ترجمات عبرية

تسفي برئيل : المملكة تهتز

 

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل  – 4/6/2018

ملك الاردن عبد الله قرر هذا الاسبوع الغاء سفره الى الخارج بعد أن تبين له أن المملكة بدأت بالاهتزاز. ويقدر أن أكثر من 200 ألف مواطن خرجوا في يوم السبت للتظاهر في ارجاء المملكة بعد أن تظاهر عشرات الآلاف في ليلة الخمس والجمعة تضامنا مع الاضراب العام الذي اعلنت عنه 33 نقابة عمال في يوم الاربعاء. عشرات آلاف المتصفحين ملأوا الشبكات الاجتماعية بشعارات مثل “ارفعوا ايديكم عن راتبي”، “حكومة لصوص”، “لا تسرقوا حقوقنا”. وعلى الماكينات في محطات الوقود الصقت شعارات كتب فيها “أخي المواطن، أنا اريد منعك من ملء خزان وقودك، لكني اتوسل اليك لمقاطعة محطات الوقود مدة ثلاثة ايام”.

يصعب علينا تذكر متى شوهدت في الاردن مظاهرات واضرابات بهذا الحجم الكبير. حتى في زمن الانتفاضة الثانية عندما خرج الآلاف في مظاهرات ضد اسرائيل، كان هناك متظاهرو تضامن، الذين هدأوا بعد فترة قصيرة. والمرة الاخيرة التي هددت فيها مظاهرات على خلفية اقتصادية استقرار النظام في الاردن كانت في العام 1989، في حينه طلب المتظاهرون الذين كان عددهم قليل نسبيا طرد رئيس الحكومة زيد الرفاعي والغاء حالة الطواريء وتطبيق اصلاحات ديمقراطية، وبالطبع الغاء القرارات الاقتصادية التي تضمنت الغاء الدعم ورفع الاسعار. الملك حسين في حينه استجاب تقريبا لكل هذه الطلبات.

الظروف تغيرت، لكن الملك عبد الله يقف أمام فترة من الفترات الحاسمة لنظامه. منذ أن تمت المصادقة على ميزانية الدولة في كانون الثاني الماضي بدأ غضب الجمهور ينطلق الى الشوارع وفي مواقع الانترنت. فرض ضريبة مشتريات على 165 سلعة منها السلع الاساسية، رفع سعر الوقود والكهرباء والمياه، قفز الضريبة على السجائر بنسبة 20 في المئة، ورفع اسعار المواصلات بـ 90 في المئة، استهدفت الاستجابة لمطالب صندوق النقد الدولي الذي منح الاردن قرض، وتقليص حجم الدين العام – الذي يبلغ اكثر من 40 مليار دولار. ولكن الجمهور يجد صعوبة في استيعاب التفسير الاقتصادي ازاء الفساد البيروقراطي العميق والفجوات الكبيرة بين النخب المقربة من البلاط الملكي وبين من يجب عليه العمل بوظيفتين أو ثلاثة (اذا تمكن من الحصول عليها) من اجل انهاء الشهر.

منذ ذلك الحين والغليان لا يتوقف، لأنه تبين أن قانون الميزانية كان فقط الخطوة الاولى في سلسلة قرارات. المفاجأة الجديدة المثيرة للغضب هي مشروع قانون ضريبة الدخل الذي بادر اليه رئيس الحكومة هاني الملقي، والذي ينتظر حاليا مصادقة مجلس النواب. حسب هذا القانون، الشركات ستدفع ضريبة دخل بنسبة 40 في المئة بدل 35 في المئة. الشركات الغذائية والمنتجات الاساسية الاخرى ستدفع 30 في المئة بدل 24 في المئة، والضرر الشديد سيصل الى جيوب المواطنين الذين سيطلب منهم دفع ضريبة دخل عن دخل يبلغ 22.700 دولار سنويا للعائلة بدل 40.000 دولار. و11.200 دولار للفرد بدل 17.000 دولار. هدف الحكومة هو رفع نسبة دافعي الضرائب من 4.5 في المئة الى 10 في المئة. القانون يحدد ايضا أن مخالفات الضرائب ستعتبر منذ الآن جريمة وليست مخالفات بسيطة. ومخالفو الضرائب يتوقع معاقبتهم بفترات سجن وغرامات عالية بشكل خاص.

هذه خطوة في الاتجاه الصحيح، لكن مشكوك فيه أن تجد من يثق بها. ظاهريا، هذه التغييرات ليس من شأنها أن تثير ضجة خاصة لأن عدد كبير من السكان سيواصلون التمتع من الاعفاء الضريبي بسبب دخلهم المنخفض. ولكن هذا ليس عزاء كبير للطبقى الوسطى الضيقة التي سيكون عليها مواجهة رزمة من القرارات، تتضمن الآن الضريبة، رفع الاسعار التي ستصل في اعقاب الضريبة الكبيرة على الشركات ورفع الاسعار الذي حدد في الميزانية. قانون ضريبة الدخل ما زال ينتظر كما اسلفنا المصادقة عليه، لكن المنظمات التجارية في الاردن اصدرت تقارير عن هبوط بحوالي 20 في المئة على الشراء في شهر رمضان مقارنة مع السنة الماضية.

لا يمكن التقدير هل ومتى سينقطع خيط العلاقة الذي ما زال قائم بين النظام والجمهور. الملك عبد الله سارع الى تجميد أمر رفع اسعار الوقود. ويتوقع أن يدخل عدد من التعديلات على قانون الضرائب الجديد. حسب التقديرات يتوقع ايضا حدوث تغييرات في تشكيلة الحكومة وربما ايضا سيدفع رئيس الحكومة كرسيه ثمن ذلك. هذه اساليب معتادة اتبعها الملك عدة مرات في السابق، رغم أنه عند تتويجه تعهد بأن تنهي الحكومات في عهده فترات ولايتها. عبد الله ادرك مثل والده أنه عند الاختيار بين اصلاحات مؤلمة تثير الغليان الاجتماعي وبين اقالة الحكومة فان الخطوة الاخيرة هي المفضلة. 

ليس من المبالغ فيه التقدير أن دول عربية غنية والادارة الامريكية ستهب لمساعدة الملك وتدعمه اقتصاديا. الاردن هو دولة هامة من ناحية استراتيجية في دائرة الدول العربية المؤيدة للغرب – هو لبنة هامة في سور التعزيزات ضد ايران. ولكن عندما يبدأون في المظاهرات يسمعون شعارات ضد النظام وليس فقط ضد رئيس الحكومة، وعندما يدعون الى طرد الملك، فان احتجاج اكبر من شأنه أن يفاجيء ويؤدي الى تحول سياسي خطير. الملك عبد الله اثبت فعليا في الـ 19 سنة من حكمه أنه يعرف كيفية ادارة الازمات والحفاظ على مملكته فوق سطح الماء، لكن ربما أنه في هذه المرة منسوب المياه لا يكفي من اجل تهدئة الجمهور الاردني الذي ايضا يمول أكثر من مليون لاجيء، الذين رفعوا نسبة البطالة في اوساط المواطنين الى أكثر من 18 في المئة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى