تقديرات المؤسسة الإسرائيلية الأمنية : الجبهة الأكثر احتمالاً للاشتعال هي الفلسطينية!
المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية “مدار” 20/3/2018
ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن التقديرات السائدة في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تشير إلى أن الجبهة الأكثر احتمالاً للاشتعال هي الساحة الفلسطينية لأنها خلافاً للجبهة السورية- اللبنانية هي الجبهة غير المتوقعة.
في غضون ذلك أكدت عدة تحليلات عسكرية إسرائيلية متطابقة في الأيام الأخيرة أن تصعيد الأوضاع الأمنية مع قطاع غزة بات واضحاً، وأشار بعضها إلى أنه يكفي وقوع حادث واحد يتسبب بسقوط عدد كبير من المصابين نتيجة هجوم فلسطيني أو عملية إسرائيلية، حتى يتدهور الطرفان إلى اشتباك عسكري واسع النطاق، بحسب ما كتب المحلل العسكري لصحيفة “هآرتس” عاموس هرئيل أمس الاثنين.
وأضاف هرئيل: لم يعد في الإمكان تجاهل الأمر؛ الحدود مع قطاع غزة تزداد سخونة، ويدل على ذلك بوضوح تفجير عبوة ناسفة لدى مرور قوة من الجيش الإسرائيلي كانت تتحرك على طول السياج الحدودي في الأمس، والهجمات الجوية الإسرائيلية رداً عليها. وربما يبدو أن خلفية التوتر لها علاقة بوضع “حماس” المعقد، لكن يبدو أيضاً أن لها علاقة بالجهد الإسرائيلي لتدمير الأنفاق الهجومية التابعة لـ”حماس”.
وتابع: عندما بدأ قبل نحو عام مشروع بناء الجدار ضد الأنفاق على طول القطاع، ظهرت تكهنات في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بأن “حماس” يمكن أن تقوم بتسخين الحدود بهدف عرقلة بناء الجدار، أو استباق ذلك واستخدام الأنفاق الهجومية التي حُفرت قبل أن يجري هدمها. ومنذ ذلك الحين جرت المحافظة بصورة عامة على هدوء أمني في القطاع، وتقدمت الأعمال المكثفة تقريباً من دون إزعاج. لكن في الأسابيع الأخيرة تغير شيء ما، فقد جرى تفجير ما لا يقل عن أربع عبوات ناسفة ضد قوات الجيش الإسرائيلي على طول السياج. وفي إحدى المرات، ونتيجة عطل فني خطير وقع خلال معالجة عبوة مخبأة داخل علم فلسطيني، جُرح أربعة جنود. في الجيش الإسرائيلي لا يُقال مباشرة مَن المسؤول عن زرع العبوات في الشهر الأخير، لكن عدة تقديرات طُرحت، بينها أن المسؤول هو منظمات سلفية متطرفة، أو ناشطون “مارقون” من “حماس”، أو عملية مخطط لها ومُعدّة من جانب حركة “حماس” نفسها. وفي جميع الأحوال، فإن من الصعب أن يتكرر ذلك من دون غضّ نظر على الأقل من جانب “حماس”.
وأشار المحلل إلى أنه في هذه الأثناء يتقدم بناء الجدار الذي يجري على طول أغلبية مناطق القطاع، وسينتهي العمل فيه في العام المقبل بتكلفة عامة تبلغ قرابة 3 مليارات شيكل. وفي الوقت نفسه، يحسّن الجيش الإسرائيلي أسلوب الكشف عن الأنفاق، وقد جرى منذ تشرين الأول الماضي اكتشاف أربعة منها على الأقل وتدميرها. ووصف قائد المنطقة الجنوبية الجدار بـ”مقصلة تدمير الأنفاق” لأنه يقصّ الأنفاق ويضعها خارج الخدمة.
وقال المحلل العسكري لصحيفة “معاريف” يوسي ميلمان إن الحادثة الذي كانت بمثابة شرارة للانتفاضة الأولى (كانون الأول 1987) هي عملية دهس ضد قوة من الجيش الإسرائيلي في مخيم جباليا للاجئين في غزة، وتساءل: هل ستشكل عملية الدهس، التي أدت لمقتل اثنين من الجنود وإصابة اثنين آخرين ليلة السبت في مستوطنة “ميفو دوتان” في الضفة الغربية، شرارة لانتفاضة جديدة؟. وتابع: من السابق لأوانه ومن الصعب تقدير ذلك. وأشار إلى أن ما لم يعلنوه أيضاً في المؤسسة الأمنية وقيادة الجيش وجهاز “الشاباك” أن الانتفاضة الثالثة المسماة انتفاضة الأفراد، والتي بدأت قبل عامين ونصف العام قد انتهت، وأكد أنها حتى لم تتلاشَ، بل لديها موجات صعود وهبوط.
وبرأي ميلمان فإن عملية الدهس هذه تعكس أن المناطق الفلسطينية تغلي. وأشار إلى أنه بحسب بيانات “الشاباك” هناك ارتفاع بحوالي 15% في عدد العمليات والأحداث المختلفة في غزة والضفة، ولذلك لأسباب عدة: غياب عملية سياسية أدى لفقدان الأمل بالتغيير في صفوف الفلسطينيين؛ إعلان الرئيس الأميركي نقل السفارة للقدس؛ الانفصال في العلاقات بين السلطة الفلسطينية وواشنطن؛ الوضع الاقتصادي المتراجع في القطاع والتحريض غير المتوقف من طرف “حماس” و”الجهاد الإسلامي”؛ محاولة تنظيم عمليات في الضفة وحدود القطاع.
وأوضح ميلمان أن التقديرات في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية هي أن العوامل المثيرة للغضب لن تتلاشى، وقد تقوى في الأشهر المقبلة، خاصة قبيل احتفالات الذكرى الـ 70 لقيام إسرائيل، بجانب المظاهرات التي ستقام لإحياء ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني. وأشار إلى أنه تقريباً في كل حوار أو اجتماع أو تقدير موقف لهيئة الأركان ورئيس “الشاباك” ومسؤولين في الجانبين يتم التأكيد دوماً أن الجبهة الأكثر احتمالاً للاشتعال هي الساحة الفلسطينية لأنها خلافاً للجبهة السورية- اللبنانية هي الجبهة غير المتوقعة.
وأكدت تحليلات عسكرية في صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن عملية الطعن في القدس (الأحد) وعملية الدهس (الجمعة) والعمليات التي سبقتهما من شأنها أن تتصل بسلسلة متفجرة من المناسبات المرتقبة، من بينها يوم النكبة ونقل السفارة الأميركية إلى القدس ويوم مناسبة الاستقلال الـ 70، وأن تؤدي إلى التصعيد.
ورأت هذه التحليلات أن التصعيد اندلع بشكل عام بعد التقاء عدة متغيرات في نقطة زمنية واحدة، وهذه النقطة الزمنية يمكن أن تتواصل لأيام، بل وحتى أسابيع، كلما تغير خرق وتبعه آخر.
وأضافت: الآن يبدو أنه وبعد فترة لا بأس بها من الهدوء النسبي، الأرض تغلي مرة أخرى. الغليان الحالي يمكن أن نربطه بعدة متغيرات تتجمع هي الأخرى بطيئاً، وتواصل التجمع في الأيام والأسابيع القليلة القادمة، وهي: إعلان ترامب الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل؛ الهجوم العلني والاستثنائي الذي تقوم به القيادة الفلسطينية على الإدارة الأميركية؛ الشعور بالعزلة لدى الفلسطينيين؛ غياب دعم الدول العربية؛ أيام المناسبات الفلسطينية القريبة (يوم الأرض، ذكرى النكبة، وذكرى النكسة)؛ مسيرة العودة الكبرى في قطاع غزة التي خطط لها لتقام على عدة موجات، بدءاً من الأسبوع القادم وحتى يوم النكبة؛ احتفالات يوم الاستقلال الـ 70 لدولة إسرائيل؛ مراسم نقل السفارة الأميركية إلى القدس، المخطط لها بعد يوم واحد من ذكرى النكبة.
وقالت إن هذه المتغيرات بدأت في ظاهر الأمر بالتجمع، وما يزال من غير الممكن التقدير إلى أين ستقود كل واحدة منها وكلها مجتمعة. ويدور الحديث حول سلسلة عبوات متفجرة، ولا سيما المناسبات الواقعة في فترة زمنية قصيرة نسبياً، والتي من شأنها أن تشعل الفتيل.
وأورد المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت” أليكس فيشمان أن تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان” تتوقع قرب نهاية ما أسماه “عقد الهدوء النسبي” في الضفة الغربية أيضاً، خاصة في ظل غياب أي أفق سياسي للحل وعلى ضوء قرار الرئيس ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إلى القدس في ذكرى النكبة الفلسطينية.
وأشار فيشمان إلى أن العمليات الفردية تخطت كونها فردية، وأصبحت تمثل حالة مزاج شعبي عام تنذر بتفجر الغضب الفلسطيني.