تسفي برئيل يكتب – التدخل الاسرائيلي في سوريا يتعمق ولكنه لن يصل الى الاسد
بقلم: تسفي برئيل، هآرتس 23/7/2018
انقاذ مئات نشطاء منظمة “الخوذ البيضاء” في جنوب سوريا حدث تقريبا في اللحظة الاخيرة. الخشية من المذبحة التي سينفذها جنود نظام الاسد الذين احتلوا اجزاء كبيرة من منطقة الجنوب، ومن تقدمهم من اجل التمركز على طول خط الفصل في هضبة الجولان في الايام القريبة القادمة، أبقت مجال زمني قصير جدا. اسرائيل والاردن والولايات المتحدة ودول اخرى شاركت في هذه العملية، وكذلك مليشيات “فرسان الجولان” السورية المدعومة من اسرائيل، اجروا في الايام الاخيرة الترتيبات الامنية قبل عملية الانقاذ. احد المخاوف التي سبقت العملية هو أن تواجد مئات اللاجئين من قرى هضبة الجولان قرب الحدود سيشوش عملية الانقاذ. ولكن توقيع اتفاق الاخلاء بين سوريا وروسيا ومليشيات المتمردين ومغادرة المتمردين للمنطقة أدى الى العودة السريعة للمهجرين الى بيوتهم في يومي الخميس والجمعة. في يوم السبت لم يبق أي لاجيء قرب الحدود. الخوف على حياة اعضاء “الخوذ البيضاء” مبرر: هذه المنظمة التي بدأت عملها في 2012 على ايدي مجموعات متطوعين من المناطق التي سيطر عليها المتمردون، تحولت في 2014 الى منظمة دفاع مدني معروفة، والتي شملت اكثر من 3 آلاف متطوع من بينهم عشرات النساء. وقد حصلت على تمويل يقدر بـ 30 مليون دولار سنويا من الولايات المتحدة ودول الخليج ومنظمات مساعدة دولية. وحسب المعطيات التي نشرتها المنظمة فقد نجحت في انقاذ اكثر من 80 – 90 ألف شخص من خلال تعريض حياة اعضائها للخطر. من بين الاشخاص الذين انقذتهم مصابون علقوا تحت انقاذ البيوت التي قصفت من قبل الجيش السوري وسلاح الجو الروسي. وقدمت الاسعافات الاولية للمصابين ومساعدات للمحتاجين في المناطق التي لم يكن فيها أي مساعدة في متناول اليد. اعضاء المنظمة لم يترددوا في تقديم تقارير للعالم عن فظائع الحرب. ومنها استخدام المواد الكيميائية. وقد نشروا افلام قصيرة استخدمت كدليل على قسوة جيش النظام المليشيات المؤيدة لايران، واثارت غضب السلطات التي نشرت ضدهم أنباء بأنهم يعملون يدا بيد مع منظمات ارهابية.
انقاذ اعضاء “الخوذ البيضاء” بالتعاون مع اسرائيل، الذي تضمن التزام دول غربية باستضافتهم وحتى منحهم الجنسية بعد خروجهم القريب من الاردن، هو بادرة حسن نية هامة جدا لكنها غير كافية. آلاف المواطنون الذين اصبحوا مؤخرا تحت سيطرة قوات الجيش السوري يوجدون الآن في خطر على حياتهم دون وجود امكانية الهرب الى الاردن. الاردن يمنع دخول لاجئين ويطلب من اللاجئين الموجودين على حدوده العودة الى بيوتهم. المرحلة القادمة هي تطبيق اتفاق نشر القوات السورية على طول خط الفصل وعودة قوات مراقبي الامم المتحدة. حسب الاتفاق ستدخل الكتيبة 16 والكتيبة 90 للجيش السوري مع وحدات من الشرطة الروسية لتصل الى خط الفصل، بعد مغادرة المليشيات للمنطقة الى مدينة ادلب، أو من يريد منهم تسليم سلاحه الخفيف وعندها يستطيع العيش في بيته.
حسب تقرير في صحيفة “الشرق الاوسط” فان خط الفصل سيشمل من الآن ثلاثة مقاطع: المقطع الاول المحاذي اسرائيل سيكون منزوع السلاح وتعمل فيه قوات الامم المتحدة مع الشرطة الروسية، والمقطع الثاني الذي سيبدأ بعمق 15 كم يستطيع فيه الجيش السوري الاحتفاظ بـ 350 دبابة و3 آلاف جندي مع سلاح خفيف. وفي المقطع الثالث يستطيع الجيش السوري الاحتفاظ بـ 650 دبابة و4500 جندي ومدافع بمدى محدود. الاتفاق بين اسرائيل وروسيا يشمل ايضا السماح للجيش السوري بالعمل ضد قوات داعش التي توجد حتى الآن في حوض اليرموك. ولكن سيكون عليهم العودة الى قواعدهم عند انتهاء القتال، قوات روسية ستسيطر على تل الحمارة أعلى التلال المحيطة بهضبة الجولان (1200 متر)، ومنه يمكنهم السيطرة على تنفيذ اتفاق فصل القوات.
في منطقة الفصل تواصل مليشيات “فرسان الجولان” العمل، حيث أنه حسب تقرير في موقع “ذي انتر سيبت” في شهر كانون الثاني، تلقى اعضاؤها المساعدة والتدريب والتسليح من اسرائيل. في صفحة الفيس بوك لهذه المليشيات يظهر احد اعضائها وهو يقوم بتحميل صناديق الغذاء على سيارة تندر تحمل شعار شركة “تنوفا” وشعار شركة اخرى عليها احرف كلمة عبرية “كشير” (حلال). حسب هذا الموقع، تم اعداد هذه المليشيا للعمل في هضبة الجولان على نمط جيش لبنان الجنوبي الذي انشأته اسرائيل بهدف صد دخول قوات مؤيدة لايران الى اراضيها. من خلال المساعدة الانسانية للمليشيا هدفت اسرائيل الى خلق قدرة على وصولها العسكري الى منطقة هضبة الجولان السورية.
حسب مصدر سوري تحدث مع الموقع، في البداية عارض اعضاء المليشيات تدخل اسرائيل، لكن “عندما تعطي اسرائيل رواتب لاعضائها ومواد طبية وغذاء وماء فان الاشخاص يبدأون بتأييدها، وفي الحقيقة عددهم غير قليل”. الاتفاق الجديد لنشر القوات السورية في هضبة الجولان يسمح لهذه المليشيا بالعمل في المنطقة منزوعة السلاح شريطة أن لا يتصادموا مع القوات السورية. حسب هذه التقارير يبدو أن تدخل اسرائيل في الحرب في سوريا عميق وواسع اكثر مما يعتبر “مساعدات انسانية”. التنسيق العسكري بين اسرائيل وروسيا والاردن – شركاء اسرائيل –بصورة مباشرة أو غير مباشرة، في النقاشات على خطة روسيا لحل الازمة السورية، وقدرتها على التأثير على خطوات تكتيكية في منطقة هضبة الجولان، تحولها الى شريكة غير مباشرة في المحادثات، لكنها هامة، مع النظام السوري. الاسد يستطيع من الآن الاعتماد على أنه لا يوجد أي خطر على وجوده من ناحية اسرائيل.