ترجمات أجنبية

تقرير مترجم عن الإيكونوميست – فشل مُطبِق : لماذا يشعر الفلسطينيون بقنوط غير مسبوق؟

تقرير خاص – (الإيكونوميست) 19/12/2017
القاهرة- حتى بمعايير عملية السلام، فإننا ربما نكون قد وصلنا إلى مستوى منخفض جديد. وقد أمضى مستشارو الرئيس دونالد ترامب العام الماضي في تنقل مكوكي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وتقترب الإدارة الأميركية من الكشف عن خطة سلام، لكن عمل الإدارة ذهب مسبقاً إلى ما يسميه البيت الأبيض بـ”فترة التهدئة”. وعندما يذهب مايك بينس، نائب الرئيس الأميركي، ليزور الشرق الأوسط في كانون الثاني (يناير)، فإن من غير المرجح أن يستقبله أي زعيم فلسطيني. وقد تنتهي الجولة الأخيرة من محادثات السلام حتى قبل أن تبدأ.
والسبب هو قرار الرئيس ترامب في السادس من كانون الأول (ديسمبر) الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، مع التجاهل المطلق للمطالبات الفلسطينية بالمدينة. وقد قوض هذا الإعلان ادعاء أميركا بأنها وسيط عادل، لكنه سلط الضوء أيضاً على الوضع العاجز والبالي للحركة الوطنية الفلسطينية. وكانت الاحتجاجات ضد قرار ترامب في الأراضي الفلسطينية صغيرة نسبياً؛ حيث لم يخرج أكثر من بضعة آلاف من الفلسطينيين في ذروة الاحتجاجات. وقد قتل ثمانية فلسطينيين في أعمال العنف، لكن الاحتجاجات اقتربت بالكاد من حجم انتفاضة جديدة.
جاء رد الفعل الصامت هذا في جزء منه انعكاساً لوجود قيادة فلسطينية غير ملهمة. وعلى مدى عقد من الزمان، ظل محمود عباس، رئيس الفلسطينيين المُسن، يراوح بين جهود السلام الفاشلة والمحاولات الرمزية لتحدي إسرائيل في الأمم المتحدة. وكانت حركة حماس، الجماعة الإسلامية المتشددة التي فازت بأغلبية في البرلمان في العام 2006، قد أطاحت بحزب عباس، فتح، وأخرجته من قطاع غزة العام 2007. لكن حروب حماس الثلاث مع إسرائيل لم تجلب للقطاع سوى البؤس، حيث يعاني نصف السكان من البطالة. وقد ظهر بصيص من الأمل في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، عندما اتفق الفصيلان الفلسطينيان على إصلاح العلاقات بينهما. لكن تلك الصفقة لم تُنفذ، مثلها مثل اتفاقات المصالحة الستة التي سبقتها.
الآن، يشعر الفلسطينيون بأنهم وحيدون تماماً وقانطون. فقد فقدت قضيتهم صداها في شرق أوسط تستهلكه الحروب الأهلية والمعارك بالوكالة بين إيران؛ القوة الشيعية في المنطقة، والمملكة العربية السعودية؛ زعيمة السُّنة في المنطقة. ولم تقدم الدول العربية أكثر من مجرد إدانات غامضة لقرار الرئيس ترامب الخاص بالقدس. وتبدو القوى العربية السُّنية الرئيسية أكثر اهتماماً بإرضاء إسرائيل التي أصبحت حليفاً ضمنياً في الصراع مع إيران. ويقول الفلسطينيون إن ما شاهدوه من خطة السلام الأميركية المنتظرَة مهين، لكن العرب النافذين ضغطوا عليهم لقبولها. وحتى بعد خطاب السيد ترامب الخاص بالقدس، وصف بعض المسؤولين العرب جهوده لصنع السلام بأنها “جديَّة”.
ومع ذلك، يصارع الفلسطينيون العاديون مع شواغل ومخاوف أكثر قرباً وإلحاحاً، مثل الغذاء والماء والمأوى. وفي الضفة الغربية، يحلم الشباب بالمغادرة بحثاً عن حياة أفضل في الغرب أو في دول الخليج. وفي شوارع غزة، حيث حظيت حماس بدعم واسع، أصبح من الشائع الآن سماع الانتقادات للمجموعة، بل وحتى التعبير عن الحنين إلى الأيام التي كانت إسرائيل تسيطر فيها على القطاع. وفي الرد على سؤال عن أكبر مشكلة يواجهها المجتمع الفلسطيني، ذكر أقل من ثلث المستطلَعين الاحتلال باعتباره المشكلة الكبرى. ويرى الكثيرون أن البطالة والفقر والفساد تشكل تحديات أكثر إلحاحاً.
تأخرت الانتخابات الوطنية الفلسطينية ثماني سنوات. وبذلك فقد الكثير من الفلسطينيين الثقة في السياسة. وكانت نسبة المشاركة في الممارسة الديمقراطية الوحيدة في السنوات الأخيرة، وهي انتخابات محلية أقيمت في أيار (مايو)، قد بلغت 53 في المائة، هابطة من نسبة مشاركة بلغت 70 في المائة قبل عقد من الزمان. ومع أن متوسط عمر السكان في المناطق الفلسطينية هو 19 عاماً، فإن عمر أصغر مرشح يحظى باحتمال الحلول محل السيد عباس يزيد على 60 عاماً. ومع وجود أفق ضئيل لتحقيق السلام، فإن الكثير من الفلسطينيين شرعوا في فقدان الاهتمام بحل الدولتين.
ووجدت دراسة استقصائية أجريت في آب (أغسطس) 2017 أن 52 في المائة منهم ما يزالون يفضلون هذا الحل التوفيقي. لكن هذا الدعم انخفض إلى 43 في المائة عندما أوضح القائمون على الاستطلاع طبيعة ما قد يبدو عليه حل الدولتين. كما أن هناك أيضاً خلافا حادا حول البدائل، مع دعم متساو تقريباً لدولة واحدة ثنائية القومية، والتي ستكون دولة فصل عنصري، وبين طرد اليهود و”بدائل أخرى”.
بعيداً عن كونه الرجل المناسب لإنجاز صفقة سلام، أصبح الرئيس عباس من أكبر العقبات أمامها. لم تعد لديه شرعية تذكر للتفاوض نيابة عن أبناء شعبه الذين يرغب ثلثاهم في استقالته. ومع ذهابه إلى مزيد من الاستبداد باطراد، فإنه أصبح أكثر اهتماماً بالخلافات المحلية من اهتمامه بالاحتلال الإسرائيلي. ويقول صلاح البردويل، عضو حماس: “إن هدفه الرئيسي هو أن البقاء في مسرح السياسة”. لكن حماس لم تفعل ما هو أفضل.
من اللافت ملاحظة أن الانفجار الوحيد الناجح للنشاط النضالي الفلسطيني في العام 2017 جاء في القدس الشرقية؛ حيث لا تتمتع حركة فتح ولا حماس بالكثير من التأثير. وعندما قامت إسرائيل بتركيب كاشفات معادن جديدة في المسجد الأقصى في تموز (يوليو)، قام الفلسطينيون بتنظيم احتجاجات وأجبروا إسرائيل على التراجع.
لكن بعض الفلسطينيين الذين يعيشون في المدينة أصبحوا يتخلون الآن عن المعركة الأكبر. ومن الفترة بين العامين 2014 و2016، قدم أكثر من 4.000 منهم طلبات للحصول على الجنسية الإسرائيلية، بمعدل يزيد ثلاثة أضعاف عما كان عليه قبل عقد من الزمان. وقال أحد المحتجين الفلسطينيين في تظاهرات تموز (يوليو): “الاحتلال لن ينتهي. إسرائيل لن تختفي. ونحن لا نساعد أنفسنا إذا تظاهرنا بأنها ستفعل”.
*نشر هذا التقرير تحت عنوان:
Capital failure: Why the Palestinians have never felt so despondent
ترجمة علاء الدين أبو زينة – الغد – 4/1/2018

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى