ترجمة خاصة- مركز دراسات الأمن القومي – التأييد الشعبي لاتفاق على أساس حل الدولتين
ترجمة خاصة- مركز دراسات الأمن القومي – بقلم تسيفي إسرائيلي – 8/4/2017
في الأشهر الأخيرة عادت قضية الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني إلى جدول أعمال الشعب الإسرائيلي بين الكثير من المستجدات، في أعقاب الانشغال المتزايد للمؤسسة الأمنية السياسية الأمريكية في هذه القضية. تنشر بانتظام استطلاعات رأي الجمهور في الموضوع، إسهام لدراسة المزاج العام لدى الجمهور الإسرائيلي بهذا الخصوص منطوٍ في استطلاع الرأي العام “مؤشر الأمن القومي” المنفذ من قبل مركز دراسات الأمن القومي، أجري الاستطلاع في إطار رصد مستمر لسنوات عدة، والذي يتم تنفيذه منذ الـ 1984 بهدف تعقب توجهات الرأي العام بخصوص قضايا متنوعة متعلقة بالأمن القومي، ما يميز هذا الاستطلاع هو انه يسمح بدراسة معمقة وعلى مدار وقت طويل خطوات وقضايا على قاعدة مخزون معلوماتي غني وعميق ومستكمل.
التهديد الأخطر: الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني
الاستطلاع يظهر ان غالبية الجمهور (%56) يظن ان الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني هو التهديد المركزي الذي يقف اليوم أمام إسرائيل، 21% يظنون ان إيران النووية تمثل التهديد المركزي، 12% حزب الله، و11% “داعش”.
مؤشر الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني كتهديد مركزي كان قد ارتفع في الاستطلاع السابق الذي أجري في إطار البحث مع اندلاع “الموجة الإرهابية” (انتفاضة القدس)
في أكتوبر 2015، والمقصود هنا ارتفاع كبير على تقديرات أهمية الصراع فيما يخص الاستطلاعات السابقة، إليك مثلًا: في العام 2014 فقط 19% ممّن استطلعوا اعتقدوا بأن المقصود تهديد مركزي، يبدو ان الجمهور الإسرائيلي يفهم بأن المقصود قضية مركزية يجب الالتفات إليها، كما يظهر من الاستطلاع ان تأييد فكرة “حل الدولتين لشعبين” ظل صلبًا بالنظر إلى نتائج البحث السابق (59% من الجمهور اليهودي، وحوالي 70% من مجمل الجمهور الإسرائيلي، بما في ذلك مواطني إسرائيل العرب).
تأييد “حل الدولتين” كان مرتفعًا ومستقرًا في الأعوام (2003 – 2013) سواء في أوقات الأزمات أو في الأوقات الروتينية، وبغض النظر عن تركيبة الحكومة (حوالي 70%)، وهكذا حتى انه وفي السنوات الأخيرة لوحظ انخفاض على تأييد الفكرة فيما يزال المقصود تأييد مرتفع ومستقر، وذلك رغم الجمود السياسي والتوترات المتعلقة في مجالات الحياة المختلفة على الساحة الإسرائيلية الداخلية كون الحكومة يمينية بحتة، وكذلك التدهور الأمني منذ 2015.
رغم انه عندما عرض على الشعب المشتقات الواقعية لصيغة “حل الدولتين” أو عندما تم تضمينها بين خيارات الإجابة عن أسئلة احتمال “الاستفتاء الشعبي” هبط التأييد قليلًا، لكن ما يزال الحديث يدور عن تأييد مرتفع، بمعنى ان الجمهور الإسرائيلي معني بالانفصال عن الفلسطينيين بأي طريقة كانت. يمكن القول بأنه لو قدمت حكومة إسرائيلية في المستقبل اتفاقًا من هذا النوع أو غيره للاستفتاء الشعبي فسوف يحظى بتأييد غالبية أكثر ارتفاعًا من ذلك أيضًا، ذلك على وجه الخصوص على ضوء المنسوب المرتفع ممّن يجيبون بـ “لا نعرف” والمترددين من بين المجيبين، المنسوب الذي يتراوح ما بين 20 و27%.
المجيبون عن السؤال الجديد الذي أضيف إلى الاستطلاع الأخير، والذي أجري في إطار البحث أظهروا صورة أكثر وضوحًا، سُئل هؤلاء عن رأيهم في الخيار الأفضل بالنسبة لإسرائيل في قضية الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني في الفترة القريبة القادمة، غالبية الجمهور (61%) معنيون بالاتفاق، سواء كان المقصود حلًا نهائيًا (37%) أو كان المقصود اتفاقيات مرحلية وصولًا إلى الحل النهائي (24%). فقط 10% فقط أبدوا اهتمامهم بضم كل مناطق يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، و17% أبدوا تأييدهم لاستمرار الوضع القائم.
يبدو – والحال كذلك – ان ما بين النظرية القائلة بأن الوقت الذي ينقضي يعمل لصالح إسرائيل وبين النظرية القائلة بأن الوقت يعمل لغير صالحها فإن غالبية الجمهور تقول بأن الوقت يعمل لغير صالحها، ولوحظ فهم بأن السياسة السلبية التي تنتهجها إسرائيل والجمود السياسي مضران على المدى البعيد. بكلمات أخرى: الجمهور يفهم الإشكالية الكامنة في واقع الدولة ثنائية القومية، ويبدي تخوفًا من تشكلها، الرغبة في الانفصال عبّر عنها تناول لب الخلاف؛ الاستيطان.
التأييد الشعبي لإخلاء مستوطنات في الحل النهائي أو بشكل مستقل “أحادي الجانب”
فيما يشابه النتائج الظاهرة من الاستطلاع السابق، الاستطلاع الأخير أشار إلى أن غالبية الجمهور (69%) مستعدون لإخلاء مستوطنات في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) في إطار حل نهائي، 16% أبدوا استعدادهم لإخلاء جميع المستوطنات، و53% أيدوا إخلاء المستوطنات التي تقع خارج التجمعات؛ لقاء ذلك 31% أبدوا معارضتهم لإخلاء المستوطنات تحت أي ظرف.
ناتج إضافي هو إمكانية إخلاء مستوطنات في إطار تقديرات مستقلة مستحدثة (أحادية الجانب) من قبل إسرائيل، رغم انه في السابق – وسيما بعد الانسحاب من
غزة – عارض الجمهور الإخلاء الأحادي الجانب، واليوم وفيما يقارب نتائج الاستطلاع السابق؛ لوحظ تأييد لمثل هذا الإخلاء أيضًا (59%).
يبدو ان الجمع بين الابتعاد عن الانفصال عن غزة، بالإضافة إلى الجمود السياسي المستمر، وموجة الإرهاب الفلسطينية (انتفاضة القدس) أدى إلى ان يكون الجمهور مستعدًا لإخلاء مستوطنات، حتى من دون اتفاق نهائي وبطريقة أحادية الجانب. تعاطي الجمهور مع إخلاء مستوطنات يرافقه مخاوف، لكن يلاحظ وجود معرفة بالمصاعب، ربما لعدم القدرة على تقديم حل من أي نوع من دون التنازل عن الأرض.
هذه النتيجة تبرز على وجه الخصوص عندما تعرض مسألة التنازل عن الأرض في سياق مناطق بعينها؛ من تشريح نتائج الاستطلاع يظهر بوضوح ان هناك مجموعة مقاربات تجاه مناطق مختلفة، الأمر الذي يعكس تعاطيًا مختلفًا يشعر به الإسرائيليون تجاه كل منطقة؛ رؤية الأهمية الدينية والتاريخية والأمنية. المناطق التي يوجد معارضة ثابتة للتنازل عنها في العقد الأخير هي “غوش عتصيون” وغربي السامرة وغور الأردن، 13 – 24% فقط من المستطلعة آراؤهم مستعدون لإعادة هذا المناطق، مقابل ذلك لوحظ استعداد كبير (69% من التأييد في الاستطلاع الأخير) لإعادة المناطق في قلب المنطقة، والتي ليست جزءًا من التجمعات.
تجدر الإشارة إلى انه وفي الاستطلاع الأخير فإن الصيغة تختلف من “إعادة المستوطنات المعزولة” لـ “المناطق التي لا تعتبر جزءًا من التجمعات”، وأن منسوب التأييد ارتفع من حوالي 63% إلى 69%؛ من هنا يظهر ان حوالي ثلثي الجمهور – حسب نتائج النموذج المقدم – مستعدون لإخلاء المستوطنات بأي شكل من
الأشكال، حتى وإن لم يدر الحديث عن اتفاق نهائي. كذلك لوحظ تمييز واضح بين التجمعات الاستيطانية الكبرى وبين المستوطنات الصغيرة المعزولة.
كما درست مواقف الجمهور من مسألة السياسة التي يمكن ان تعتمدها إسرائيل فيما يخص البناء في المستوطنات، نتائج الاستطلاع أشارت إلى ان غالبية الجمهور معنية بالبناء لكن فقط في التجمعات الاستيطانية (38%) أو عدم البناء مطلقًا (20%). وبتفصيل أدق: 21% يظنون انه يجب البناء في جميع المستوطنات لاحتياجات الزيادة الطبيعية فقط، وهذه النسبة من المستطلعين أبدت تأييدها لزخم التطور الكبير لكل يهودا والسامرة (الضفة الغربية).
واجمالًا، استطلاعات الرأي العام التي أجراها مركز دراسات الأمن القومي تشير إلى ان رأي الجمهور في موضوع الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني مستقر وثابت على مدار سنوات. من نواحٍ كثيرة نتائج الاستطلاعات تعبر عن الصوت الخافت، الصوت الوسطي المتميز بالثبوت طوال الوقت؛ هذه النتائج تتحدى الوضع القائم السياسي، إذ انها تعكس بالفعل ثقة الجمهور بحل سياسي والاستعداد لإخلاء جزء من المستوطنات، رغم معرفة المصاعب التي تواجه الوصول إلى حل نهائي دفعة واحدة.
الخطاب في موضوع الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني يقوم على أساس نموذج “حل الدولتين” الذي تبلور بعد توقيع اتفاقية أوسلو لقاء “استمرار الوضع القائم”، لكن النتائج أيضًا تبقي مساحة واسعة للإبداع القيادي ومساحة للمناورة للقيادة السياسية بخصوص العملية السياسية مع الفلسطينيين، طالما كان المبدأ التوجيهي هو انفصال إسرائيل عن غالبية السكان الفلسطينيين في يهودا والسامرة (الضفة الغربية).
اطلس للدراسات