ترجمات عبرية

تسفي مزال : الانتصار الخطير لاردوغان

بقلم: تسفي مزال، معاريف 26/6/2018

وقع حسم ما وفاز اردوغان مرة اخرى في الانتخابات للرئاسة التركية. ومن الان فصاعدا فانه رئيس تنفيذي ذو صلاحيات واسعة جدا. واعترف مرشح المعارضة المركزي للرئاسة، محرم اينتشه، الذي حصل على 30 في المئة من اصوات الناخبين، بفشله، وقال امورا خطيرة: “الانتخابات لم تكن نزيهة” و “تركيا تدخل الى نظام خطير لرجل واحد”.

يبدو ان اقواله هي تعبير معتدل عن واقع تشكل في تركيا في  السنوات الاخيرة. فاردوغان، مؤيد “الاخوان المسلمين”، رجل طموح وعديم الكوابح، نجح في شطب إرث مصطفى كمال اتاتورك. فقد ألغى أتاتورك مؤسسة الخلافة، فصل بين الاسلام والدولة واقام نظام ديمقراطيا علمانيا. كما ابتعد عن الدول العربية التي رأى فيها عبئا يمس بتقدم بلاده وطور سياسة مع الوجه نحو الغرب. اما الوضع الناشيء اليوم فيثير الشكوك والمخاوف.

قبل كل شيء شكوك بالنسبة للنتائج. فبخلاف كل الاستطلاعات التي تنبأت لاردوغان باقل من 50 في المئة وبجولة انتخابية ثانية، حصل على ما لا يزال يبدو في نطاق الخطأ الاحصائي في الاستطلاعات 52.5 في المئة. اما حزبه، كما كان متوقعا، فحصل على 42.5 في المئة وفاز بـ 293 مقعدا في البرلمان من اصل 600 مقعد، أي 8 مقاعد اقل مما يلزم للاغلبية المطلقة. غير ان الحزب الوطني، الذي عقد معه تحالفا، فاز على نحو مفاجيء على نحو 50 مقعدا وضمن لاردوغان اغلبية مريحة في البرلمان.

هل هذه هي النتائج الصحيحة؟ ليس مؤكدا. فبعد ساعة من اغلاق الصناديق، في الساعة 18:00 بلغت السلطات عن احصاء 60 في المئة من الصناديق وقيل ان اردوغان يتصدر باغلبية 58 في المئة. اما المعارضة فبلغت في ذات الوقت عن احصاء 44 في المئة من الصناديق. احد لن يعرف الحقيقة، إذ ان المعارضة برئاسة اينتشه لن تخاطر بشقاق جبهوي مع اردوغان الذي لن يتردد في استخدام القوة.

فضلا عن هذا، فقد أعلن اردوغان انتصاره قبل ذلك بزمن طويل. فقد أقام ميليشيات شعبية تسير بين الحين والاخر في مدن الميدان، فتخيف السكان وتدعو الى تأييد الحاكم.

لقد أنقذت هذه الميليشيات اردوغان عند الانقلاب العسكري في تموز 2016، حين استجابت لدعوته ووقفت ضد الجنود. بعد فشل الانقلاب اعتقل أو اقال من مناصبهم نحو 150 الف شخص، بينهم سياسيون، صحافيون، قضاة، موظفون ورجال جيش وشرطة، بل واغلق عددا من وسائل الاعلام.

اضافة الى ذلك، أمر اردوغان بفتح مدارس اسلامية يعلم فيها التلاميذ على محبة الجهاد والدفاع عن “تركيا الاسلامية الجديدة”. في هذه الظروف كان صعبا على المرشحين المنافسين عقد مهرجانات انتخابية في مدن الميدان، ومعروف ان جزءا من المهرجانات التي تمت تعرضت للهجمات العنيفة وفرقت.

لقد عمل اردوغان على مدى سنوات بتعزيز مكانته في رأس الهرم. فقد بدأ كعضو برلمان في 2002، واصل كرئيس وزراء، بعد ذلك كرئيس عديم الصلاحيات وأخيرا نجح في أن يجيز في البرلمان تعديلات في الدستور لاقامة رئاسة فاعلة.

لقد كان يفترض بالانتخابات للرئاسة أن تجرى في كانون الاول 2019، ولكنه قرب موعدها بسنة ونصف، انطلاقا من الثقة بنفسه بانه هو الذي يسيطر على الساحة السياسية الداخلية. أما الان فقد فاز اردوغان بكل الصندوق.

في منصبه الجديد كرئيس تنفيذي فانه يحوز صلاحيات واسعة للغاية، ليست مقبولة في الغرب. في النظام الجديد الغي منصب رئيس الوزراء. اضافة الى ذلك، سيكون اردوغان رئيس الشرطة والجيش ويعين مباشرة وزراء الحكومة وعبرهم سيكون مسؤولا عن الاجهزة السياسية الاقتصادية والاجتماعية التي هي اساس ادارة الدولة.

سيعين اردوغان نصف القضاة في العليا والمدعين العامين، والبرلمان، الذي توجد له فيه اغلبية، سيعين الباقين. لقد نجح اردوغان في أن يقيم نظاما دكتاتوريا شخصيا برعاية الديمقراطية.

ستكون احزاب المعارضة مطالبة بالتصميم والتعاون كي تقف امام حكم اردوغان. فهل ستتمكن من أن تفعل ذلك وان تجند الجمهور للاحتجاج وعند الحاجة ايضا للمواجهة مع الحكم؟ الايام ستقول، ولكن هذا لن يكون سهلا.

كان اينتشه إذن محقا بقوله ان “تركيا تدخل الى نظام خطير لرجل واحد”.

*    *    *

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى