تريندز للبحوث – نحو نظام أمني إقليمي مستدام في الشرق الأوسط
تريندز للبحوث والاستشارات 6/11/2021
تحقيق الأمن المستدام في الشرق الأوسط ليس مهمة سهلة، بل يحتاج إرادة صلبة وعمل مستمر وتعاون إقليمي متنامٍ تريندز للبحوث والاستشارات يعيش العالم اليوم مرحلة حرجة وظروفاً قلقة، نتيجة لتفاقم المخاطر المحدقة به. وقد تكون منطقة الشرق الأوسط من أكثر المناطق التي تواجه جملة من التحديات التي تهدّد أمنها وازدهارها.
وفي الوقت الذي يشهد فيه العالم تحولات سياسية لا ينعدم تأثيرها في الديناميات الأمنية الإقليمية، فإن الشرق الأوسط يشهد أيضاً سعياً حثيثاً إلى إقامة تحالفات مستقرة تعمل على بناء نظام أمني إقليمي مستدام، وفق منظورات جديدة ورؤى مستقبلية تمتد بغاياتها من أجل الأمن البشري.
التحديات الأمنية والجيوسياسية التي تواجه دول المنطقة لا تنفصل بتأثيراتها المباشرة وغير المباشرة عن أمن العالم كله، بدءاً من المخاوف من تطورات الأزمة القائمة بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، بما يمكن أن يؤدي إلى تفاقم حالة عدم الاستقرار التي تعانيها المنطقة، مروراً بما تشهده بعض الدول العربية من أزمات أتاحت لقوى إقليمية التدخل السلبي في الشؤون الداخلية لبعضها، وصولاً إلى التحديات التي تتعلق بمواجهة تيارات الإرهاب والطائفية التي تهدّد أمن المنطقة قبل غيرها، وكل ذلك دون تجاهل التغير الذي حدث في أفغانستان والتحديات الأخرى التي تتعلق بالتنمية الاقتصادية والأمن الغذائي والمائي والتغير المناخي، والتحولات في مجال الطاقة.
غير أن ذلك لا يدعو إلى التشاؤم بقدر ما يحفّز على اقتناص الفرص الجديدة، والبناء على بعض التطورات الإيجابية التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة، مثل تراجع حدة الصراعات التي عصفت ببعض دول المنطقة، مثل اليمن وسوريا وليبيا، وتوقيع اتفاق السلام الإبراهيمي الذي مثَّل واحداً أهم التحولات في تاريخ الصراعات والتوترات التي أثَّرت في مستقبل شعوب المنطقة، إذ حَمَل هذا الاتفاق العديد من فُرص التعاون المشترك ومواجهة التحديات والعثرات، ومَنَحَ الشعوب فرصة حقيقية في أن تنعم بالأمن والسلام والاستقرار.
ولقد أَولَى «مركز تريندز للبحوث والاستشارات» هذه القضية أهمية بالغة، فخصص لها مؤتمره السنوي الأول الذي عقده في واشنطن قبل أيام بالشراكة مع المجلس الأطلسي بعنوان «أمن الشرق الأوسط في عالم متغير: بناء نظام أمني إقليمي مستدام»، وشارك فيه نخبة من الشخصيات السياسية المهمة، ومجموعة من الخبراء من دول مختلفة، وكوكبة من أبرز الباحثين، حيث سعى المؤتمر إلى البحث في كيفية تحقيق الأمن المستدام في هذه المنطقة المهمة من العالم.
تحقيق الأمن المستدام في منطقة الشرق الأوسط ليس بالمهمة السهلة، حيث يحتاج إلى إرادة صلبة وعمل مستمر وتعاون إقليمي متنامٍ ودعم دولي واسع النطاق، ويمثّل تعاون مراكز الفكر لبنة صلبة في ثبات أساسه، فالبحث عن الأفكار النيّرة التي تقود للولوج إلى مجالات التعاون المرجوَّة يتساوى في أثره مع النور الذي يكسر حدة الظلام، ويبدد كثافة الضباب الذي يكسو الطريق ويعيق سلامة السير ويبطىء من سرعته.