تسفي برئيل / هدف الجهاد الاسلامي : عرض اطلاق النار الشاذ في غزة كحادثة محددة
هآرتس – بقلم تسفي برئيل – 30/5/2018
في غزة ما زالت لا تجري حرب. رغم العدد الاستثنائي للقذائف التي اطلقها الجهاد الاسلامي، والدعم الذي حظي به من حماس، فان الجهاد يفضل وصف اطلاق النار كعملية انتقام على قتل النشطاء الثلاثة على أيدي الجيش الاسرائيلي هذا الاسبوع. الهدف هو تأطير الحدث كحدث محلي – موضعي، وليس كفتح جبهة وتحطيم الادوات والتفاهمات التي تم التوصل اليها بصعوبة بين حماس ومصر واسرائيل. اسرائيل هي المتضررة المباشرة من عملية الانتقام، لكن ايضا حماس لا تستطيع تجاهل التحدي الذي وضعته امامها الحركة الشقيقة، اللتان توجد بينهما فجوة ايديولوجية. حيث أنه اذا كان الجهاد غير مستعد لاستيعاب وضبط النفس بخصوص قتل ثلاثة من نشطائه فماذا يعني ذلك لحماس التي ضبطت نفسها حتى الآن امام قتل حوالي 50 من نشطائها في مسيرات العودة في الاسابيع الستة الاخيرة. ولكن في مسيرات العودة القاتلة شارك ايضا نشطاء الجهاد الاسلامي وكذلك ايضا قررت قيادته الانضمام الى استراتيجية حماس بعدم الرد.
هل قرر الجهاد فتح حساب منفصل مع اسرائيل واجبار حماس على الانضمام اليه؟ حتى الآن لا. حتى الآن حماس اكتفت بتصريحات التأييد والدعم لكنها لم تضغط على الزناد. حماس ترى في اطلاق النار من قبل الجهاد على اسرائيل شذوذ عن القواعد التي وضعتها المنظمتان منذ عملية المصالحة الداخلية الفلسطينية، وبالاساس منذ تحولت مصر الى صاحبة البيت في المصالحة وأملت قواعد اللعب سواء امامهم أو امام اسرائيل.
في آذار الماضي زار وفد من الجهاد مصر والتقى مع رؤساء الاجهزة الاستخبارية المصرية. وقد أوضح في حينه أن الجهاد يعارض أي مس بمصر وأنه ينضم الى التزام حماس بالدفاع عن الحدود بين غزة وسيناء من مرور مخربين ومواد تخريبية. الجهاد الاسلامي يرى بنفس المنظار مع حماس المصالحة مع فتح والحاجة الى الحفاظ على علاقات جيدة مع مصر، التي تقتضي التشديد على وقف اطلاق النار مع اسرائيل.
إلا أنه في صفوف الجهاد الاسلامي لا يسود ارتياح. رئيس الجهاد رمضان شلح لا يقوم بمهامه بعد خضوعه لعدة عمليات في القلب في بيروت (باشراف طبي ايراني). في نيسان الماضي فقد الوعي وأثار عاصفة من الشائعات بأنه سمم. نائبه زياد النخالة يشغل منذ ذلك الحين الرئيس الفعلي ويعتبر الرجل الموثوق لقاسم سليماني، قائد قوة القدس في حرس الثورة الايراني والذي يساعد ايضا في تمويل الجهاد. ايران معنية بأن يرث النخالة رمضان شلح، وأوضحت موقفها لقيادة المنظم.
ولكن في داخل المنظمة هناك زعماء كبار مثل محمد الهندي، نائب آخر لشلح، الذي يفضل العلاقة مع تركيا ومع الاخوان المسلمين على العلاقة مع ايران. في نيسان الماضي استعدت المنظمة لاجراء انتخابات للقيادة ووضع دستور جديد لها. الانتخابات تم تأجيلها كما يبدو بضغط ايران خوفا من أن يكون الهندي هو الذي سينتخب وليس حليفها النخالة إبن الـ 67 سنة. في هذه المرحلة لم يتم تحديد موعد جديد للانتخابات، والخصومة الداخلية تواصل إملاء الاستراتيجية التي سيتبعها الجهاد حتى في مواجهات مثل التي تجري مع اسرائيل.
على الرغم من أن اسرائيل ترى في الجهاد الاسلامي ذراع لايران في القطاع، فانه في المنظمة نفسها هناك من ينظرون الى ايران بعدم ثقة عميق، لا سيما على خلفية انشاء تنظيم “صابرون” الذي انفصل عن الجهاد في العام 2014 بتعليمات من ايران، التي مولته بمبلغ 12 مليون دولار في السنة تقريبا. شخصيات كبيرة في الجهاد ترى بهذه الخطوة مس جوهري بوحدة المنظمة، الامر الذي جعل ايران تجمد التمويل السنوي للمنظمة بعد سنة من ذلك. ذلك التمويل عاد جزء منه لكنه لم ينجح في تبديد الشكوك بايران.
تدخل ايران يغضب ايضا المنظمات السلفية في غزة، التي تخشى من النفوذ الشيعي في القطاع. على الرغم من أن هذه التنظيمات تتحدث في كل مرة حماس، ولهذه الغاية ايضا اطلقوا النار على اسرائيل، هم يدعمون سياسة الانفصال عن ايران لحماس والجناح المناويء لايران في الجهاد الاسلامي. بناء على ذلك ليس مستبعدا أن النشاط العسكري للجهاد أمام اسرائيل يستند الى الخلاف الداخلي في المنظمة وليس فقط لاعتبارات سيطرة أمام حماس. مثلما في مرات سابقة، ايضا في هذا الاسبوع استدعت مصر نفسها للوساطة بين اسرائيل، حماس والجهاد الاسلامي من اجل تهدئة الارض في القطاع. مصر التي تتطلع الى تحقيق المصالحة الداخلية الفلسطينية تقيم شبكة علاقات وثيقة مع حماس ومع الجهاد الاسلامي حيث أن عامل التأثير الاساسي لها هو السيطرة على معبر رفح الذي فتحته مع حلول شهر رمضان. من جهة مصر، المصالحة ليست هدف بل وسيلة للسيطرة من خلاله في تعيين وريث محمود عباس، من هنا، كل الخطوات الداخلية التي ستنبثق من تغيير القيادة.
بدون تعاون من حماس والجهاد ستجد مصر صعوبة في املاء الخطوات السياسية والتأثير على القيادة العتيدة لفلسطين. اداة الضغط المصرية الاخرى هي التعاون العسكري الوثيق مع اسرائيل، التي في ايديها السيطرة على مساحة الجبهة امام غزة. المصلحة الاسرائيلية تقتضي الآن مساعدة مصر في التوصل الى تهدئة وبهذا تعزيز نفوذها، ليس فقط في غزة، بل في الضفة ايضا. المشكلة هي أن اسرائيل تعتبر المواجهة مع حماس والجهاد ليس فقط وسيلة للردع والعقاب، بل ايضا زيادة قيمة، التي يمكن أن تتفوق على اعتبارات عقلانية.