ترجمات عبرية

تسفي برئيل / أزمة في تركيا ؟ السياح يأمون المحلات، أما المستثمرون فالعقارات

هآرتس/ ذي ماركر – بقلم  تسفي برئيل – 16/8/2018

في الشركات السياحية التركية الفرح كبير. كلما هبطت الليرة التركية، هكذا ارتفع عدد السياح الذين يرغبون في استغلال الازمة الاقتصادية. اذا كانت شواطيء تركيا عانت حتى نهاية العام 2017 من القفر في أعقاب العقوبات التي فرضتها عليها روسيا، فقد بدأت الصورة تتغير في آب الماضي، بعد أن اعتذر رجب طيب اردوغان لفلاديمير بوتين على اسقاط الطائرة الروسية في تشرين الثاني 2015. منذئذ، فان الزعيمين لا يرقصان معا فقط في عدة اعراس، بل وعاد السياح الروس لينزلوا في الفنادق التركية.

والان، حين توفر الليرة التركية فرصا زهيدة على نحو خاص للسياح، فان الهلع ينتقل من الطوابير في البنوك الى الطوابير في التجمعات التجارية الكبرى، خوفا من أن تنتعش الليرة التركية بسرعة فيرفع السعر التبادلي الجديد اسعار البضائع. في اتحاد السياحيين الاتراك ينتظرون منذ الان وصول نحو 40 مليون سائح هذه السنة، ممن سيدخلون نحو 32 مليار دولار الى الدولة – نحو 50 في المئة اكثر مما في السنة الماضية.

ليس في التجمعات التجارية وحدها تبدو ملموسة حركة السياح، بل ان فرع العقارات اصبح في الاسابيع الاخيرة جذابا على نحو خاص، مع هبوط اسعار الشقق. فمستثمرون من اوروبا ومن دول الخليج يتدفقون الى وكالات الوساطة كي يضعوا أيديهم على البيوت والاراضي – طالما كانت أزمة الليرة في ذروتها.

يتحدث رجال وزارة المالية التركية عن توقع بارتفاع هائل في حجم التجارة مع الدول العربية، والذي سيبلغ نحو 70 مليار دولار. فشركات تركية تبني البيوت وتطور البنى التحتية في الدول العربية وقعت على عقود بحجم نحو 40 مليار دولار. في النصف الاول من هذه السنة ارتفعت استثمارات دولة اتحاد الامارات في تركيا من نحو 110 مليون دولار الى أكثر من 550 مليون دولار. اكثر من 2000 شركة من دول الخليج الستة استثمرت نحو 19 مليار دولار، تشكل اكثر من 9 في المئة من عموم الاستثمارات الاجنبية في تركيا، وهكذا وضعت نفسها في المرتبة الثالثة بعد بريطانيا وهولندا. كما أن روسيا والصين تقفان هما ايضا في الطابور للاستثمار في تركيا، وكذا شركات ايرانية.

“هذه بالاساس أزمة نفسية”، يشرح عضو في اللجنة المالية للبرلمان التركي. في حديث مع “ذي ماركر” يوضح بان “اقتصاد تركيا قوي وهو يواصل النمو. نحن نحتاج الى توجيه الرأي العام وتبديد مخاوف المستثمرين. وهذا ما ننكب عليه الان”.

هل يوجد احتمال في أن يغير اردوغان ذوقه فيؤيد رفع الفائدة؟ “اذكرك بان اردوغان هو رجل عملي. فقد عرف كيف ينقذ تركيا من الازمة في بداية سنوات الالفين ورفعها الى النمو”، يقول عضو البرلمان. ومع ذلك، من يتذكر الفترة التي كان فيها التضخم المالي بمعدل 3 الاف بالمئة بل ووصل الى 7 الاف بالمئة، الاف اماكن العمل ضاعت والليرة التركية هبطت هبوطا حرا، يمكنه أن ينظر بتوازن الى الازمة الحالية.

ان الاستقرار السياسي الذي جلبه معه انتخاب اردوغان لرئاسة الوزراء في 2003، والذي حل محل انعدام قدرة الحكم لدى الحكومات السابقة، مما جر وراءه انهيار البنوك، هو الذي أحدث التحول. أما الان فيحكم تركيا رئيس يمسك كامل الصلاحيات التنفيذية، وهو يوجه بيد عليا التشريع في البرلمان الخاضع لامرته، وجعل اقتصاد الدولة مصلحة تجارية عائلية، مع تعيين صهره برات البيرق وزيرا للاقتصاد والمالية.

هذا الاسبوع نشر البنك المركزي تعليمات جديدة تتعلق بالسيولة لدى البنوك كي يبدد مخاوف الموظفين من النقص في العملة الصعبة. واهتمت تركيا وصندوق النقد الدولي في الايام الاخيرة لنفي التقارير التي تقول ان الحكومة توجهت الى الصندوق للحصول على قرض. لا حاجة الى القروض، شرح رجال وزارة المالية، هناك ما يكفي من المال في الدولة. كنتيجة لذلك تعززت الليرة، وان لم يكن بالمعدل الكافي.

التقدير، على الاقل في اوساط اقتصاديي حزب العدالة والتنمية، هو انه يكفي قرار واحد من اردوغان لرفع سعر الفائدة كي يعود الاقتصاد الى استقراره. من ناحية اقتصادية هذا تقدير متفائل. فالاقتصاد التركي يحتاج الى اصلاحات بنيوية تتجاوز مسألة الفائدة. قبلها يجب على الرئيس ان يتخذ قرارا استراتيجيا للحسم بين التطلع الى النمو وبين كبح جماح التضخم المالي، الذي يبلغ معدله اليوم نحو 15 في المئة.

“من ناحية اردوغان هذا حسم ايديولوجي”، يشرح رجل معهد بحوث في أنقرة، مدعوم من الحكومة. “فهو يتطلع الى ان يضع الاقتصاد التركي في المكان الثامن في العالم (مقابل المكان الـ 17 اليوم). معنى الامر مضاعفة الانتاج الامر الذي يستدعي استثمارات هائلة ولا سيما من جانب المستثمرين الاجانب. وهنا يصطدم بصعوبة في تربيع الدائرة. فبدون ثقة المستثمرين لن يكون نمو، ودون رفع الفائدة لن تتحقق ثقة المستثمرين. ولكن المعضلة لا يفترض أن تكون إما أسود أم أبيض – نمو أم فائدة. اردوغان، اذا اراد، يمكنه ان يتراجع عن مطلب النمو الطموح وان يشرح للجمهور وللمستثمرين أنه يؤيد حاليا رفع الفائدة كخطوة تمهيدية لرفع النمو، الذي سيأتي مع تهدئة الاقتصاد. للحالة النفسية يوجد هنا دور حاسم، سواء من ناحية الجمهور أم من ناحية الرئيس”.

غير أنه الى جانب المنطق الاقتصادي او النفسي يضم عنصر هام آخر يتعلق بالمكانة الاعتبارية لاردوغان. فخطابه الحاد يتهم الولايات المتحدة، اسرائيل وباقي الجهات الخارجية بالسعر الى ضعضعة مكانة تركيا. العقوبات الامريكية، التي تتضمن مضاعفة معدلات الجمارك التي ستفرض على الحديد والالمنيوم لم تخلق الازمة – ولكنها تفيد اردوغان جدا بحيث يتمكن من اتهام ترامب بمحاولة تصفية الاقتصاد التركي.

يبدو أن اردوغان سيواصل حاليا السير على حد السيف، طالما يتوجه الجمهور التركي الى البنوك ولا يخرج الى التظاهر في الشوارع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى