ترجمات عبرية

تسفي برئيل يكتب – الرد على قتل الصحافي السعودي : يكشف التطابق بين نتنياهو وترامب

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل  – 22/11/2018

الرئيس الامريكي دونالد ترامب أعلن بأن علاقات بلاده مع السعودية لن تتأثر بسبب قتل الصحافي جمال الخاشقجي. هذا “من اجل الحفاظ على مصالح اسرائيل ومصالح شريكات اخرى في الشرق الاوسط”. الى جانب المصالح السياسية، وبشكل خاص الاقتصادية للولايات المتحدة. في ظروف اخرى اعلانه كان يجب أن يحرج اسرائيل، ولكن اسرائيل هي التي استدعت هذا الاعلان بعد عدم نفي رئيس الحكومة نتنياهو بأنه طلب من ترامب الاهتمام باستقرار السعودية رغم عملية القتل الفظيعة. التطابق بين نتنياهو وترامب ليس بحاجة الى اثبات، في كل ما يتعلق بالشرق الاوسط لا يمكن التمييز بين مواقف رئيس الحكومة ومواقف الرئيس الامريكي. هذان البرجان التوأمان يقومان بالقراءة في الجوقة من نفس الصفحة. بشأن المواقف الاخلاقية لا يوجد بالطبع مجال للحديث.

يوجد قتلة للصحافيين في دول كثيرة، التي تواصل اقامة علاقة ممتازة مع الولايات المتحدة، وعدد منها مع اسرائيل. لا أحد يطلب من الادارة الامريكية ادانة السعودية على العدد الكبير من الاعدامات التي تنفذها كل سنة. والتي اخذت تتنافس فيها مع جارتها ايران. لا توجد أي دولة، حتى التي توجد في اوروبا، ترفع علم الاخلاق وحقوق الانسان، لم تعلن عن قطع علاقتها مع السعودية أو فرض عقوبات على القتلة الذين شاركوا في احتفال الذبح في اسطنبول.

بين نتنياهو وترامب توجد شبكة علاقات لسارقي الخيول: في مرة نتنياهو يستخدم ترامب كدعامة لسياسته، وفي مرة ترامب يستخدم نتنياهو لتبرير مواقفه. في هذه المرة جاء دول اسرائيل كي توفر لواشنطن الملجأ من معضلة التصادم مع السعودية.

إن اكتشاف الـ سي.آي.ايه الذي وصل الى استنتاج بأن ولي العهد السعودي ليس فقط علم، بل ايضا أمر بالقتل، وضع امام ترامب عبوة ناسفة شديدة. إن تبني استنتاجات الـ سي.آي.ايه يمكنه تخريب صفقة الـ 110 مليارات دولار المتعلقة بشراء الوسائل القتالية من قبل السعودية، والاضرار بسياسة العقوبات على ايران. هذا اذا قررت السعودية ردا على ذلك عدم جسر الفجوة في انتاج النفط التي يتوقع حدوثها نتيجة فرض العقوبات والتسبب بارتفاع اسعار منفلت العقال. فانه حسب رأي ترامب هذا يشكل ثمن باهظ يصعب تحمله مقابل قتل الصحافي.

ترامب سارع الى فرض عقوبات على 17 سعودي، الذين حسب الاشتباه كانوا متورطين في عملية القتل، لكنه اختارهم بعناية. مثلا، تشمل القائمة سعود القحطاني، وليس احمد العسيري، نائب رئيس المخابرات السعودية. القحطاني حسب التقارير هو الذي تلقى المكالمة الهاتفية المدينة، من رئيس طاقم الاغتيال ماهر المطرب، الذي طلب “ابلاغ رئيسه بأنه تم تنفيذ المهمة”. الرئيس هو إبن سلمان.

احمد العسيري كان المتحدث بلسان القوات السعودية العاملة في اليمن، وتمت ترقيته من قبل إبن سلمان الى منصب نائب رئيس المخابرات. وهو مثل القحطاني تمت اقالته من منصبه من قبل الملك سلمان.

السعودية من ناحيتها اعتقلت 21 متهم وتم تقديم لوائح اتهام ضد 17 شخص، والنيابة العامة طلبت اصدار حكم الاعدام على خمسة منهم بدون الاشارة الى اسمائهم. هذه الخطوة التي تم القيام بها قبل اكتشافات الـ سي.آي.ايه كان يمكنها تخفيف الرد الدولي – لا سيما الامريكي. ولكن في حينه جاءت الاكتشافات وكذلك التسجيلات الاخرى من تركيا، التي لم تأت بجديد، لكنها أضافت بعد دراماتيكي لعملية القتل. وقد طلب من ترامب الرد وبسرعة.

كعادته قام ترامب باختراع رواية خاصة به. أولا، “لا يوجد لدى الـ سي.آي.ايه أي معلومات قاطعة بخصوص تورط ولي العهد بعملية القتل”، ثانيا، علاقاتنا مع السعودية – أي أنه يجب التمييز بين عملية القتل المسؤول عنها اشخاص ربما يكون إبن سلمان عرف عنهم وبين الدولة”. ثالثا، السعودية هي حليفة في الحرب ضد الارهاب وضد ايران. رابعا، يجب الحفاظ على مصالح اسرائيل و”شركاء آخرين في المنطقة”. ولكن كل ركن من هذه الاركان الاربعة يستند على اساس واهن.

لا يمكن الفصل بين المملكة السعودية وإبن سلمان. فالسعودية هي إبن سلمان. وعندما يعترف ترامب بأنه “ربما يكون إبن سلمان علم وربما لا”، ولكن لـ سي.آي.ايه ليس لديها “معلومات قاطعة”، فهو يشكك بوكالة الاستخبارات لديه لصالح من رتب عملية القتل. وماذا لو تم نشر دليل قاطع على أن إبن سلمان هو الذي أمر بالقتل؟ هل ترامب سيتمسك بموقفه قبل الأخير الذي يقول إن من كان متورط يجب أن يعاقب، بدون صلة بمكانته ووظيفته، أو أنه سيخترع تبرير جديد؟.

السعودية ليست حليفة في الحرب ضد الارهاب، فهي لم تشارك بالفعل في الحرب ضد داعش، هي تتعاون مع فصائل من طالبان في افغانستان، وهي مسؤولة عن قتل آلاف المدنيين اليمنيين الابرياء. السعودية هي حقا شريكة في النضال السياسي ضد ايران، هي تعمل في اليمن ضد الحوثيين المدعومين من طهران، وتعهدت بزيادة انتاج النفط لمنع نقص عالمي سيحدث في اعقاب فرض العقوبات على ايران. لكنها فشلت في تآكل قوة حزب الله في لبنان، عندما أمر إبن سلمان رئيس الحكومة سعد الحريري بالاستقالة وبعد ذلك تراجع عن موقفه. وهي لم تنجح في الاندماج في الحرب في سوريا والتأثير على مستقبل الرئيس بشار الاسد. وهي تخلت عن العملية السلمية بين اسرائيل والفلسطينيين.

فيما يتعلق باسرائيل، السعودية ساعدت نتنياهو في القيام بزيارته الى عمان. وقامت بلي ذراع البحرين، التي انقذتها من الانهيار اثناء مظاهرات الربيع العربي عندما ارسلت قوات عسكرية لقمع المتمردين، ومكنت من زيارة وزير الاقتصاد حسب مصادر اجنبية. السعودية تمسك في أيديها الكأس المقدسة التي يطمح نتنياهو في الوصول اليها – علاقات دبلوماسية مع دولة عربية رائدة، التي تحقق تصريحاته بشأن التحول الذي يجري تجاه اسرائيل في الشرق الاوسط. هذا لم يحدث بعد. وأول أمس اعلن الملك السعودي بأن المشكلة الفلسطينية هي على رأس سلم أولويات المملكة.

إن ارتداء ترامب لدرع اسرائيل الواقي من اجل الدفاع عن نفسه من الانتقاد العالمي والحفاظ على زبون هام لصناعة السلاح الامريكية، تستكمل تحديد وظيفة اسرائيل كمستشارة للسيد. انسحاب ترامب من الاتفاق النووي مع ايران الذي هز العالم استند الى “مصالح اسرائيل”. الاعتراف بالقدس كعاصمة لاسرائيل ونقل السفارة الامريكية اليها جاء من اجل تحقيق مصالح اسرائيل. والآن ايضا براءة ولي العهد السعودي مدينة لـ “مصالح اسرائيل”. العائلة، كما هي العادة، في المقام الاول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى