ترجمات عبرية

تسفي برئيل / ايران ايضا تجف – أزمة الماء تهدد استقرار النظام

هآرتس/  ذي ماركر – بقلم  تسفي برئيل  – 5/7/2018

في نيسان قرر كافيه مداني مغادرة ايران؛ والادق، الهرب منها. فقبل سنة من ذلك فقط عين مداني ابن الـ 36 في المنصب الرفيع كنائب وزير جودة البيئة في حكومة الرئيس حسن روحاني. ونجح روحاني في أن يقنع العالم الشاب، الاكثر ثقافة في الحكومة الايرانية، بترك منصبه المحترم في امبريال كولدج في لندن والعودة الى وطنه الذي تركه في العام 1981، بعد سنتين من الثورة.

تعليمه في مجال مصادر المياه ومنظومات ادارة المياه كسبه مداني في جامعة لوند في السويد، والدكتوراة في المجال نالها في جامعة كاليفورنيا. وهو يعتبر خبير دولي في موضوع المياه، وتنشر مقالاته في مجلات علمية هامة، وتلقى جوائز كثيرة على بحوثه، وعندما قرر الاستجابة لدعوة روحاني، صرح بان في نيته اعطاء أمل لايران، ليس فقط في مجال المياه بل وايضا كرمز على قدرة العلماء الايرانيين على العودة من المنفى والمساهمة بما اكتسبوه من علم في صالح الوطن.

ولكن مداني لم يوافق على ان يلعب اللعبة السياسية. ووجه في منشوراته اصبع اتهام الى اهمال الحكم الايراني في ادارة واستغلال مصادر المياه الايرانية فتسبب بذلك باحدى الازمات الاكثر حدة في الدولة. ولم تعجب هذه الامور على أي حال المحافظين، خصوم روحاني وفي هجمة على نشطاء جودة البيئة في ايران اعتقل الحكم اكثر من دزينة من النشطاء، بمن فيهم مداني.

بعد وقت قصير من ذلك كان مداني عرضة لهجمة شريرة في الشبكات الاجتماعية وفي الصحافة المقربة من الدوائر المحافظة، والتي اتهمته في أنه ذو جنسية مزدوجة، ارسل الى ايران كجاسوس بل ونشرت صورة له وهو يرقص مع إمراة بلا حجاب. فهم مداني بان وجوده في ايران يد ينتهي بالمحاكمة وبالسجن لفترة طويلة – فقرر الهرب. وفي تغريدة نشرها بعد مغادرته كتب يقول: “نعم، المذنب فر من الدولة، التي يخرج فيها الزعران الافتراضيين ضد العلم والمعرفة ويتمسكون بنظريات المؤامرة كي يجدوا كبش فداء لاخفاقات النظام”.

بعد شهرين من ذلك وقعت، وليس لاول مرة، مظاهرات ومواجهات بين المواطنين في مدينتي ابران وحرمشهر، احتجاجا على النقص في المياه المناسبة للشرب ومياه الري. وسارع الحكم في ارسال قوات الامن، فاصيب مواطنون واعتقلوا، ودعا الناطقون بلسان الحكم الى تهدئة الخواطر – ولكن المياه بقيت على حالها. فهي تقل الى درك اسفل حرج خطير.

وفي كانون الثاني من هذا العام فهمت الحكومة بان مشكلة المياه آخذة في الاحتدام فقط وهي من شأنها ان تصبح مشكلة سياسية تعرض استقرار النظام للخطر. المظاهرات التي وقعت في كانون الاول على خلفية ارتفاع الاسعار وسقوط سعر الريال (حتى قبل أن يهبط الى الهوة التي يوجد فيها الان) طرحت ايضا ازمة نقص المياه. وردا على ذلك عين الرئيس قوة مهامة خاصة برئاسة وزير الطاقة، رضا ادركنيان، كي تعالج الازمة.

لستة اشهر يجلس هذا الفريق الخاص – والذي يشارك فيه وزراء الزراعة، المالية، المناجم والداخلية – ولكن لم تتخذ بعد أي خطة عمل متفق عليها. ويدور الخلاف الاساس حول تعريف المذنبين: هل ايران هي فقط ضحية لسلسلة من سنوات الجفاف التي ولدها المناخ العالمي المتغير أم أن سنوات الاهمال والادارة الفاشلة هي المذنبة في الازمة.

حكام المحافظات، الذين يعرفون جيدا من هو المذنب الحقيقي، استدعوا حكماء الشريعة كي يصلوا للمطر؛ واقترح الحرس الثوري مساعدة سلاح الجو الخاص بهم لزراعة السحب؛ ولكن يبدو أن رحمة الرب ترفض النزول على الجمهورية الاسلامية. وينشر خبراء المياه الايرانيون، بمن فيهم وزير الطاقة معطيات متكدرة عن المستقبل القاتم لايران. فهذه السنة نزل في ايران 42 في المئة اقل امطار من السنة الماضية، وهو معطى يمثل هبوط بمعدل 59 في المئة بالمتوسط في الـ 49 سنة الماضية. هذه على ما يبدو هي السنة الاكثر جفافا في ايران، والتي يوجد فيها نحو 540 مدينة على مقربة من حافة النقص الحرج في المياه.

قمم جبال البوراز، المغطاة دوما بالجليد، تبدو الان مثل سحب الغبار، وملايين المواطنين هجروا بيوتهم في القرى وفي البلدات الزراعية لانهم لا يمكنهم بعد اليوم أن يرتزقوا من الزراعة دون توريد منتظم للمياه. ويملأ هؤلاء المواطنون المدن الكبرى، وبالاساس العاصمة طهران، بحثا عن الرزق، ولكن الى جانب الارتفاع الهائل في عدد المواطنين العاطلين عن العمل في المدن، انتقلت معهم أزمة المياه من القرية الى المدن، التي تضطر الى توفير احتياجات هؤلاء المهاجرين دون بنية تحتية مناسبة.

لدى هؤلاء المزارعين تكمن الخطيئة الاولى للثورة الاسلامية التي احد مبادئها كان الحرص على أن تتمكن ايران من ان تلبي كامل احتياجاتها بنفسها. فالحكم الذي قام في العام 1979 منح في حينه دعما ماليا وامتيازات كبيرة للمزارعين وشجعهم على غرس مزروعات تستهلك الكثير من المياه، سمح لهم باستغلال المياه الجوفية دون رقابة أو ادارة، بنى سدودا كي يوجه مياه الانهار، ولكنه جفف في نفس الوقت بحيرات المياه، وخلق بذلك تبذيرا للمياه بحجوم هائلة. اما تحذرات المؤسسات الدولية والخبراء الايرانيين على أن ايران من شأنها ان تجد نفسها دون مياه بعد بضعة اشهر، وان كانت حققت عدة افكار للعمل، الا أنه في الميدان تمت أمور قليلة جدا.

أما الخوف الان فهو من الاحتجاج الذي من شأنه أن يتطور جدا، فيما أنه لا يدور الحديث هذه المرة عن اصلاحيين، يساريين، او مجرد معارضين للنظام – بل من العمود الفقري للثورة، مواطني بلدات المحيط الذين معظمهم محافظون ومتدينون، ممن يقرروا الانتفاض. في ظروف اخرى، كان يمكن لايران أن تشتري بالمال وبالتعويضات فترة هدوء اخرى، ولكن حين تكون العقوبات آخذة في تشديد الخناق عليها، فانه حتى المال الذي في صندوق الدولة من شأنه ان يتوقف ايضا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى