه، شيئاً عصياً على الاختراق في النظرة القبَلية إلى الغريب الخارجي، في حين يصادف المرء، إذا سُئلت، نوعاً من الضيافة الأصيلة الأكثر بعداً عن التوقع.
في ثقافة تشكلت في أساسها من أقسى الظروف، لم تكن الحقيقة، والشخصية، والنزاهة والكرامة مجرد جماليات؛ كانت ضروريات للبقاء الأساسي. ومع ذلك، كات خلافات الدم، والعشائر المتحاربة، والحقائق الوحشية الأخرى، حاضرة أيضاً بالمقدار نفسه في الوقت نفسه.
كانت هذه الخصائص الأخيرة هي التي سمحت للبريطانيين، من بين آخرين في الغرب، بأن يقرروا بكل سرور أنهم يتعاملون مع همجيين من مستوى أدنى، يفتقرون إلى التعليم الأساسي، والذين بدوا، حسب رؤية الغربيين الغائمة، كما لو أنهم يعتبرون “الحداثة” لعنة. وفي الحقيقة، يشكل مصطلح “القبَلية” نفسه بالنسبة للأوروبيين والأميركيين دلالة تحقير -وصفاً للعلاقات الأسرية الممتدة التي تجتمع مع “العشيرة” و”المافيا”، و”المحسوبية” و”الفساد”.
كان هذا التصوُّر شيئاً جعلت منه بيل قضية متميزة. سوف تتبنى القبائل جوانب مختلفة من الحداثة إذا كانت تتناسب مع السياق القبَلي. لم يكن العرب على وشك التخلي عن الشيء الذي يشكل أساس هويتهم نفسه، وكان هذا شيئاً يحتاج أي أحد يعمل بينهم إلى فهمه.
كانت هذه ثقافة مختلفة لم يعطها معظم الغربيين؛ أي احترام على الرغم من طول عمرها وألقها. وقد عرف القليلون أو اهتموا بحقيقة أن هذه المجتمعات القبَلية في ما هو الآن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كانت مسؤولة عن إنتاج بعض من الأعمال العلمية والرياضية والأدبية والثقافية الأكثر عمقاً من أي شيء عرفه العالم على الإطلاق، بالإضافة إلى تعزيز بعض من أكبر مراكز العِلم والتعلم عنما كانت أوروبا غارقة في خضم “العصور المظلمة”. ومن بين تلك المراكز بغداد، التي ستجعلها بيل في نهاية المطاف موطنها ومستقرها، وحيث توفيت في العام 1926. كان ما لم يفهمه البريطانيون والغرب أيضاً، هو ذلك التاريخ الطويل من الحذر والاحتراس تجاه الغرباء، حتى يُثبت هؤلاء الغرباء أنهم أصدقاء -لأن التجربة يمكن أن تكون قاتلة بشكل أساسي. لم تكن الكلمات تعني شيئاً إلا حين يدعمها العمل -وهو ما يُظهر معدن الشخصية. كانت لدى أولئك الذين يعيشون في داخل الصحراء وفي المناطق المحيطة بها ذاكرة طويلة.
أدرك كل من بيل ولورانس أن هذا كان من المجالات التي افتقرت القيادة البريطانية خلال الحرب العالمية الأولى -ورؤساؤها المدنيون في الحكومة- إلى فهمها بشكل متأصل. كانت المصلحة الذاتية هي التي ستحل محل أي وعود تم بذلها، وسوف يكون هذا الاتجاه إشكالياً بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بالتنكر للوعود بالاستقلال العربي بعد هزيمة العثمانيين.
يأخذ لورانس هذا إلى مستوى عالٍ من لوم الذات: “لقد سلَّمنا، ليس الجسم وحده، وإنما الروح أيضاً للجشع المفرط الذي خلفه الانتصار. بعملنا نحن أنفسنا، تجرَّدنا من الأخلاق، والاحترام، والمسؤولية، مثل الأوراق الميتة في مهب الريح”.
بينما وافقت بيل على أن هذا الوصف ينطبق حقاً على رؤسائها البريطانيين، فإنها رفضت التخلي عن المسألة والركون إلى الهزيمة، واختارت بدلاً من ذلك أن تمضي قدماً، كما اقتضت شخصيتها، لكي تسود من خلال منح دولة عربية واحدة على الأقل الفرصة لتنشأ -وأن تعيش وتبقى، كما أمِلَت بيل.
كانت جهودها هي التي صنعت الحدود التي رُسمت لخلق دولة العراق، التي سيقودها الأمير فيصل (الذي كان يعرِف لورانس أيضاً، لكنه فضَّل بيل لعدم قدرتها على قول أي شيء سوى الحقيقة بدلاً من الكلام الدافئ، كما فعل لورنس في كثير من الأحيان، من الترويج الذاتي).
سوف يصبح فيصل، القادم من الحجاز بمدينتيها المقدستين، مكة المكرمة والمدينة، ملك العراق الجديد، والذي سيُرضي في ذلك الحين كلاً من السُنة والشيعة على حد سواء، لأن فيصل وإخوته، والأمراء الهاشميين الآخرين، ينحدرون من النسب المباشر للنبي محمد.
تم توجيه الكثير من اللوم إلى بيل لدورها المفرد في رسم حدود ما بعد الحرب العالمية الأولى في الشرق الأوسط؛ كانت هي التي تعرف اللهجات، والقبائل، والشيوخ، وتواريخ وعادات كل فصيل قبَلي تقريباً من بلاد فارس إلى بلاد الشام. وبالنظر إلى الواقع القبَلي، والمطالبات المتنافسة وعدم الثقة والكراهية السائدة فيما بينها في كثير من الأحيان، فقد كانت هذه مهمة مستحيلة. لكن بيل كانت تعرف أنها لو لم ترسم هي هذه الحدود وتمارس نفوذها، فإن شخصاً آخر لديه معرفة وقلق أقل بكثير سوف يفعل -وبنتائج أكثر كارثية.
كان ذلك عملاً لم لا يجلب الشكران من الأجيال التالية؛ لكن تلك القبائل في ذلك الوقت، والملك فيصل الجديد، كانوا يعرفون أنها شخصية بيل هي التي تتحدث نيابة عنهم، والتي تفعل كل ما في وسعها على الرغم من التحديات المتأصلة والاتهامات المستقبلية. لم يرتقِ لورانس إلى الوفاء بوعوده، ولكن بيل فعلت.
لخص رسم كاريكاتيري وقطعة من الشعر الهزلي لواحد من رؤسائها البريطانيين إعجابهم الضاحك ببيل:
“من طرابزون إلى طرابلس
كان الباشوات ينكشفون أمامها،
وهي تقول لهم كيف يفهمون هذا
وكيف يفكرون في ذاك”.
في واقع الأمر، لم يكن هناك أحد يحظى باحترام أكثر من بيل كشخص غربيٍّ في الشرق الأوسط؛ ولدى وفاتها في بغداد في العام 1926، عندما اشتغلت أخيراً بجمع وتنظيم الآثار للمتحف الوطني العراقي الجديد لتخليد تاريخ المنطقة بشكل أفضل، نعتها وبكتها البلاد كلها، وخصوصاً أولئك الذين عرفوها أفضل ما يكون بين القبائل.
وإذن، ماذا عن اليوم، وعن الأصوات التي يبدو أنها اكتشفت الآن بعضاً من هذه الحقائق نفسها عن المنطقة؟
من ورقة ديفيد رونفيلد لمؤسسة “راند” في العام 2006 بعنوان “القبائل: النموذج الأول والأبدي” إلى جيم غانت، وهو عضو سابق في البيريهات الخضراء يكتب عن تجاربه في أفغانستان في “قبيلة واحدة في كل مرة”، إلى العمل الأخير على مواجهة ما تُدعى “الدولة الإسلامية” لجاك ميرفي، براندون ويب، وبيتر نيلين لموقع SOFREP.com، أكد هؤلاء من ذوي الخبرة الجديدة في المجتمعات القبلية حيث ذهبت الولايات المتحدة للحرب -أكّدوا جميعاً حكمةَ بيل.
الباحثة واللغوية البريطانية إيما سكاي، هي مستشارة مدنية للجنرالات الأميركيين في العراق خلال وبعد “زيادة عديد القوات” التي أجرتها القوات الأميركية قبل نحو عقد من الزمان -عندما ثبت أن احتضان العديد من زعماء القبائل هو مفتاح التهدئة المؤقتة للبلد– عادة ما وجدت نفسها وهي تُقارَن بغيرترود بيل.
الإجماع الآن: منذ زمن بيل وحتى اليوم، ما تزال العديد من الأنماط باقية هي نفسها فيما يتعلق بكل من الدوافع الغربية للتدخل، ورد الفعل القبلي على ما يُعد جهلاً غربياً، وعدم احترام، وعدم ثقة.
هناك اختلافات بطبيعة الحال. فـ”الموقد” لم يعد هو الجامعة الآن. وتم استبدال الواحة بمركز التسوق مكيف الهواء. وأصبحت مسألة القبَلية أقل وضوحاً بينما أصبحت المجتمعات العربية أكبر حجماً وأكثر ثراء، وأصبحت مواردها تزداد أهمية بالنسبة للغرب باطراد.
ولكن، كما كتبت ميريام كوك في دراستها في العام 2013 بعنوان “القبَلية الحديثة: خلق ماركات الدول الجديدة في الخليج العربي”، فإنه “تم قمع النزعة القبَلية في منتصف القرن العشرين لأن إمبرياليي النفط ووكلاءهم المحليين اعتبروها عائقاً أمام التحديث، ولكن القبَلية آخذه في العودة إلى القرن الحادي والعشرين”، وبينما تفعل ذلك، فإنها “تؤشر على صعود امتياز عنصري، ووضع اجتماعي، وحقٍّ استثنائي في حصة من الأرباح الوطنية”. ومن الطريقة التي يلبسون بها إلى الطريقة التي يتحدثون بها، يُميز عرب الخليج أنفسهم عن العمال المستأجرين الذين يستوردونهم من جميع أنحاء العالم.
وتقول كوك: “بناء الأمة على الأراضي القبلية حوَّل القبيلة إلى عِرق إلى دولة. وتشكل حقوق الميلاد، والجينات، والقرابة -كلها لبنات البناء الأساسية…”.
وقد فهمت بيل ذلك. وكانت تقدم المشورة السليمة حول واقع تعرفه، واستطاعت أن تتنبأ بما هو آتٍ -ولو أنه سيصبح أكثر تقلباً بمرور الوقت. ولو كان أحد قد استمع إليها حقاً، فإن السنوات الـ100 الأخيرة من التاريخ ربما كانت للتكشف بطريقة مختلفة.
بدلاً من ذلك، أصبحنا نرى التأثيرات اللاحقة في الأخبار كل يوم: بيت آل سعود الوهابي في مقابل الحوثيين في اليمن؛ وعلاقة الشد والجذب التي تصبح أكثر شحناً باطراد مع الأسرة الحاكمة في قطر -حيث يحاول آل سعود تحجيم آل ثاني. والرجال الأقوياء في العراق وسورية يستغلون الصراع القبلي والطائفي، بينما نشاهد التحول المستمر للتحالفات الاستراتيجية من أجل دعم أفضل للذات في مقابل مصالح الغرب. ويستغل الإسلاميون الفوضى والصراع، بما في ذلك استمرار الغطرسة الغربية وجهل الغرب بالمشهد القبَلي والثقافي العربي، لتحقيق أهدافهم الخاصة. وهذا درس آخر يستحق التعلم: إن أولئك الذين يعرفون، إنما يعرفون لسبب؛ المعلومات موجودة هناك على قارعة الطريق إذا كان المرء راغباً في العثور عليها وكان منفتحاً على الاستماع إلى الحكمة التي توفرها. لكن هذا في الواقع مجرد خيار.
*بمساهمة إضافية من كريستوفر ديكي.
*نشر هذا الموضوع تحت عنوان:
TRIBES AND TRIBULATIONS: Gertrude Bell and the West’s Fatal Failure to Understand the Arab World
ترجمة علاء الدين أبو زينة – الغد – 19/11/2017
ala.zeineh@alghad.jo

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى