ترجمات عبرية

تسفي برئيل / استعداد اسرائيل للعودة الى خطوط 2014 – يدل على أن حماس ما زالت شريكة خفية

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – 31/5/2018

“انتهى العهد الذي فيه قواعد المواجهة يتم تحديدها بصورة حصرية من طرف واحد”، قيل أمس في بيان مشترك لرؤساء الاذرع العسكرية للتنظيمات في غزة. هذا القول استهدف كما يبدو اعطاء اشارات لاسرائيل بأنها لم تعد تستطيع مهاجمة غزة بدون رد، لكن هي ايضا تقيد أيدي التنظيمات التي تأخذ على عاتقها عدم المبادرة للهجوم طالما أن اسرائيل لا تقوم بذلك.

هذه هي الصيغة التي كانت في أساس تفاهمات الجرف الصامد في العام 2014، وهذه هي نفس التوافقات التي اخذتها التنظيمات على نفسها أمس في اعقاب الوساطة المصرية التي تقريبا كادت أن تفشل. العودة الى نقطة البداية تضع من جديد حماس كمسؤولة عن كل التطورات في القطاع سواء من قبلها أو من قبل تنظيمات اخرى مثل الجهاد الاسلامي، اللجان الشعبية أو التنظيمات السلفية. استعداد اسرائيل للعودة الى خطوط 2014 تدل من جانبها أن اسرائيل ترى بحماس شريكة مسؤولة حتى لو كانت لا تجري معها حوار مباشر.

فعليا، اسرائيل تتصرف في غزة وكأنه لا يوجد هناك سلطة فلسطينية التي عن طريقها اعتادت في الماضي اجراء حوارات بشأن تهدئة القطاع. وبهذا فانها تؤمن بأنها نجحت في استكمال الفصل المريح بين القطاع والضفة الغربية، فصل كان ضروريا لها من اجل رفض العملية السياسية بذريعة أنه طالما أن السلطة لا تسيطر على القطاع فلا معنى لاجراء مفاوضات سياسية معها.

ولكن هذا الفصل يجري فقط في المستوى العسكري، وهو لا يستطيع أن يصمد عندما وفي حال أن يطرح الرئيس ترامب خطته السياسية. في هذه الاثناء سيساعد هذا الفصل على ادارة الاحتلال في غزة حسب الشروط التي تحددها اسرائيل ومصر. حماس كشريكة خفية، على الاقل من جانب اسرائيل، تعيش بسلام مع هذه الشروط طالما أنها حصلت من مصر على وعود بفتح معبر رفح، كما عملت حقا بمناسبة شهر رمضان، ويبدو أنها تستطيع ايضا الحصول على اموال من دولة الامارات التي ساهمت بتمويل القطاع ومستعدة أن تضع تحت تصرف الحكومة في غزة اموال تبلغ عشرات الملايين في اللحظة التي تتحول فيها المصالحة بين فتح وحماس الى واقع على الارض.

حماس والجهاد الاسلامي، ورغم الفجوة الايديولوجية بينهما تتفقان حول مسألة المصالحة الفلسطينية ومسألة الرعاية المصرية. والخلاف في قيادة الجهاد بين مؤيدي العلاقة مع ايران وبين المعارضين لها ليس متوقعا أن تعيق في الفترة القريبة تطبيق التوافقات التي تم التوصل اليها، والتي تشمل ضمن امور اخرى ابعاد قطر وتركيا عن أي تدخل في القطاع.

اسرائيل التي سارعت الى وضع انتصارها في المواجهة العسكرية على لائحة النتائج، لم تحقق انعطافة في الوضع القائم الذي ساد قبل الاحداث – واذا ارادت اظهار قدرة على الردع فانه هنا ايضا تبين لها أن ردع الجرف الصامد قد تقلص، سواء ازاء مسيرات العودة أو امام المعركة الثنائية التي ادارها ضدها الجهاد وحماس. بدل الردع نشأ ميزان توافقات بينها وبين التنظيمات وكأن الامر يتعلق بعلاقات بين دولتين متعاديتين تسلمان بقيود القوة لهما.

المكسب الكبير، اذا امكن التطرق لهذه الاحداث بمفاهيم حسابية، هو من نصيب مصر التي اثبتت ثانية قوتها في تحقيق تهدئة في المكان والزمان الذي تكون مطلوبة فيه. مكانة مصر كشريكة في ادارة غزة من الخارج جاءت من علاقات الثقة السائدة بينها وبين اسرائيل وبينها وبين حماس والجهاد الاسلامي. حتى لو كانت ظروف بناء الثقة غير متشابهة.

مع اسرائيل نشأ تعاون غير مسبوق على خلفية محاربة مصر للارهاب في سيناء والذي في اطاره سمحت اسرائيل لمصر بادخال قوات كبيرة الى سيناء بما في ذلك سلاح الجو من خلال خرق فعلي لاتفاق كامب ديفيد، وفي المقابل حصلت اسرائيل على حرب مصرية مصممة ضد انفاق حماس وضد مسارات السلاح للتنظيمات. حماس في المقابل اضطرت الى تبني الحضن المصري بعد أن انفصلت عن ايران على خلفية انتقادها الشديد للرئيس بشار الاسد وبسبب الضغط الاقتصادي الذي فرضته مصر على عبور التجارةوالسكان منها واليها، وبهذا فقد زادت حرارة وعاء الضغط. الامر المهم هو أنه خلافا لاسرائيل، فان مصر غير واقعة تحت ضغط دولي بسبب سياستها تجاه غزة، في حين أن اسرائيل تعتبر المسؤولة الحصرية عن الحصار الذي يستمر منذ 11 سنة.

ولكن اعتماد اسرائيل على قدرة مصر على مواصلة ولعب دور الوسيط النزيه الذي يمكنه تجميد أي مواجهة عسكرية تلزم اسرائيل بالاسهام بنصيبها في استقرار اقتصاد غزة. ليس فقط بسبب اعتبارات انسانية التي لا تقلق بشكل خاص اسرائيل، بل من اجل منع حدوث اعمال مثل نموذج مسيرات العودة أو التدهور الى مواجهة عسكرية. هذه الضرورة تقوي فعليا حماس، لكن هذا هو الثمن الذي ستضطر اسرائيل لدفعه من اجل أن يواصل هذا الشريك تحمل المسؤولية تجاه التفاهمات التي تم التوصل اليها في المواجهة الاخيرة.

اضافة الى ذلك، مواصلة سياسة الحصار لن يكون لها معنى كبير اذا قررت مصر فتح معبر رفح على مصراعيه كجزء من سياستها للحفاظ على قوة حماس الضرورية لها – مثلما هي لاسرائيل – من اجل الحفاظ على حدودها من الشرق. يجب الأمل بأن تعترف اسرائيل أخيرا بعدم جدوى سياسة الحصار وأن لا ترى فيها ذخر هام ثمنه باهظ جدا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى