ترجمات عبرية

تسفي برئيل يكتب – سكان سيناء ما زالوا ينتظرون – الخطة الاقتصادية التي ستنقذهم من الازمة

هآرتس/ ذي ماركر – بقلم  تسفي برئيل  – 26/7/2018

في شهر آذار الماضي هبت رياح قوية جدا في شمال سيناء. وبالنسبة لطلاب المدارس الذين اعتادوا على تطيير الطائرات الورقية للاحتفال بانتهاء السنة الدراسية، كان ذلك خيبة أمل غير متوقعة. بشكل عام السنة الدراسية تنتهي في اشهر أيار أو حزيران، التي تكون فيها الرياح هادئة اكثر. ولكن في هذه السنة تم تقصير السنة فجأة لاكثر من ثلاثة اشهر. منذ خروج الجيش المصري للحرب الشاملة “سيناء 2018” ضد التنظيمات الارهابية في سيناء، أمرت وزارة التعليم بوقف الدراسة في جميع المدارس في مدينة العريش والبلدات المحيطة بها – هكذا تحول النصف الثاني من السنة الدراسية الى عطلة طويلة لأكثر من 110 آلاف طالب في اكثر من 600 مدرسة.

حسب توجيهات وزير التعليم فان علامات النصف الاول من السنة ستعطى للنصف الثاني وستعتبر العلامة النهائية للسنة الدراسية. بالنسبة لـ 8 آلاف طالب يدرسون في جامعة العريش وفي الكليات الخاصة تم ايجاد حل جزئي في جامعة القاهرة والقنطرة. ولكن عندما وصل الطلاب الى هذه الجامعات تبين لهم أن لم يكن أي تنسيق بين محافظة شمال سيناء وبينها. وأن اماكن النوم التي وعدوا بها غير ملائمة للسكن وبعيدة عن الجامعة. هؤلاء الطلاب اضطروا الى دفع 5 – 8 آلاف جنيه مصري كأجرة سكن في منازل خاصة، وهذا مبلغ كبير لا يستطيع الكثيرون منهم توفيره.

نقل التعليم الى مدن اخرى أضر كثيرا بالبنية الاقتصادية لشمال سيناء، حيث أن الطلاب يشكلون مداخيل لاصحاب الاعمال ومقدمي الخدمات في المنطقة الذين ظلوا بدون زبائن. من اجل حل مشكلة طلاب المرحلة الثانوية اطلق النظام في مصر تعليم عبر الانترنت من خلال موقع باسم “معلم أون لاين”، لكن هذه المبادرة تبين أنها غير ناجعة بسبب الانقطاع المستمر للانترنت وتدفق التيار غير المنتظم في المنطقة. وبدلا منها بادر الآباء الى دروس استكمالية، وحتى التعليم على أيدي معلمين متطوعين في الفيس بوك. فقط في هذا الشهر سمحت وزارة التعليم بالعودة الى الدراسة. ولكن بقي فقط اسبوع على انتهاء السنة، والمدراء اوضحوا للطلاب بأنه “جميعهم سينجحون ولكن عليهم فقط القدوم في الاسبوع الاخير”.

في الاشهر الاربعة التي جرت فيها العملية العسكرية، تلقى المواطنين احكام قاسية تتضمن ضمن امور اخرى منع توزيع الوقود بشكل منتظم، وبدلا منها تم تخصيص 6 حصص اسبوعية من الوقود لاصحاب السيارات الخاصة والمواصلات العامة. فقط استخدام الغاز الطبيعي للسيارات سمح به، وهو الامر الذي أدى الى وقف معظم المواصلات العامة وصعب السفر داخل المدينة. والى ذلك انضم ايضا الامر الذي يسمح للمواطنين بالخروج من شمال سيناء دون تصريح امني لمدة يومين فقط. كل من بقوا طلب منهم الحصول على تصريح كهذا الذي لا يمكن الحصول عليه بسهولة. في ظل غياب اماكن عمل مناسبة في المنطقة توجه الطلاب العاطلين للعمل في اعمال متيسرة مثل فتح بسطات لبيع مواد غذائية.

انتظار برامج التطوير الكبيرة التي اعلن عنها نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تبين أنه عبثي. حاكم شمال سيناء تبجح بأن النظام يستثمر ملايين الجنيهات المصرية في تنظيم ميادين جديدة وتجديد مدخل العريش الغربي، وحتى مد انابيب للمياه لصالح السكان. ولكن عن الاستثمارات الكبيرة في البنى التحتية توجد فقط احاديث. في شهر نيسان الماضي اعلن السيسي أنه ينوي استثمار 15 مليار دولار تقريبا لتطوير شمال سيناء. وزيرة التعاون الاقليمي بحثت مع البنك الدولي حول قرض بمبلغ مليار دولار هدف حسب قولها الى الاستثمار في سيناء، لكن حسب تفسيرات القرض فان الجزء الذي سيصل الى سيناء سيبلغ بضعة ملايين من الدولارات.

تصريحات رئيس الحكومة مصطفى المدبولي الذي قال إن “سيناء هي على رأس سلم اولوياتنا” لا تختلف عن الوعود التي اعطيت للسكان خلال عشرات السنين. المستثمرون يبتعدون عن شمال سيناء بسبب الوضع الامني الصعب، وحتى وعود السعودية بالمساعدة في اعمار سيناء بمبلغ 1.5 مليار دولار، لم تترجم الى افعال.

النضال ضد الارهاب في شمال سيناء الذي ازداد منذ الربيع العربي في 2011 اوضح للنظام المصري بأنه بدون تعاون من قبل السكان البدو سيكون من غير الممكن استئصال التنظيمات الارهابية. لأن هذه التنظيمات تستند الى التعاون اللوجستي مع القبائل البدوية، التي وجدت في هذا المجال مصدر دخل بديل جيد عن الدخل الذي تعهدت به الحكومة ولم تفي به. كل الجهود التي بذلت لتطوير سيناء تركزت في الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة، في مناطق الاستجمام التي وصل اليها معظم السياح. الشمال بقي مهملا وواصل بطبيعة الحال أن يستخدم كبؤرة لمواجهات عنيفة بين الجيش والتنظيمات، في حين أن السكان يدفعون الثمن الاقتصادي الباهظ جدا.

التوقعات المستقبلية لا تبشر بتغيير هام يثمر عن مصادر رزق لسكان الشمال، حيث أنه رغم تصريحات السيسي عن نيته تطوير آلاف الدونمات الزراعية، واقامة المشاريع الصناعية وتشجيع ثورة ديمغرافية في اعقابها يعيش في سيناء حوالي 3 ملايين نسمة بدلا من 400 ألف نسمة تقريبا يعيشون فيها الآن. من الصعب رؤية من أين ستصل الاموال لتحقيق هذه الخطط. بالاحرى، عندما توجد مصر في هذه الايام في عملية سريعة لتطبيق اصلاحات اقتصادية تشمل تقليص الدعم الحكومي وميزانية الرفاه ورفع اسعار الوقود وجباية ضرائب مكثفة.

مصر تحظى بالثناء على تطبيق الاصلاحات من قبل المؤسسات المالية الدولية، لكن سيمضي المزيد من الوقت الطويل الى حين يتمكن التحسين الاقتصادي الكلي – الذي ما زال لا يؤثر على مستوى حياة المواطن في القاهرة أو الاسكندرية – من اجتياز القناة والوصول الى شمال سيناء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى