ترجمات عبرية

تسفي برئيل – في الطريق الى التسوية – اسرائيل تمنح شرعية لقطر

بقلم: تسفي برئيل، هآرتس 19/8/2018

“الدول العربية التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع قطر لم تفعل ذلك من أجل اسرائيل أو من اجل القضية الفلسطينية، بل بسبب خوفها من الارهاب الاسلامي المتطرف”، هكذا فسر افيغدور ليبرمان المقاطعة التي فرضتها السعودية والبحرين واتحاد الامارات على قطر في حزيران 2017. قطر هي دولة تدعم الارهاب، هكذا حذر ايضا بنيامين نتنياهو. وحتى شمعون بيرس قال إنها مصدرة للارهاب.

ولكن حليفة ايران وتركيا (قطر) تحظى الآن باعادة تأهيل بعد موافقة اسرائيل ومصر على تحمل عبء دفع رواتب عشرات آلاف الموظفين في غزة. وهي ايضا التي تتوسط لاعادة جثث الجنود والمفقودين الاسرائيليين. هكذا، بعد أن وقفت اسرائيل الرسمية صامتة ازاء الاتفاق المتبلور مع حماس ونفت مجرد وجود مفاوضات بينها وبين حماس، لا تطرح أبدا مسألة لماذا توافق اسرائيل على أن تكون قطر شريكة في الاتفاق.

يتبين أنه عندما تتغلب الحاجة السياسية والعسكرية، فان الخطوط الاساسية المصنوعة من الاسمنت تظهر مرونة مدهشة.

ولكن قصة قطر اكثر تعقيدا من مجرد استعدادها لتمويل الجزء الاول من الاتفاق مع حماس.

منذ تولي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تحولت مصر الى دولة معادية على خلفية دعمها للاخوان المسلمين وبسبب الانتقاد الحاد الذي بثته قناة “الجزيرة” التي تملكها قطر ضد “الانقلاب العسكري” الذي قام به السيسي. قطر لا تعترف الآن بشرعية النظام في القاهرة. وعندما فرضت السعودية واتحاد الامارات المقاطعة عليها فقد سارعت مصر الى الانضمام لهما وفرضت مقاطعة جوية. رغم حقيقة أن حوالي 100 عامل مصري يعملون في قطر.

السعودية تعتبر قطر مبعوثة لايران في الشرق الاوسط العربي. اضافة لما تعتبره المملكة “تدخل قطر في الشؤون الداخلية للدول العربية”، وهذه مقولة موجهة للمساعدة التي تمنحها لحماس والمليشيات السنية الراديكالية التي تعمل في سوريا.

هكذا ايضا دولة اتحاد الامارات التي من جهة تسمح بنشاطات شركات ايرانية على اراضيها، وفي المقابل انضمت لمقاطعة قطر بسبب علاقتها الوثيقة مع ايران.

مع فرض المقاطعة تحولت ايران وتركيا الى مزودات البضائع لقطر ومكنتها من تجاوز المقاطعة الجوية من قبل دول الخليج. عندما قرر الرئيس ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع ايران اوضحت قطر بأنها لن تمكن قوات اجنبية من مهاجمة ايران من اراضيها، وهي لا تنوي الانضمام للعقوبات التي فرضتها الادارة الامريكية على ايران.

قطع العلاقات بين قطر ودول الخليج ومصر دفع اسرائيل الى التفكير بأنها مقبولة كصديقة حتى لو كان ذلك بصورة غير رسمية وفعالة، في التحالف العربي ضد ايران. القاسم المشترك المعادي لايران لدول الخليج واسرائيل والولايات المتحدة والعداء الشديد بين السعودية وحزب الله الذي دفع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لاقالة رئيس حكومة لبنان سعد الحريري، وتدخل ايران وحزب الله في الحرب في اليمن ضد القوات السعودية ودولة الامارات – خلقت الشعور في اسرائيل بأن دول الخليج الرائدة تقف على شفا عقد تحالف للسلام معها.

وهكذا على الورق انقسمت التحالفات في الشرق الاوسط بين الدول المؤيدة للغرب مثل السعودية واتحاد الامارات والبحرين ومصر وبين الدول المؤيدة لايران ومنها العراق ولبنان وعُمان (التي تطرح نفسها كدولة محايدة) وقطر وتركيا.

إلا أنه داخل هذه الفوضى وجدت واشنطن نفسها في مركز العاصفة. فمن جهة هي حليفة هامة للسعودية وهي التي تقود السياسة المناوئة لايران في العالم الى جانب اسرائيل. من جهة اخرى، في قطر توجد القاعدة العسكرية الأهم للولايات المتحدة في الشرق الاوسط. ترامب حاول في البداية التوسط بين قطر وأعدائها، لكن مثلما هو الامر في صراعات اخرى فقد فشلت جهوده. قطر لم تقف مكتوفة الأيدي وبدأت بحملة لتعزيز مكانتها في العالم ولا سيما في الولايات المتحدة، حيث التقى زعماؤها ليس فقط مع كبار رجالات الادارة الامريكية بل ايضا مع رؤساء الجاليات اليهودية.

يدركون في قطر أن عليها تعزيز علاقاتها مع الجالية اليهودية وبالاساس مع اسرائيل لضمان قوة العلاقة ودعم الادارة الامريكية.

في المقابل الالتزام الاسرائيلي بتنسيب السياسات والتعاون العسكري مع مصر وضع اسرائيل في معضلة اخرى. قطر حسب تعريف اسرائيل هي حقا دولة مؤيدة للارهاب، لكنها ايضا هي التي من شأنها أن تساعد على اعادة جثث الجنود والمفقودين الاسرائيليين، قطر هي عدوة السعودية، لكنها ايضا تحظى برعاية امريكية.

علاوة على ذلك، المفاوضات مع حماس حول وقف اطلاق النار و”التسوية” تقتضي ايجاد جهة تمول رواتب الموظفين في غزة على خلفية رفض محمود عباس تحويل الدفعات من ميزانية السلطة. العنوان الطبيعي كان يمكن أن يكون السعودية ودولة اتحاد الامارات التي قبل نصف سنة اعلنت بأنها ستخصص 15 مليون دولار تقريبا شهريا لدفع الرواتب وستكون مستعدة لتمويل انشاء محطة لتوليد الطاقة. إلا أن تمويل اتحاد الامارات تم ربطه بأن يتم تشكيل ادارة مدنية في غزة الى جانب حماس يقف على رأسها محمد دحلان، وهو ترتيب كانت مصر شريكة فيه.

في نهاية المطاف لم يتم الحصول على موافقة عليه من حماس والتمويل لم يصل. قبل نحو اسبوعين عندما تبين أن مسؤولية التمويل من شأنها أن تنتقل الى قطر، طلبت السعودية واتحاد الامارات من مصر أن لا تمكن قطر من موطيء قدم لها في غزة. لكنهما لم تقترحا بديل آخر. لقد كان واضحا لاسرائيل أنه بدون تمويل اتفاق وقف اطلاق النار لن يكون بوسعه الصمود، وهكذا فانها وصلت الى اتفاق مفروض مع مصر يقضي بأن تشكل قطر الصراف الآلي للنشاطات الجارية بحيث تعتبر مساعدتها “مساعدة لسكان غزة” وليس مساعدة لحماس.

في السلطة الفلسطينية لا أحد يشتري هذا التعريف، وقطر بدأت مؤخرا بتلقي انتقاد حاد على أنها تخون القضية الفلسطينية بكونها تشجع صفقة القرن للرئيس ترامب عبر قناة غزة. مشكوك فيه أن المساعدة لحماس ستشجع العملية السياسية، لكنها يمكن أن تحقق التهدئة المدنية المطلوبة من اجل تحقيق وقف اطلاق النار.

مع ذلك، ليس واضحا ما هي انظمة الاشراف على تحويل الاموال وعلى حجمها. يبدو أنه ازاء المصلحة الاسرائيلية والمصرية لتهدئة الحدود مع غزة، وفيما بعد فصل غزة عن الضفة، فان هذه المسائل التي كانت دائما في مركز النضال ضد حماس، تحولت لتصبح هامشية. المراوغات التي حدثت ازاء الدوافع التي تمليها المصالح سماها ذات يوم زعيم ايران علي خامنئي بـ “مرونة بطولية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى