شوؤن دولية

تقرير خاص المشهد المالي بعد أربعة أيام من التدخل العسكري الفرنسي

 مركز الناطور للدراسات والابحاث

على ضوء التطورات المتلاحقة للتدخل العسكري الفرنسي وعلى ضوء ما ذهب إليه المحللون والمعلقون العسكريون والسياسيون في قراءتهم لهذا المشهد نستطيع أن نرسم ملامح هذا المشهد على النحو التالي:

في الجانب العملياتي: بات واضحا على ضوء تصريحات رئاسة أركان الجيش الفرنسي أن التدخل لم يكن بهدف وقف الجماعات المتمردة عند حدود مدينة كونا الإستراتيجية البوابة إلى الجنوب وإنما استهداف عملياتي لمنطقة الشمال أي منطقة أزواد.

واتساقا وإعمالا لخطة التدخل الفرنسي في شمال مالي شهد اليوم الرابع لهذا التدخل أي الاثنين 14 يناير كثافة في الغارات الجوية التي شملت جميع المدن في إقليم أزواد، وأدى ذلك إلى انسحاب المسلحين المنتمين إلى كل من:

-حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا.

حركة أنصار الدين.

هذا إضافة إلى نزوح المدنيين.

برر هذا الانسحاب على أن هدفه تجنيب المدنيين مزيدا من الخسائر بعد سقوط 61 شخصا يوم الأحد 13 يناير.

-استمرار عملية التحشد العسكري الفرنسي من الطائرات المقاتلة والمروحية وقوات خاصة في مالي والنيجر.

-الكشف عن أن دول قريبة من مالي سمحت للطائرات الفرنسية باستخدام أجوائها ومنها الجزائر وموريتانيا إضافة إلى تشاد، كما أن الجزائر قامت بإغلاق حدودها مع مالي.

-توصيف من قبل المعلقين العسكريين فرنسيين وأوروبيين بأن ما تقوم به فرنسا من قصف مكثف لأهداف في المنطقة الشمالية هو بمثابة تليين بما يسمح للقوات البرية أن تتقدم في منطقة أزواد.

القوات التي ستتولى مهمة التمشيط والسيطرة هي:

*قوات الحكومة المركزية في باماكو.

*قوات إفريقية وصلت من النيجر ومن ساحل العاج ويتوقع وصول المزيد من تدفقات القوات الإفريقية.

*قوة محدودة كتيبة من القوات الخاصة الفرنسية استحضرت من تشاد ومناطق أخرى.

المعلقون يتحفظون على ما أعلنته وزارة الدفاع الفرنسية عن تحقيق مكاسب هامة في المعركة، ويقول اللواء المتقاعد عبد الوهاب محمد المتابع لسير التدخل الفرنسي في مالي أن المعركة لا يمكن أن تحسم في أيام قلائل مرجعا ذلك إلى جملة من الأسباب:

1-أن مساحة إقليم أزواد في شمال مالي 850 ألف كلم مربع تربو عن مساحة فرنسا 551 ألف كلم مربع، وهي منطقة صحراوية قليلة الحركة فيها محدودة وصعبة.

2-أن الحرب البرية إن دارت رحاها في الصحراء المالية ستكون من نوع الحرب غير المتناظرة أي جيوش نظامية في مواجهة أفراد مدربين على حرب العصابات الكر والفر.

-أن الدول التي تشارك في التدخل العسكري وعلى الأخص النيجر قد تتحول إلى هدف للمجموعات المسلحة أي نقل المعركة إلى أراضيها في نطاق ما أعلنته تلك المجموعات عن توسيع ساحة المعركة وفتح جبهات أخرى.

-سلسلة من التهديدات انطلقت بالأمس الاثنين 14 يناير من قبل تنظيم القاعدة والجماعات التابعة له من ضمنها.

1-التهديد بإعدام الرهائن الفرنسيين الثمانية في النيجر والفرنسي في الصومال وأخذ المزيد من الرهائن.

2-التهديد بإعدام الرهائن الجزائريين الثلاثة المحتجزين لدى حركة التوحيد والجهاد في شمال مالي.

3-التهديد باستهداف جميع المصالح الفرنسية ليس فقط في غرب إفريقيا وإنما في كل مكان.

الإنجاز الوحيد الذي حققه التدخل الفرنسي هو في الفصل  بين الجبهة الوطنية لتحرير أزواد الممثلة للطوارق وبين كل من حركتي التوحيد والجهاد وحركة أنصار الدين، حركة تحرير أزواد رحبت بالتدخل الفرنسي وأبدت استعداداها لإسناد قوات التدخل الإفريقية في أية عملية تقوم بها في شمال مالي.

يذكر أن وفدا من جبهة أزواد زار العاصمة الفرنسية وأجرى مباحثات مع أوساط فرنسية سياسية وأمنية حول حل مشكلة مالي بالحوار بين الحكومة وبين الجبهة.

في الجانب السياسي: في الوقت الذي صعدت فيه فرنسا من عملياتها العسكرية وعلى الأخص الجوية في شمال مالي لوحظ تصعيد في التحرك السياسي والدبلوماسي من أجل الحصول على دعم للتدخل وإضفاء الشرعية عليه.

التحرك الفرنسي باتجاهات محلية وأوروبية وإقليمية ودولية

في الاتجاه المحلي تعمل الحكومة الفرنسية جاهدة لإقناع الرأي العام الفرنسي بأن تدخلها يدخل في صلب الإجراء الاستباقي لدرء خطر انتقال الإرهاب إلى فرنسا.

ويلاحظ الخبير في الشؤون الفرنسية أن هناك معارضة داخلية للتدخل العسكري في شمال مالي وأن الرأي العام الفرنسي منقسم بين مؤيد وبين معارض.

وتوقع أن يؤدي إعدام الرهائن الفرنسيين فيما إذا نفذ فعلا إلى تعميق هذا الخلاف وإلى إحراج شديد للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند وإدارته.

ولاحظ أيضا أن اهتمام الرأي العام الفرنسي يتركز على مصير الرهائن في النيجر والصومال أكثر ما يتركز على تطورات التدخل.

ثانيا على المستوى الأوروبي: التدخل العسكري الفرنسي يحظى بدعم واسع من قبل الاتحاد الأوروبي وفق بيان صادر عن مسؤولية العلاقات الخارجية كاترين اشتون.

وقد أعلنت أشتون أن وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي سيعقدون اجتماعا خلال أسبوع من أجل اتخاذ قرار بإسناد التدخل الفرنسي.

وكانت بريطانيا وإيطاليا قد أعلنتا عن تأييدهما بلاد حدود للإجراء الفرنسي.

ثالثا على المستوى الإقليمي (الإفريقي):

بداهة أن تعلن دول المجموعة الاقتصادية بدول غرب إفريقيا دعمها للحملة لأنها -كما يذكر الخبير في الشؤون الإفريقية -هذا التأييد بديهي لأن هذه الدول مشاركة أصلا في قوات التدخل بل أنها كانت المحفز الأول للتدخل العسكري الفرنسي.

ومن الدول التي أعلنت دعمها كينيا وكذلك دولة جنوب السودان إضافة إلى تشاد.

على المستوى الدولي:  تقدمت فرنسا ومن جديد وبدعم أمريكي يضاف إلى الدعم اللوجيستي والاستخباراتي من أجل استصدار قرار جديد يدعم التدخل الفرنسي ويسرع من إرسال القوات الإفريقية بعد تأمين المستلزمات اللوجيستية والمالية.

هل تنفذ الجماعات المسلحة تهديداتها بإعدام الرهائن؟

التهديدات بشأن إعدام الرهائن الفرنسيين الثمانية في النيجر والرهينة الفرنسي العامل في جهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسية دنيس أليكس في الصومال تصاعدت طرديا مع تصاعد العمليات العسكرية الفرنسية في مالي.

الافتراضات بشأن هذه المسألة متعددة ومتباينة.

في هذا الصدد تبلورت عدة رؤى وتحليلات تجملها الباحثة الدكتورة شفيقة مطر الخبيرة في الشؤون الفرنسية في رؤيتين رئيسيتين:

*الرؤية الأولى أن الحركات التي تحتفظ بالرهائن الفرنسيين لن تتسرع في إعدام الرهائن الفرنسيين والجزائريين نظرا لأن وجودهم أحياء يشكل ورقة للمساومة.

أما الاستثناء فهو أن يبلغ التصعيد العسكري الفرنسي مرتبة عالية من الخطورة بما يهدد وجود هذه الحركات في شمال مالي.

الرؤية الثانية: أن هذه الحركات قد تعمد إلى فعلا إلى تنفيذ تهديداتها لتحقيق عدة أهداف:

1-ردع نفسي لدى الجنود الفرنسيين الذين يشاركون في العمليات بمن فيهم الطيارين بأنهم سيعدمون إذا وقعوا في الأسر.

2-توظيف أثر إعدام الرهائن للتأثير على الرأي العام الفرنسي وتخليق جو يساعد على إنتاج حركة شعبية معارضة لاستمرار التدخل.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ملحق:

القوات المتداخلة في الحرب في شمال مالي:

أولا فرنسا: 800 عنصر  من قوات المشاة والقوات الخاصة.

2- طائرتي ميراج F1CR وست طائرات ميراج 2000D وثلاث طائرات C135 وأربع طائرات رافال وعشرات الحوامات الهجومية المجهزة بصواريخ “هوت” من طراز Gazelle .

ثانيا: الدول الإفريقية:

النيجر: 500 عنصر.

بوركينا فاسو: 500 عنصر .

الطوغو: 500 عنصر.

السنغال: 500 عنصر.

بنين: 300 عنصر.

نيجيريا: 600 عنصر.

هذه القوات الإفريقية تعمل تحت إمرة الجنرال النيجيري شيهو عبد القادر.

ثالثا: دعم لوجيستي ومعلوماتي من جانب الولايات المتحدة وبريطانيا.

رابعا: قوات المتمردين في شمال مالي المنتمين إلى:

-حركة أنصار الدين بزعامة أياد آغ غالي.

-حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا بزعامة حمادة ولد محمد خيرو.

يقدر عددهم بحوالي عشرة آلاف عنصر مزودين بأسلحة خفيفة وثقيلة هربت من ليبيا وأسلحة متطورة من المضادات للجو المحملة على سياراتPick-up وكذلك مدافع مضادة للطائرات وراجمات الصواريخ تم الاستيلاء عليها في أعقاب المواجهات مع الجيش المالي.

المـركزالعـربي للدراسات والتـوثيق المعلـوماتي – يوم الثلاثاء 15/01/2013.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى