ترجمات عبرية

تسفي برئيل / اللغة العبرية لحماس

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل  – 2/7/2018

الحكومة الاسرائيلية وقيادة حماس صرحتا أنه لا توجد أي مفاوضات بينهما. ولكن تجري بينهما مفاوضات فعليا في الايام الاخيرة وتشارك فيها الامم المتحدة ومصر والسعودية وعدد من الدول الاوروبية. الصحيفة السعودية “الشرق الاوسط” نشرت أنه وضعت امام حماس ثلاثة اقتراحات مختلفة كل اقتراح منها يحاول أن يتضمن حل لازمة التعهد بوقف اطلاق النار، مساعدة انسانية أو اعادة جثث الجنود الاسرائيليين.

حماس حسب التقرير ما زالت غير راضية. هي تفصل بين اعادة الجثث التي حسب رأيها يجب أن تتم كجزء من صفقة كاملة لتبادل الأسرى وبين حل كل الازمة، وهي ترفض اقتراح تقديم المساعدات الانسانية إلا اذا كانت جزء من خطة واسعة لتطبيق تعهدات باعادة اعمار القطاع، كما تم الاتفاق بعد عملية الجرف الصامد. هذه الاقتراحات تمر بغربلة مسبقة في اسرائيل ومصر قبل وصولها الى حماس. وكذلك ايضا ردود حماس. اذا كانت هذه غير مفاوضات فكيف نعرف المفاوضات؟.

في نفس الوقت تجري بشكل علني محادثات مفتوحة ومباشرة بين كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكري لحماس، وبين الجمهور الاسرائيلي. المنصة هي موقع الانترنت باللغة العبرية لحماس، الذي تشرح فيه نضالها وتتحدث عن انتصاراتها على العدو الصهيوني. العبرية غنية والصياغة دقيقة والأخطاء اللغوية لا تثير الاستهزاء والرسالة واضحة. مثلا أحد الاعلانات الاخيرة التي تم عرضها في الموقع قبل نحو اسبوع بعنوان “بين نفق يحتضر ونفق يفور”، الذي فيه تستخف حماس بالمتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي “الذي يبدو أنه لا يقول الصدق، على الاقل في امر بسيط لكنه هام جدا. هو ينشى الاشارة الى أن الانفاق التي يتم تفجيرها ليست سوى انفاق محروقة، خرجت من قيد الاستخدام قبل اربع سنوات. الاحتلال يعمل ما في استطاعته لرفع معنويات الجمهور، ومن بين الامور التي يقوم بها أنه يلفق بطولات سرعان ما ستتكشف في كل مواجهة كأكاذيب.

الى جانب السؤال الذي تطرحه هذه الفقرة عن نوعية تقارير المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي، والسؤال الذي يثور حول نوع الانفاق التي يقصفها الجيش الاسرائيلي، فان ما يثير حب الاستطلاع هو الجهد الذي تقوم به حماس للتحدث باللغة العبرية مع العدو. هل تعتقد أن الجمهور الاسرائيلي يهتم بقراءة تصريحاتها وشروحاتها أو مباديء عقيدتها؟ هل يعتقدون في حماس أنه مثلما نشطاءها والسكان في غزة بشكل عام يتابعون بحرص وسائل الاعلام العبرية، فان الجمهور الاسرائيلي ايضا يرغب في قراءة ما يكتبه الطرف الآخر؟.

اذا كان هذا هو افتراضها فمن المفضل أن توفر على نفسها الجهد. الجمهور في اسرائيل لا يهتم. هو يكتفي بالتصريحات الهجومية لحماس أو رسائلها العنيفة. ما الذي يفكر فيه العدو عندما يكتب بلغة واضحة ومفهومة لا يعني أي شيء للاسرائيليين. أحد العناوين في الموقع في شهر ايار الماضي كان بعنوان “يا ليئا، نتنياهو غير معني باعادة هدار”. الخبر الذي اقتبس تحته تقارير في اسرائيل عن الانتقاد الشديد الذي وجهته ليئا غولدن والدة هدار غولدن على عدم حيلة نتنياهو في كل ما يتعلق باعادة إبنها. المهم في العنوان هو أن كاتب الخبر يفترض أن ليئا وهدار هما شخصان معروفان جدا في اسرائيل الى درجة أنه لا حاجة الى ذكر اسم العائلة. وكأن الاقوال تتعلق ببيبي وسارة. وهو يفترض ايضا أن النقاش حول اعادة الجثث يثير جدا الجمهور الاسرائيلي. وأنه يقف في مركز المفاوضات مع حماس – الى درجة أنه لا توجد حاجة كي يشرح للاسرائيليين حول ليئا وهدار.

ايضا المقال عن الانفاق مصاغ بعبرية منمقة تحتاج الى مستوى عال لفهم المقروء، من خلال استخدام تشبيهات تقتضي معرفة تاريخية بحرب فيتنام يقارن كاتب المقال نتائج حرب فيتنام والصدمات التي نقشتها في وعي الأمة الامريكية مع نضال حماس ضد اسرائيل. “اذا كانت دولة عظمى عن طريق حبلها السري تغذي الكيان الصهيوني، تعرضت هي نفسها الى هزيمة نكراء من ابطال فيتنام عبر انفاق الموت التي حفروها لهذا الغرض، فهل ستتعامل العدالة بمحسوبية مع جنين مشوه وضعيف على هيئة الكيان اليهودي الاجنبي الذي زرع على ارضنا المقدسة؟ هذا مشكوك فيه. إن جعبة المقاومة الفلسطينية مليئة بالمفاجآت التي اصغرها ترك العدو قلقا ومندهشا لفترة طويلة. اذا تقابل عقرب وقف اطلاق النار مع الجدول الزمني (حسب المصدر بالعربية)، اذا انتهى وقف اطلاق النار وبدأت العملية العسكرية”. ولكنهم جميعا بدء من رأس الافعى وحتى ذيلها لن يعرفوا بعدها وقت للفرح.

المضمون هو الموضوع الهامشي، لكن المستوى العالي للعبرية يقود الى عدة استنتاجات: الكاتب يعتمد جدا على قدرة القاريء العبري المتوسط على التأثر من النص العبري المعقد والمتنوع، وهو يريد اثارة الانطباع من عمق تمكنه من العبرية. الاحتمالان يمكنهما جعله يفقد جمهور قرائه المحتمل. يجب الأمل بأن المفاوضات غير المباشرة تديرها حماس واسرائيل بلغة اكثر وضوحا وفهما. في نفس الوقت مسموح التفكير بأهمية ودرجة تأثير الدعاية عن طريق لغة العدو، التي يتحدث بها المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي بالعربية وحماس بالعبرية. في الطرفين تعتبر اللغة الأم هي مصدر اكثر ثقة من استخدام اللغة الاخرى، وفي الطرفين يعرفان ترجمتها بشكل جيد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى