ترجمات عبرية

تسفي برئيل يكتب : نغمات خطيرة

 بقلم  : تسفي برئيل ، هآرتس 21/5/2018

الشبكات الاجتماعية العربية ضجت في الاسبوع الماضي، هذه المرة ليس بسبب الاحداث في غزة، بل بسبب التعليمات الجديدة التي اصدرها النظام السعودي، والتي حظرت ظهور الواعظ الديني المشهور في قنوات التلفاز. هذه ليست المرة الاولى التي تصدر فيها المملكة تعليمات كهذه، ولكن في السابق وجهت ضد من اعتبروا متطرفين كجزء من النضال ضد “المبالغة” الدينية التي قادها ولي العهد محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للسعودية.

هذه المرة يبدو أن الامير الذي حظي بالمديح في الصحف الغربية على مقاربته الليبرالية وجد صعوبة في الوقوف امام الضغوط التي مارسها عليه فقهاء الشريعة، الذين طالبوا بازالة “الدنس”. لقد صبوا جام غضبهم على الواعظ عدنان ابراهيم الذي بدأ باطلاق نغمات خطيرة. لقد فسر مثلا أن الحجاب ليس فريضة دينية بل هو عادة، وأن قوانين الميراث في الاسلام تضطهد النساء، حيث أنه اذا كان في الماضي معظم نفقات البيت كانت تقع على الزوج، فانه في الفترة الحديثة والتي تخرج فيها النساء للعمل وتتحمل جزء من عبء المعيشة، ليس هناك أي مبرر لاضطهادهن في الميراث. كما قال ايضا إن الاسلام لا يحظر العمل بالفنون بما في ذلك الموسيقى، وأن النبي واصحابه اعتادوا على سماع اغاني النساء.

كل هذا كان يمكن بالطبع أن يمر بهدوء في اوساط مجلس هيئة الافتاء العليا، وهي التي اصدرت فتوى تقول إن ابراهيم يشوه اقوال كبار المفسرين ويضلل المؤمنين ومن شأنه أن يتسبب بفتنة داخلية. من المهم بالتحديد أن ابراهيم الذي مؤخرا امتدح إبن سلمان والذي حسب اقواله احدث في السنوات الاخيرة ثورة لم ير مثلها العالم الاسلامي طوال مئة عام – تلقى اللطمة من قبل ولي العهد.

ابراهيم (52 سنة) يختلف جدا عن الواعظ التلفزيوني الكلاسيكي، الذي اعتادوا في وسائل الاعلام الغربية والاسرائيلية عرضه من اجل اظهار التطرف في العالم الاسلامي. لقد ولد في مخيم النصيرات للاجئين في غزة، ودرس في المدرسة الاساسية والثانوية للاونروا قبل انتقاله الى يوغسلافيا قبل تفككها حيث درس هناك الطب. حرب البلقان اجبرته على الانتقال الى فيينا حيث واصل فيها دراسة الطب. بعد ذلك درس دراسات دينية في لبنان وعاد الى فيينا حيث حصل فيها على شهادة الدكتوراة عن ابحاثه في مجال حرية الاعتقاد.

في فيينا مكان سكنه، انشأ مركز اللقاء بين الثقافات، بعد أن طرد من وظيفته كواعظ في المسجد الذي عمل فيه خلال تسع سنوات بسبب أنه، حسب اقوال منتقديه، دعا المسلمين الى التخلي عن الاوهام التي يراكمونها. فيما بعد توجه الى الوعظ في قنوات التلفاز وحظيت برامجه بملايين المشاهدين. نجاحه ولد ايضا معارضة شديدة في اوساط فقهاء الشريعة المحافظين، الذين اتهموه بالتقارب مع الشيعة، وهي تهمة تقترب من الاتهام بالكفر والمس بالايمان.

لقد اقترن بقرار وقف ظهوره ايضا حملة منسقة في الشبكات الاجتماعية، بما فيها حساب تويتر خاص بعنوان “يجب وقف برنامج عدنان ابراهيم” الذي طلب فيه المتصفحون محاسبة ايضا اصحاب قنوات التلفاز الذين سمحوا له بالظهور. “لقد انكر نزول عيسى من السماء، وهو ينكر الفتنة الداخلية التي اثارها المسيح الدجال، وأنه ينشر اكاذيب عن النبي”، هكذا جاء في أحد الاعلانات. من يؤيدونه في المقابل لم يبقوا صامتين، لقد كتبوا “ابراهيم عمل معروف مع الأمة الجاهلة، التي تحب جهلها ومستعدة لاتهام اشخاص بالكفر فقط لانهم يبحثون عن الحقيقة”.

اجل، ابراهيم لم يظل وحده في المعركة من اجل تحديث الدين. هكذا مثلا اتخذت ادارة جامعة الازهر في مصر والتي تشكل جزء من المؤسسة الدينية العليا في القاهرة، قرارا طليعيا: انشاء فرقة مختلطة من النساء والرجال بدأت في الظهور في مسابقات الاغاني وحتى حصلت على جائزة. الفرقة الموسيقية تضم 8 نساء يلبسن ملابس محتشمة ويضعن غطاء الرأس، و8 رجال يلبسون البدلات الفاخرة وربطات العنق. المدير الموسيقي هو حسن فخري من كبار الموسيقيين في مصر، الذي يقود فرقة الأوبرا الموسيقية. الفرقة تؤدي اغاني أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وحتى اغاني المغنية المشهورةشادية وكذلك اغاني كلاسيكية.

الازهر الغارق في معركة العلاقات المتوترة مع الرئيس السيسي، الذي تلقى وابل من الانتقادات لأنه غير مستعد للتقدم مع الزمن، يثبت أن بامكانه اتخاذ قرارات من شأنها التأثير ليس فقط على ما يحدث في مصر بل ايضا في دول اسلامية اخرى ترى في هذه المؤسسة الدينية نموذج للمحاكاة وهيئة شرعية عليا. اكثر من 600 طالب طلبوا الانضمام الى الفرقة الموسيقية، وفقط 16 من بينهم وجد أنهم مناسبون. استعداد الازهر لتخصيص قاعة خاصة لتدريبات الفرقة وتمويل الجانب اللوجستي الذي يضم تشغيل فخري، توضح ان الامر لا يتعلق بتصريح غامض، بل برسالة تحذير.

الآن بقي علينا الانتظار للخطوات القادمة التي سيقوم بها ولي العهد السعودي الذي يواصل تقليص تأثير فقهاء الشريعة في مملكته، والخطوات التي سيقوم بها الرئيس المصري الذي يعتبر نضاله ضد التطرف الديني مكونا هاما في النضال ضد الارهاب – من اجل أن نفهم فيما اذا كان الامر يتعلق بمنحى أو فقط بخطوات رمزية هامشية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى