تقرير مترجم عن إل إسبكتادور – فنزويلا مادورو، عندما تكون “الديمقراطية” أسوأ من الدكتاتورية
إل إسبكتادور – أندرياس هويوس – 10/11/2017
كما يقول المثل القديم، ليس هناك وضع سيئ جداً إلى حد أنه لن يصبح أكثر سوءاً. وتتمثل المفارقة القاسية في ذهاب فنزويلا من سيئ إلى أسوأ في الكيفية التي تكون بها حكومة الرئيس نيكولاس مادورو غير كفؤة في أي شيء، سوى الاحتفاظ بالسلطة. وهي لعبة قوة مصممة لتوسيع المعاناة في كل يوم، بينما تتم المحافظة على ولاء أقلية من الأنصار الذين تحتاجهم لضمان ديمومتها.
نُسِب ذات مرة إلى كاميلو توريس، المتشدد اليساري والكاهن في ستينيات القرن الماضي قوله إن الشعب الجائع لا يقاتل، وإنما يركع. إنه على الأقل لا يقاتل حتى النهاية. ويبدو من القسوة قول هذا، لكنه ينطبق على شعب فنزويلا في هذا الوقت بالذات.
أصبحت المعارضة في البلد أطلالاً. والدرس الذي يمكن أن نستخلصه هو أن “الديمقراطية” من دون ديمقراطية، بمعنى من دون توفير فرص متساوية، هي على الأقل ضارة بقدر ما هي الدكتاتورية الوقحة. وقد نقول في عودة إلى الماضي إن قوى المعارضة التي أعلنت أن من الضروري المشاركة في الانتخابات الزائفة الأخيرة لانتخاب الحكام في الدولة كانت مخطئة، حتى لو أن مقاطعة المعارضة للانتخابات التشريعية التي أجريت في العام 2005 كانت خطأ أيضاً، لأنها سلمت المؤسسات إلى قوى موالية للرئيس في ذلك الحين، هوغو شافيز.
في ذلك الحين، كانت الفكرة أن الرجل لا يستطيع أن يبقى لوقت طويل مقبل، وكان يُعتقد بأن الامتناع عن المشاركة في الانتخابات قد يضعفه أكثر. لكنه بقي وفعل ما يريد بينما كان على قيد الحياة.
تعريف مثالي للديمقراطية
ثمة إغواء دائماً في السياسة، والذي يتمثل في محاولة تصحيح أخطاء الماضي، من دون التفكير بأن الظروف تتغير. وكان الفيلسوف كارل بوبر قد قال ذات مرة، ببراعته في تقديم الوضوح المثالي، إن الديمقراطية تعرَّف في نهاية المطاف بأنها القدرة على التخلص من الحكام السيئين. ولم يكلف نفسه عناء إضافة أنها يجب أن تخدم انتخاب حكام فاضلين. ودائماً ما يكون الحاكم الموجود في سُدة الحكم صاحب ميزة، وإذا انخرط بالإضافة إلى ذلك في عملية تزوير جماعية، فإنه يكون من الصعب جداً خلعه بواسطة الانتخابات. ومع ذلك، استطاعت المعارضة كسب الانتخابات البرلمانية في أواخر العام 2015، مما حدا بمشرع سيئ الصيت ومؤيد لمادورو، ديوسدادو كابيلا، إلى إعلان أن ذلك لن يحدث مرة أخرى. ولم يحدث فعلاً.
سوف تكون هناك انتخابات رئاسية عند نقطة ما، عندما لن تكون المعارضة المقسمة والممزقة قادرة على الإجماع على شخصية موحِّدة، الذي كان محظوراً عليه بشكل منهجي احتلال منصب عام. ومن دونهم، ومع الجرعة العالية المتوقعة من التزوير، سيكون من الصعوبة بمكان رؤية كيف أن الحكومة يمكن أن تخسر.
بدءاً من هنا، سيكون النظام البوليفاري أو الشافيزي مسؤولاً بشكل مطلق عن كل شيء يحدث في فنزويلا. وسوف يزيد تدهور الظروف المرعبة الحالية، حيث يصبح النموذج الذي يتم اختياره مصاباً بالمزيد من الاختلال الوظيفي، وتتعمق فيه الأزمة الإنسانية أكثر يوما بعد يوم في بلد يقطر بالثروة.
الخطر الذي يخشاه العديدون من هذا النظام هو تراكم الكثير جداً من الدخل في داخل الدولة. يجب عدم إعطاء الحكام يداً طليقة للتنقيب في الثروة الوطنية، خاصة عندما تكون هدية الطبيعة في شكل نفط خام، على الرغم من تراجع عائدات النفط في الأعوام الأخيرة. وفي وضع أكثر طبيعية، لن يسمح الشعب للدولة بسلب الصناديق العامة بهذا القدر الكبير إذا كانت مملوءة من ضرائبهم.
على أي حال، يبدو أنه مقدر لهذه الكارثة أن تستمر. ولا تبدو أن المعارضة الفنزويلية تستطيع المشاركة في “انتخابات” تقوم بتنظيمها الحكومة وتفوز فيها. وقد يقول قائل إن مقاطعة الانتخابات تكون بالكاد عملاً مفيداً، وأنا أوافقه الرأي، لكن المرء لا يستطيع على أي حالة رؤية متى نستطيع التخلص من هذا النظام.
يترك ذلك فنزويلا تأمل في توفر عامل أو وكيل دولي لزعزعة استقرار النظام بشكل كافٍ للإطاحة به. لكن علينا أن نتذكر مهارة مادورو الواحدة والوحيدة: التشبث بالسلطة.
*نشر هذا المقال تحت عنوان :
Maduro’s Venezuela, when “Democracy” Is Worse Than Dictatorship
ترجمة عبد الرحمن الحسيني – الغد – 27/11/2017