شؤون فلسطينية

تقدير موقف حول تداعيات مزاعم الفساد على “الأونروا” والسيناريوهات المحتملة والدور المطلوب

الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين – 23/10/2019

مقدمة :

يكتسب الحديث عن مزاعم فساد في وكالة “الأونروا” قد ورد ذكرها في تقرير “لجنة الأخلاقيات الأممية” أهمية كبيرة، وخاصة من قبل المتابعين عموماً والإدارة الأمريكية ودولة الإحتلال الإسرائيلي على وجه الخصوص لجهة الإستغلال السلبي لتلك المزاعم قبل صدور النتائج النهائية من قبل اللجنة الأممية المكلفة بالتحقيق مع من طالتهم تلك المزاعم.

قالت مديرة عمليات “الأونروا” في الضفة الغربية غوين لويس من بروكسل في 21 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، بأن الوكالة تترقب نتائج تحقيق داخلي في إتهامات بسوء الإدارة وإستغلال النفوذ داخلها فاقمت الوضع المالي”، لتضيف بأنه “من المقرر أن تُرفع نتائج التحقيق بحدود نهاية تشرين الأول/اكتوبر الجاري إلى الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش الذي سيقرر الخطوات المقبلة والذي سيصدر خطوات متابعة عامة وداخلية” وبأن الوكالة “تحبس أنفاسها وهي تنتظر لأن لذلك بالطبع إنعكاسات مالية”.

عملياً فقد تأخر صدور نتائج التحقيق في تلك المزاعم، أو ربما يجري تأخيرها عمداً، وفي ظل ما ذكرته السيدة لويس تضع “الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين” بين أيديكم تقدير موقف إلى أين يمكن أن تتجه الأمور في ظل المزيد من الإستغلال لما ورد في “التقرير” من قبل الإدارة الأمريكية ودولة الإحتلال والترويج لاستهداف الوكالة والضغط على الدول المانحة.. تزامناً مع التحضيرات الدولية لعملية التصويت للتجديد لوكالة “الأونروا” لولاية جديدة مدتها ثلاث سنوات تبدأ المرحلة الأولى منها في الأول من شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2019 من خلال اللجنة الرابعة لمقاومة الإستعمار التابعة للأمم المتحدة التي تترأسها دولة العراق، والمرحلة الثانية والحاسمة ستكون في الأول من كانون الأول/ديسمبر 2019، بمشاركة جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة (193 دولة).

في المعلومات:

تناقلت الصحافة العربية والأجنبية بأنه وبناءً على عدد كبير من التقارير التي رفعها عدد من موظفي “الأونروا” في الأقاليم الخمسة إلى الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش يشكون فيها أداء موظفين كبار في الوكالة ومنهم المفوض العام للوكالة بيير كرينبول ونائبته السابقة ساندرا ميتشل وحكم شهوان وغيرهم ويشيرون فيها إلى ممارسة الفساد المالي والإداري والأخلاقي في الوكالة، فقد تم تشكيل لجنة خاصة من قبل الأمم المتحدة لإعداد تقرير حول تلك الإدعاءات والمزاعم هي “لجنة الأخلاقيات الأممية”.

بدأت اللجنة عملها في جمع المعلومات وإعداد التقرير الخاص منذ تاريخ حزيران/يونيو 2018 حتى شهر كانون الأول/ديسمبر 2018، حيث زارت اللجنة المكلفة مكاتب الوكالة في القدس وعمّان عدة مرات، وقد أُرسل التقرير إلى الأمين العام للأمم المتحدة في كانون الأول/ديسمبر 2018.

وبناء على ذلك التقرير بدأت لجنة تحقيق خاصة من الأمم المتحدة عملها حيث التقت بجميع من جاء ذكرهم في التقارير، وانتهى التحقيق في الأسبوع الأول من شهر أيلول/سبتمبر 2019 دون الإعلان عن النتائج حتى تاريخ إعداد تقدير الموقف هذا.

تم تسريب محتوى التقرير الذي جري التحقيق فيه إلى وسائل الإعلام في شهر تموز/يوليو 2019، وقد ألمح المفوض العام بأن من سرب محتوى التقرير موظف كبير في الوكالة وعلى إثر ذلك تم إتخاذ إجراء بحق ذلك الموظف.

فور الإعلان عن ما تم تسريبه من التقرير سارع المفوض العام للوكالة للتعبير عن رفضه لتلك المزاعم التي تتهمه شخصياً والإعلان عن تعاونه التام مع لجنة التحقيق وبأنه جاهز لأي إصلاحات في الوكالة يمكن أن تطلبها اللجنة والإنصياع لقراراتها، وقد واكب هذا تقديم نائبة المفوض العام للأونروا ساندرا ميتشل إستقالتها لأسباب شخصية كما قالت.

جرى إستغلال التسريبات وبشكل جنوني من قبل وسائل الإعلام العربية والأجنبية حتى طالب موقع (UN watch) المعروف بعدائه المنهجي للوكالة، من المفوض العام للأونروا الإستقالة الفورية، وكأنه قد تم تسليم مزاعم التقرير لامبراطورية الإعلام الموجّه لاستهداف الوكالة كمؤسسة وليس الأفراد المتهمين بمزاعم الفساد.

ربما لا يخفى على أحد حجم الإستهداف الأمريكي ودولة الإحتلال للوكالة، وتحديداً منذ تسلم ترامب الرئاسة الأمريكية مطلع العام 2017 كمقدمة لاستهداف قضية اللاجئين وحق العودة تماشياً مع ما يسمى بصفقة القرن، ولكن جرى إستغلال مزاعم التقرير كمادة دسمة لاستهداف ليس موظفي الوكالة ولكن الوكالة نفسها الى درجة أن كان لذلك الإستهداف تأثير على ثلاثة دول مانحة علّقت مساهماتها المالية للوكالة إلى حين الإنتهاء من عملية التحقيق (بلجيكا وهولندا وسويسرا).

المفارقة في المعلومات بأنه وحسب بيان صادر عن “الأونروا” في 10 حزيران/يونيو 2019 فإن شبكة تقييم أداء المنظمات متعددة الأطراف (موبان) والتي تتألف من 18 دولة* (أدناه أسماء الدول) قد قيّمت أداء “الأونروا” وأثنت على الأداء ومما جاء في التقييم “يثني التقييم على الأونروا لإدارتها القوية وهيكلها التنظيمي القوي والمرن ورؤيتها الإستراتيجية وفعالية تقديمها لخدماتها علاوة على مقدرة وإلتزام قوتها العاملة ونهجها الإسترتيجي في حشد الموارد. وأكد التقييم أيضا على قوة نهج الوكالة تجاه النتائج والمخاطر والإدارة المالية. وخلص التقييم إلى أن الأونروا في وضع جيد فريد يؤهلها لضمان أن الإحتياجات الإنسانية واحتياجات التنمية البشرية واحتياجات الحماية للاجئي فلسطين ملباة”.

والسؤال ..كيف لمحققي الأمم المتحدة وعلى مدار الستة أشهر (كانون الأول/ديسمبر 2018 حتى حزيران/يوينو 2019) لم يلحظوا ما تقوم به شبكة تقييم أداء وكالة الأونروا “موبان” وفيها ما فيها من الدول المؤثرة والمهمة بما فيها أمريكا.. ؟؟!!

مما يعزز أن إثارة الموضوع بهذا الشكل الفاضح، وتسريب ما جاء في التقرير، بدون الإعلان عن نتائج التحقيق .. بأن هناك إستخدام مسيء جداً لما ورد من مزاعم في التقرير لإستهداف الوكالة وليس لموظفين متورطين فيها فقط، وقطعاً أن من يقف وراء هذ الإستخدام أيادٍ أمريكية وإسرائيلية تدير ماكينة إعلامية خبيثة وموجهة، خدمة لما يسمى بصفقة القرن.

*أستراليا وبلجيكا وكندا والدانمارك وفنلندا وفرنسا وألمانيا وإيرلندا وإيطاليا واليابان وكوريا ولوكسمبورج وهولندا والنرويج والسويد وسويسرا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية”. ولدى الشبكة أيضا عضوين مراقبين هما نيوزيلندا والإمارات العربية المتحدة.

