تسفي برئيل / الليرة التركية ستحسم مدى – حجم انتصار اردوغان في الانتخابات
هآرتس/ ذي ماركر – بقلم تسفي برئيل – 7/6/2018
الليرة التركية لم تسمع على ما يبدو بان لاردوغان توجد انتخابات بعد ثلاثة اسابيع. فهي تواصل الانخفاض وكأن بانتظارها شيء ما في الاسفل. ويخيل للحظة أنها تنتعش قليلا بعد أن رفع البنك المركزي الفائدة من 13.5 في المئة الى 16.5 في المئة، ولكن هذا كان علاجا متأخرا جدا واضعف من أن يخفض السعر من 4.9 ليرة للدولار الى 4.7 ليرة للدولار، لا يزال بعيدا عن سعرها قبل سنة.
في المعارضة يتحدثون منذ الان عن “المفاجأة المرتقبة” في الانتخابات، والتي ستلعب فيها الليرة دورا هاما في حجم انتصار اردوغان. احد لا يزال لا يتجرأ على ان يتنبأ بان اردوغان سيهزم في الانتخابات، ولكن حجم الانتصار، او صغره، هما اللذان سيقرران اذا كانت تركيا بدأت تفهم بان المعجزة الاقتصادية التي رفعت اردوغان على مدى 15 سنة آخذة بالتبدد.
أردوغان، كعادته، عندما يكون في حالة ضغط، وجد منذ الان المذنبين الفوريين الذين يتآمرون على انهيار الاقتصاد التركي. وزير خارجيته، مبلوط تشاوشأوغلو، قال ان “سقوط الليرة هي نتيجة حملة منظمة مخططة من خارج الدولة. انظروا كيف أن شركات التصنيف الائتماني خفضت تصنيفنا. وقد بدأت تعمل ضدنا بعد فشل الانقلاب في تموز 2016… بين المنكلين توجد ايضا عدة دول اسلامية ولن افصل اسماءها”.
وكان وزير الخارجية وجه سهامه نحو شركتي موديس وبيتش، اللتين قدرتا هذا الاسبوع بان الاقتصاد التركي سينمو بـ 2.5 في المئة فقط في 2018 وبـ 2 في المئة فقط في 2019، مقابل توقعات سابقة تحدثت عن 4 في المئة و 3.5 في المئة على التوالي. كما أنه ليس من الصعب التخمين أي دول اسلامية قصد الوزير. ففي السنة والنصف الماضيتين تدهورت علاقات تركيا مع دولة اتحاد الامارات ومع السعودية، وقبل ذلك مع مصر، بسبب علاقات تركيا الوثيقة مع قطر التي فرضت الدول الثلاثة مقاطعة اقتصادية عليها.
قبل ثلاث سنوات فقط انضمت تركيا بصخب الى التحالف العربي الذي اقامه سلمان ملك السعودية لمكافحة ارهاب داعش، ولكن بالاساس لصد نفوذ ايران – وها هي تركيا تركل من هذا التحالف، وليس فقط بسبب قطر. فتأييدها للاخوان المسلمين وعلاقاتها التجارية المتفرعة مع ايران جعلتها هدفا لدرجة ان سفير دولة اتحاد الامارات في واشنطن حذر من أن “مواطني الولايات المتحدة لا يعرفون التهديد الذي تشكله عليهم تركيا في المدى البعيد”.
ولكن مشكوك أن تكون صلة بين هذه الدول وبين الوضع الاقتصادي لليرة التركية. فالادق هو ان نعزو الازمة الى سياسة اردوغان نفسه الذي يكافح بكل قوته ضد سياسة رفع الفائدة في البنك المركزي، لدرجة انه اتهمه بالخيانة – او على الاقل بخدمة “مافيا الفائدة”. اردوغان محب للنمو، واعلن عدة مرات بان في نيته ادخال تركيا الى قائمة الاقتصادات العشرة الاقوى في العالم في غضون خمس سنوات. التقدير هو أن كندا ستحتل المكان العاشر في القائمة في 2023. اما اذا كانت تركيا ترغب في احتلال هذا الموقع، فسيتعين عليها أن تضاعف الناتج المحلي الخام لديها.
هذا التطلع، لا يستوي مع رفع الفائدة الذي من شأن تاثيره ان يكون معاكسا. ولكنه بالتأكيد كفيل بان يساعد في تخفيض التضخم المالي الذي يصل اليوم الى اكثر من 12 في المئة، فيهديء بذلك السوق التركية المتلظية. فصدام السياسة الاقتصادية للبنك المركزي مع سياسة اردوغان يضع المستثمرين الاتراك والدوليين في موقف انتصار في افضل الاحوال، يخلق مخاوف جسيمة في اسوأ الاحوال.
يبدو في هذه اللحظة بان الخوف يفوق الانتظار، في ضوء هرب بالجملة للجمهور وللمستثمرين نحو الدولار.
معطيات هي مؤكدة نشرت في وسائل الاعلام التركية تحدثت عن أن نحو 9 الاف مليونير تركوا تركيا الى الولايات المتحدة في السنة الماضية والكثير من رجال الاعمال نقلوا اموالهم الى بنوك في الخارج أو بدلوا الليرات في حوزتهم الى دولارات. ويسمي اردوغان الهاجرين كمن يمسون بالمصلحة الوطنية ويدعو المواطنين الى استبدال الدولارات التي في حساباتهم الى ليرات تركية.
ان هذه الدعوة الوطنية ليست مقنعة حقا للمواطنين. فاصحاب الاعمال الكبار ممن اخذوا قروضا دولارية يجدون انفسهم الان في ضائقة، إذ ان التسديد بالليرة التركية يرفع كلفة التمويل ويسحبون كميات كبيرة من الليرات التركية لغرض الايفاء بالتسديد، الخطوة التي من شأنها ان تمس بالسيولة النقدية لدى البنوك.
اما الحل الذي وجد حاليا فهو الاذن الذي اعطي للبنوك لايداع الذهب في البنك المركزي بدلا من الليرة التركية، وهكذا استيفاء قواعد السيولة التي تنطبق عليها. كنتيجة لذلك يحوز اليوم البنك المركزي باحتياطي ذهب هائل، اكثر من 400 طن ذهب، ولكن البنوك لا تزال بوسعها ان تعرض استقرارا وسيولة.
ما يثير اكثر من هذا مخاوف المستثمرين هو وعد اردوغان في أنه عند انتخابه سيركز كل النشاطات الاقتصادية تحت وزارة حكومية واحدة، وانه يعتزم الاشراف على الخطوات الاقتصادية عن كثب. معنى هذا الوعد هو ان البنك المركزي الذي لا يزال ينجح في صد ملاحظات الرئيس، سيفقد من قوته ومن شأنه ان يصبح اداة في خدمة سياسة اردوغان بدلا من ان يوازن الاقتصاد.
لعل هذه الصراعات ليست جلية للمواطن التركي، الذي يضطر الى أن يدفع ثمنا اكبر لقاء قروضه ولقاء المنتجات التي يشتريها من السوق، ولكن احساس عدم الاستقرار لا يخفى. لحظ اردوغان ليس في هذه اللحظة من هو بوسعه أن يتحدى حكمه. يتبقى له فقط ان يصلي لالهة الليرة التركية.