تقرير مترجم عن الإندبندنت البريطانية – “داعش” خسر الرقة.. أين سيذهب مقاتلوه بعد ذلك؟
الإندبندنت – روبرت فيسك* – 17/10/2017
اليوم، أصبحت الرقة على وشك السقوط -ومرة أخرى، يجيء سقوطها الوشيك بعمل مقاتلي “داعش” الذين اختاروا عدم القتال حتى الموت. وتعتقد قوات سورية الديمقراطية -المكونة في أغلبيتها من الأكراد، والتي هي بالتأكيد ليست ديمقراطية، وما كانت لتتمتع بأي قوة تُذكر من دون القوة الجوية الأميركية- أنها قد تحتل المدينة بأكملها في غضون 24 ساعة من كتابة هذه السطور، وبالتالي سوف تمحو عاصمة “داعش” في سورية من الوجود.
لكن التقارير عن أكثر من 275 مقاتلاً من “داعش” على الأقل، الذين يقال إنهم سوريون والذين تم إطلاق سراحهم فيما يبدو، سوف يثير قلق الحكومة والجيش السوري إلى حد كبير. هل سيسمح لهم بالتجول في الصحراء السورية وشن الهجمات على الجيش السوري؟ أم أنهم سيذهبون للانضمام إلى رفاقهم في دير الزور، المدينة التي تسيطر عليها الحكومة، والتي لم تتمكن القوات السورية من احتلالها بالكامل بعد؟
ستكون هذه هي المرة الثانية في غضون أسبوع والتي يستسلم فيها “داعش” بشكل جماعي -تقول “قوات سورية الديمقراطية” التي يقودها الأكراد إن المقاتلين الأجانب فقط هم الذين ما يزالون متبقين في الرقة- وينبغي أن يكون الافتراض أن مقاتلي “داعش” إما أصبحوا قانعين بالتخلي عن المعركة الآن وانتظار القتال مرة أخرى في يوم آخر، أو أنهم يسعون ببساطة للعثور على طريقهم إلى البيت والتخلي عن النضال جملة وتفصيلاً. وقد يكون التصور الأخير هو الأكثر احتمالاً. ولكن الجيش الحكومي السوري موجود هو أيضاً على بعد أميال قليلة من الرقة، ولديه مكتب اتصال خاص به مع الأكراد في قوات سورية الديمقراطية -ومع القوات الجوية الروسية- في موقع صغير بالقرب من نهر الفرات. وسيريد السوريون أن يعرفوا تفاصيل هذا الاستسلام واسع النطاق -أو الإفراج واسع النطاق الذي يبدو أنه ما يحدث.
يُعتقد أن المقاتلين قد نقلوا في البداية إلى سجن “حاوي الهوى” خارج الرقة، حيث يجري التحقيق معهم –فيما يؤمَّل بأن يكون بطريقة أكثر إنسانية من معاملة سجناء “داعش” الذين أسرتهم الميليشيات العراقية الشيعية في الموصل. كما أتاحت الهدنة القصيرة لبعض المدنيين فرصة الفرار من المدينة، بما في ذلك زوجات وأطفال المقاتلين. لذلك، يبدو أن جميع الرؤى عن الموت البطولي والجنة التي استحضرها قادة “داعش” -والكثير منهم قتلوا هم أنفسهم- لم تعد تبدو جديرة بمقاتليهم.
مجرد حقيقة أنهم يتحدثون مع خصومهم يشكل خطوة غير عادية، على الرغم من أن هناك مثالاً ثالثاً على مثل هذا الاستسلام: عندما سمح المقاتلون السوريون وحزب الله على الحدود السورية مع لبنان لمقاتلي “داعش” وغيرهم من الإسلاميين بمغادرة التلال الواقعة فوق بلدة عرسال اللبنانية في وقت سابق من هذا العام.
ومع ذلك، لن تكون هناك أي “مغفرة” على ما يبدو للمقاتلين الأجانب في الرقة -ويبدو أنهم سيضطرون إلى القتال والموت ما لم يتلقوا الرأفة هم أيضاً من المقاتلين الذين يحاصرون المدينة. وما لا نعرفه حتى الآن هو كم من مدينة الرقة العباسية القديمة وجدرانها التي على شكل حدوة الحصان وبوابة بغداد التي بنيت على الأرجح في القرن الثامن، سينجو ويبقى على قيد الحياة. وقد تضرر الكثير من آثار سورية القديمة أو تم تدميرها -في بعض الأحيان بشكل متعمد- في هذه الحرب، حتى أن القليل من المؤرخين أصبحوا يهتمون بعد الآن بالأسف على تدمير التراث الثقافي للبلاد والتعبير عن الاستنكار.
بل إن “داعش” خسر بلدة الميادين السورية التي كان قد استولى عليها هذا الصيف، والتي استعادها جيش الحكومة السورية الآن. ولكن، في حين أن الحرب ربما يكون قد تم “كسبها” في الصحراء، فإنها لم تنته بعد. كانت القذائف تتساقط مرة أخرى في نهاية الأسبوع الماضي على أكثر من منطقة في دمشق، ومعظمها في الجزء القديم من المدينة. وقد أبلغت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مقتل عدة أشخاص. وقال أحد الأطباء أن أربعة أشخاص قتلوا يوم الأحد وأصيب سبعة مدنيين بجروح شديدة من الشظايا.
ومع ذلك، فإن الإصابات أصبحت أيضاً تصيب الحقيقة. ويدعي الأميركيون بأن 80.000 مقاتل من “داعش” قد قتلوا في العراق، في حين تبدو سورية مستبعدة جداً من الحساب –40.000 في العراق و40.000 في سورية تبدو إحصائية معقولة أفضل قليلاً. ويذكر أن المقاتلين الأكراد أطلقوا على عمليتهم للاستيلاء على الرقة اسم صاحب إصابة واحدة يمكنهم تأكيدها على الأقل، قائدهم العربي عدنان أبو أمجد، الذي قتل في آب (أغسطس) الماضي في وسط المدينة.
*مراسل صحيفة “الإندبندنت” في الشرق الأوسط.
*نشر هذا المقال تحت عنوان:
Isis has lost Raqqa – so where will its fighters head to next?
ترجمة علاء الدين أبو زينة –الغد – 21/10/2017
ala.zeineh@alghad.jo