السناريوهات المحتملة:

أولاً: الإعلان عن نتائج التحقيق وتبرئة المفوض العام من تلك المزاعم وبالتالي ممارسة عمله بشكل طبيعي إلى حين إنتهاء ولايته في آذار 2020، مع اتخاذ بعض الإجراءات ببعض الموظفين إذا ثبت عليها الإدانات.

ثانياً: الدفع باتجاه بقاء المفوض العام على الرغم من الإعلان عن نتائج التحقيق تظهر بأن الرجل بالفعل متورط ببعض القضايا وذلك للمزيد من إتهام الوكالة بالفساد وعملية الإستغلال وهو إحتمال وارد لكنه ليس قوياً.

ثالثاً: وصول لجنة التحقيق الى نتيجة دامغة تشير الى تورط المفوض العام بشكل كامل والوصول الى تسوية معينة بحيث يغادر الرجل منصبه من خلال إجباره على الإستقالة وهو مستبعد.  

رابعاً: تمديد عدم الإعلان عن نتائج التحقيق وتوصيات الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش، بضغط ربما من أحد أعضاء لجنة التحقيق المؤيدين للإدارة الأمريكية ولدولة الإحتلال، أو بضغط من قبل اللوبي الصهيوني في الأمم المتحدة، إلى تاريخ ما بعد التصويت على التجديد للوكالة بهدف إفساح المجال للمزيد من الإستغلال والضغط على الدول المانحة والداعمة والمؤيدة للوكالة وهو السيناريو الأرجح.

المطلوب:

أولاً: المتابعة الدقيقة والدائمة وأول بأول لتطورات التواصل الدبلوماسي بين سفراء الكيان الصهيوني في الدول المانحة والمؤيدة لعمل الوكالة وما ينتج عن ذلك التواصل.

ثانياً: المطالبة الحثيثة من قبل الفصائل الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني والدول الصديقة واللجنة الإستشارية للوكالة ورئاستها “الأردن” والدول المضيفة.. للأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش بالإسراع والإعلان عن نتائج التحقيق والتلميح والتصريح الدائم إلى عملية الإستغراب من التأخير في إعلان النتائج وبأن التأخير ليس لصالح الوكالة ولا اللاجئين ولا الدول المضيفة، وسيكون له إنعكاس سلبي على طبيعة الخدمات التي تقدمها الوكالة، وعلى أهمية الوكالة على المستوى السياسي وارتباطها بحق العودة. والمطالبة الدائمة للإتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي بأن يمارسوا دورهم لمطالبة غوتيريش بالإسراع والإعلان عن نتائج التحقيق.

ثالثاً: الإستمرار في عملية الضغط والمناصرة حول أهمية الوكالة واستمرار عملها إلى حين العودة من خلال فعاليات نوعية يتم تغطيتها إعلامياً بشكل إحترافي تصل الى صانع القرار سواء من خلال إحاطات تقدم في الأمم المتحدة او من خلال مؤتمرات نوعية كالذي عقد في بيروت مؤخراً تحت عنوان “الأونروا.. ضمانة دولية لحقوق اللاجئين” وحضره تمثيل دبلوماسي رفيع..

رابعاً: مطالبة منظمة التحرير الفلسطينية بشخص رئيس دائرة شؤون اللاجئين في المنظمة الدكتور أحمد أبو هولي والرئيس أبو مازن تحديداً بتحمل مسؤولياتهم تجاه الوكالة بما يمثلون، وحمل هذا الملف الى جامعة الدول العربية (مجلس وزراء الجامعة) والجمعية العامة المسؤول الرئيسي عن الوكالة.

خامساً: تفعيل الحراك الشعبي المؤيد والداعم والمستمر للوكالة في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عمليات “الأونروا” الخمسة والتجمعات  ودول الغرب عموماً.

سادساً: المبادرة إلى عقد ورش عمل مستمرة  تحت عنوان: “كيف نحمي قضية اللاجئين ووكالة الأونروا وحق العودة..؟”، ومن جوانب مختلفة سياسية وقانونية ودبلوماسية…

@ المصدر/ الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين

بيروت في 23/10/2019

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى