ترجمات عبرية

تسفي برئيل : حلم السيارة الخاصة في ايران يتبدد

هآرتس / ذي ماركر – بقلم  تسفي برئيل  – 14/6/2018

فوجيء زبائن وكالات السيارات في ايران إذ سمعوا الاسبوع الماضي بان كلفة حلمهم للسفر للاستجمام في جبال البرج في سيارة جديدة ارتفعت بـ 3.000 – 5.000 دولار. فبيان شركات السيارات الاجنبية – بيجو، سيتروين ويونداي – عن وقف نشاطها في الدولة،خدمت جدا تجار السيارات، الذين حتى قبل أن يتوقف الانتاج سارعوا الى رفع الاسعار بعشرات في المئة.

لعل هذا هو التأثير الفوري الاول للعقوبات الامريكية على مستوى معيشة ابناء الطبقة الوسطى في ايران. فهذه الطبقة بالذات، التي يتجمع فيها معظم معارضي النظام – الاصلاحيون، المحاضرون في الجامعة والموظفية الوسطى – تتحمل من الان فصاعدا أساس عبء العقوبات. اما الطبقات الفقيرة فسيحرص الحكم الايراني عليها من خلال شبكة الدعم الذي وان كان بعض منه تقلص الا ان اساسه قد بقي؛ ومقربو النظام – يعرفون دوما كيف يتجاوزوا العقوبات ويستمتعوا بالحياة الطيبة.

ان السعر الجديد للسيارات هو مجرد عارض من اعراض المرض وليس هو الذي يقلق في هذه اللحظة حكم الرئيس حسن روحاني. التهديد الاكبر يكمن في مستقبل انتاج النفط واسواق التصدير له في العالم. فايران تنتج اليوم نحو 3.8 مليون برميل من  النفط يوميا، مقابل نحو مليون برميل في ظل نظام العقوبات الذي فرض عليها قبل الاتفاق النووي. ولكن هذا الانتاج من شأنه ان يتعرض الان لضربة شديدة. اتفاق كبير بحجم نحو 5 مليار دولار مع شركة النفط الفرنسية توتال، يوشك على أن يلغى في اعقاب بيان الشركة الفرنسية عن نيتها وقف نشاطها في الدولة. ليس واضحا اذا ما كانت توتال ستكون مطالبة بان تدفع تعويضات لايران وما هي هذه التعويضات بسبب الغاء الاتفاق ولكن بالنسبة لايران هذه ضربة هامة من شأنها ان تقلل قدرتها على الانتاج في السنوات القريبة القادمة بنحو نصف مليون برميل في اليوم.

وستحتل مكان توتال على ما يبدو شركة النفط الصينية، التي تعتزم ان تشتري جزءا من امتيازات توتال في ايران. كما أن الصين اعلنت بانها لا تعتزم تخفيض حجم مشتريات النفط من ايران، بصفتها الزبون الاكبر لها. ولكن باقي زبائن النفط لايران يعتزمون تقليص او تجميد صفقاتهم الشرائية. هكذا مثلا، فان شركة النفط الهندية “نيارا” تعتزم تقليص مشترياتها بنحو 40 في المئة، واليابان تفحص البدائل ومثلها ايضا كوريا الجنوبية.

صحيح ان الصين يمكنها ان تعوض عن جزء من ضياع الاسواق الاخرى، ولكن هكذا ستصبح ايران متعلقة بشكل مطلق بدولة رئيسية واحدة. والتطلع الى تنويع مصادر الدخل، سواء من النفط ام من بضائع اخرى، من شأنه أن يتبدد، على الاقل في المستقبل المنظور. كما ان شركات النقل البحري تقلق طهران: فكبرى الناقلات “مارسيك” أعلنت عن انها تعيد النظر في نشاطها في ايران، وكفيلة بان توقفه تماما. شركة السفن الالمانية “باغ لويد” الغت خط نقل واحد الى الدولة؛ ومستثمرون اجانب في مجالات البنية التحتية باستثناء روسيا والصين، من شأنهم ان يغادروا او يجمدوا الاتفاقات التي وقعوها مع ايران.

ايران ليست دولة فقيرة. بل هي بعيدة عن ذلك. فهي تملك احتياطات من العملة الصعبة بمقدار 130 مليار دولار، وفي نصف السنة القريبة القادمة، الى أن تدخل العقوبات الى حيز التنفيذ، فانها ستتمكن من مواصلة انتاج النفط وجمع المزيد من البطانة التمويلية للفترة القادمة. اما الخناق الاقتصادي الذي تتمناه ادارة ترامب وحكومة اسرائيل، فمن شأنه بالتالي على يؤثر على طهران بشكل كبير فقط بعد اشهر طويلة. ومن الافضل ايضا ان نتذكر بان ايران نجت اقتصاديا بل ونجحت من ناحية تكنولوجية على مدى اكثر من 30 سنة في تجاوز العقوبات التي فرضت عليها على مستويات متنوعة.

ولكن الاثر النفسي يعطي منذ الان مؤشراته حين يتوجه المواطنون الايرانيون لشراء الذهب بدلا من التوفير في شهادات الدين للدولة؛ والبنوك الايرانية لا يمكنها أن تنفذ الصفقات والتحويلات المالية الدولارية – وهو الوضع الموجود منذ اليوم جراء العقوبات الامريكية الخاصة التي لم تلغى. والتضخم من شأنه ان يرتفع في ضوء هبوط قيمة الريال بنحو 40 في المئة في الاشهر الاخيرة. كل هذا، بينما مطالب العمال والشركات للتعويض عن الغلاء تهدد باحداث اضطرابات في الدولة بل ومواجهات.

دليل على ذلك هو اضراب سائقي الشاحنات في الشهر الماضي مطالبين بعلاوة نحو 50 في المئة على أجر النقل الذي قررته الحكومة. الاضرابات والمظاهرات بسبب غلاء المعيشة ليست امرا جديدا وذروتها كانت في كانون الثاني الماضي، عندما خرج الكثير من المتظاهرين في عدة مدن في ايران وهم يهتفون ضد النظام وضد الدور الايراني في الحروب في الشرق الاوسط على حساب دافع الضرائب. ولكن مقابل الرد العنيف الذي اتخذته الشرطة ضد المتظاهرين في حينه، فانه بالذات تجاه سائقي الشاحنات تتصرف الحكومة بضبط للنفس بل ووافقت على رفع اجرهم بـ 20 في المئة. يحتمل أن يكون هذا الرد يلمح بتغيير في السياسة تجاه مظاهر الغضب الشعبي التي من الموقع ان تأتي مع تطبيق العقوبات، ولكنها من شأنها ايضا أن تشجع مزيدا من المظاهرات التي ستلزم النظام بالعودة الى سياسة القبضة الحديدية.

واشنطن والقدس تصفقان لسياسة العقوبات الجديدة بل وتعتبرها نجاحا، ولكن المشكلة هي ان العاصمتين ليست لديهما أي فكرة كيف سترد ايران. وتتراوح السيناريوهات بين الانجرار الى حرب اذا قررت ايران استئناف تخصيب اليورانيوم، والاستسلام المهين الذين يلزم ايران بالتفاوض مع اتفاق جديد. تبدو خطوة ترامب الان كالتجربة والخطأ في افضل الاحوال، وكاستفزاز خطير في اسوأ الاحوال. والسؤال الذي لا يزال بلا جواب مناسب من البيت الابيض هو لماذا لم يبق الرئيس على الاتفاق الحالي وبالتوازي سعى الى انجاز اتفاق آخر على مواضيع هامة له، وبدلا من ذلك فضل كسر الاواني ورؤية الى اين تتناثر الشظايا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى