أقلام وأراء

تحرك أوروبي تكتيكي يشمل التصويت على قرارين في الامم المتحدة لتمرير قرار إدانة حماس

 سعيد عريقات –  6/12/2018

أكد سفير فلسطين لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، أن الدول الأوروبية ستقدم صياغة مشروع قرار إضافي للمشروع الأميركي الذي يدين كلاً من حركتي حماس والجهاد الإسلامية الفلسطينيتين للتصويت عليه في الجمعية العامة للأمم المتحدة الليلة في نيويورك.

وينص مشروع القرار الأوروبي على إدانة الاستيطان كما يدعو لتحقيق “السلام الشامل والعادل في الشرق الأوسط على أساس قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، 2334، ومبدأ الأرض مقابل السلام ومبادرة السلام العربية وخارطة الطريق الرباعية، وإنهاء الاحتلال على حدود الرابع من حزيران 1967″.

يشار إلى ان مشروع القرار الأوربي لا يأتي بجديد، بل إن نصه كان عبارة عن تعديلات طالب الجانب الفلسطيني بإضافتها للمشروع الأميركي خلال الجلسة بهدف إضعاف القرار الأميركي، حيث تسمح إجراءات الجمعية العامة بإضافة تعديلات أو اقتراحات على أي مشروع قرار يتم طرحه للتصويت خلال الجلسة، على أن يتم التصويت حول ذلك قبل القبول بإضافة تلك التعديلات أو رفضها. وهو تكتيك يتم إتباعه أحيانا لإضعاف قرار ما.

وحاولت الولايات المتحدة استخدام هذا التكتيك في السابق وفشلت، عندما تبنت الجمعية العامة قراراها بشأن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب اعترافه بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل القدس يوم 21 كانون الأول 2017 ، وصوتت باغلبية ساحقة وادانت قرار الرئيس الأميركي (6/12) واعتبرته باطلا. أما فيما يخص التعديلات الأوروبية المذكورة، التي طالب بها الجانب الفلسطيني وتحولت الآن إلى مشروع قرار إضافي كما يبدو، فهي لا تأتي بأي جديد، لأن هناك عدداً من قرارات الجمعية العامة بنفس الفحوى تم إعادة تبنيها الأسبوع الماضي، إضافة إلى قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

ويفسر الخبراء التوجه الأوروبي بانه محاولة لتجنب الاصطدام بالجانب الفلسطيني، أو لامتصاص ردود الفعل على موافقة الجانب الأوروبي على مشروع القرار الأميركي ضد حركتي حماس والجهاد الإسلامي وضد المقاومة الفلسطينية المسلحة.

ومن الملاحظ أن الجانب الفلسطيني، الذي طلب اجراء التعديلات على مشروع القرار الأميركي (كتكتيك لإضعافه)، لم يطلب تعديلات تشير إلى وتدين بشكل واضح الممارسات الإسرائيلية ضد المدنيين والاغتيالات التي نفذتها إسرائيل داخل غزة وأدت إلى الموجة الأخيرة من رد حماس وإطلاق الصواريخ، خشية أن يرفضها الأوروبيون، ويجعل من التعديل الأوروبي المقترح مشروع قرار يعطي تبريراً للدول التي تريد التصويت لصالح القرار الأميركي أو الامتناع عن التصويت، وهو ما سيشكل موافقة ضمنية عليه، نظرا لان الممتنعين لا تحسب أصواتهم، شأنهم شأن الغائبين.

ووزعت البعثة الفلسطينية في الأمم المتحدة مذكرة صباح الأربعاء (5/12) حصلت “القدس” على نسخة منها، تناشد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالتصويت ضد مشروع القرار الأميركي الذي يدين حماس. وتشير المذكرة إلى أن “مشروع القرار الأميركي مناهض للفلسطينيين، ويستند إلى حجج خاطئة حول قرارات الأمم المتحدة، مفادها، أن تلك القرارات معادية لإسرائيل ومتحيزة ضدها، وهو ادعاء غير صحيح” وتشير المذكرة إلى أن الجانب الفلسطيني يرفض تلك الادعاءات، لأن تلك القرارات تدعمها أغلبية ساحقة من الدول الأعضاء في الامم المتحدة، وتعتبرها قرارات متوازنة، وتؤكد من جديد على مبادئ واضحة تتماشى مع القانون الدول وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وحقوق الإنسان.

وتعتمد الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراتها بطرق مختلفة، فبعضها يحتاج إلى أغلبية الثلثين من عدد الأصوات، والبعض الآخر يتم التصويت عليه بمبدأ الخمسين بالمئة من عدد الدول المصوتة + واحد، وهو نوع التصويت الذي تريد الولايات المتحدة اعتماده.

يشار إلى أن عدد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة هو 193 دولة وكل دولة لها صوت واحد، لكن هذه المبدأ يأخذ فقط عدد الدول التي تصوت بنعم أو لا. وهو ما دفع الجانب الفلسطيني لحشد الدعم لطرح التصويت بحسب البند 83، المتعلق بالقواعد الإجرائية للجمعية العامة. وينص هذا البند على أنه يجب أن تتخذ الجمعية العامة قراراتها فيما يتعلق بالأمور المهمة، بما فيها التوصيات الخاصة بالحفاظ على النظام الدولي ومسائل السلم والأمن بأغلبية ثلثي الأعضاء الحاضرين والمصوتين.

ولم تتوقف سفيرة الولايات المتحدة نيكي هايلي، التي تنتهي ولايتها مع نهاية العام الجاري، بعد أن قدمت استقالتها في التاسع من تشرين اول الماضي عن إطلاق التهديدات وحشد الجهود، للحصول على دعم لمشروع القرار. وتسعى هايلي بأن تغادر منصبها بتسجيل انتصار لصالح إسرائيل، يمكنها أن تشير له في المستقبل، بعد الهزائم المتكررة التي منيت بها في الأمم المتحدة وعدم تمكنها من منع الجمعية العامة للأمم المتحدة من تمرير قرارات تدعم الحقوق الأساسية والمشروعة للفلسطينيين. وقد وزعت بعثة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة العديد من المذكرات في الأيام الأخيرة تحمل تهديدات مبطنة لكل من ينوي التصويت ضد مشروع قرارها.

ويتحدث مشروع القرار الأميركي، الذي ستدعمه مجموعة الاتحاد الأوروبي (28 دولة) بعد إضافة تعديلاتها التي تنوه إلى “الأخذ بعين الاعتبار قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة” دون تحديدها، ودون ان تذكر كلمة “فلسطين” ، يتحدث بعبارات فضفاضة عن “سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين” ولا يذكر كلمة “احتلال” والممارسات الإسرائيلية وقتل الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال، وحصار غزة، كما لا يأتي على ذكر اللاجئين الفلسطينيين.

وسيتم التصويت على مشروع القرار الأميركي والإضافات التعديلية الأوروبية هذه الليلة (بحسب توقيت القدس) ويطرح تحت عنوان “أنشطة حماس وغيرها من الجماعات المقاتلة في غزة”.

ويدين مشروع القرار “حماس لإطلاقها صواريخ بصورة متكررة إلى داخل إسرائيل، وللتحريض على العنف، مما يعرض المدنيين للخطر؛” كما تطالب الجمعية العامة “حماس والأطراف المقاتلة الأخرى، بما فيها حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، بوقف جميع الأعمال الاستفزازية والأنشطة العنيفة، بما في ذلك عن طريق استخدام الأجهزة الحارقة المحمولة جوا؛ وتدين استخدام الموارد من جانب حماس في غزة لإقامة بنى تحتية عسكرية تشمل أنفاقا للتسلل إلى إسرائيل ومعدات لإطلاق صواريخ على المناطق المدنية، في حين يمكن استخدام هذه الموارد لتلبية الاحتياجات الملحة للسكان المدنيين”.

كما يدعو القرار جميع الأطراف لاحترام القانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الإنساني، بما فيها تلك التي تتعلق بحماية السكان المدنيين. ويدعو كذلك إلى وقف “جميع أشكال العنف والتخويف الموجهة صد موظفي المساعدة الطبية والإنسانية وتكرر (الجمعية العامة) تأكيد أهمية احترام حرمة مباني الأمم المتحدة وحيادها”.

ومن المثير في القرار كذلك البند السادس الذي يشجع خطوات ملموسة صوب تحقيق المصالحة بين الفلسطينيين، ودعم جهود الوساطة المصرية، في الوقت الذي يشير فيه كذلك إلى اتخاذ خطوات ملموسة نحو إعادة توحيد قطاع غزة والضفة الغربية تحت السلطة الفلسطينية. وكفالة سير أعمالها على نحو فعال في القطاع.

1

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى