بوبليكو الاسبانية : هل ستلاقي صفقة القرن التي أعدها ترامب فشلا ذريعا؟

بوبليكو الإسبانية ١٥-٦-٢٠١٨
مصادر أمريكية كشفت لصحيفة هآرتس الإسرائيلية أن صفقة القرن التي تعكف إدارة ترامب على وضع اللمسات الأخيرة لها، لن تكون اتفاقا يؤخذ كله أو يترك كله، بل ستمثل أرضية يتفاوض عليها الطرفان. الرئيس الأمريكي يقوم بتأخير الإعلان، الذي كان مفترضا أن تقوم به إدارته منذ أشهر، وهي تواصل التأكيد على أنه بات وشيكا. إلا أن الأمريكيين يعلمون تماما أن هذا الاتفاق سوف يولد ميتا، أو أن رحلته ستكون قصيرة. هذا التأخير تستغله إسرائيل لتوسيع حضورها في الأراضي المحتلة، من خلال مصادرة الأراضي في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وسط صمت من إدارة ترامب والاتحاد الأوروبي.
في الجانب الإسرائيلي، يشعر بنيامين نتنياهو بأن دونالد ترامب لن يسعى لإيقاف سياساته التوسعية في الأراضي المحتلة، وهذا يمنحه حرية تصرف لم تتح له في عهود الإدارات الأمريكية السابقة. ويحاول نتنياهو الظهور في هذه الوضعية على أنه “شخص عقلاني”، في مواجهة الرئيس محمود عباس الذي “يرفض صفقة القرن”. وأضافت الصحيفة أن عباس يتمسك بمنصبه، وإصراره على البقاء في الحكم كانت له تبعات كارثية على الشعب الفلسطيني.
صفقة القرن، التي وصفها عباس بأنها “صفعة القرن”، لن تقدم أي مفاجآت لنتنياهو أو للسلطة الفلسطينية، إذ إن كليهما يعلم حدود الإدارة الأمريكية ومحدودية هامش المناورة لديها.
وبحسب بعض التسريبات، فإن الأمريكيين يفكرون في خفض حصة الفلسطينيين من الأراضي إلى النصف، وبالتحديد فإن حصة الفلسطينيين التي كانت مقدرة بحوالي 22 بالمئة من مساحة الأراضي الفلسطينية أثناء فترة الانتداب، سوف تنخفض إلى نسبة 11 بالمئة. والقدس الشرقية أصبحت إسرائيلية بأمر الواقع، وقد مثل نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس ترسيخا لهذه الوضعية، التي تكرست على الأرض على مدى سنوات.
ونقل عن مسؤول فلسطيني قوله: “كل شيء نشاهده الآن يتسم بالغرابة، ولكن من الواضح أن شيئا ما يتم التخطيط له ضمن صفقة القرن، وهو سيكون بعيدا جدا عن تطلعاتنا، ولن يكون مقبولا بالنسبة لنا، وأضاف المصدر ذاته: “إن إدارة ترامب تقول لنا الحديث ذاته الذي يقوله المستوطنون، حيث يطالبوننا بقبول نظام الفصل العنصري حتى يتحسن الاقتصاد. وفي الواقع، فإن نتنياهو لا يريد أي خطة من أي نوع؛ لأنه يستفيد من أي تأخير، حتى يواصل سياسة التوسع ومزيدا من بناء المستوطنات اليهودية”. وأضاف المصدر ذاته أن اتفاق القرن ينص على دولة فلسطينية منزوعة السلاح، ستسيطر إسرائيل على حدودها وأجوائها، وهي صورة مشابهة للوضع الحالي، الذي يعاني فيه الفلسطينيون من العزلة في محميات صغيرة تشبه نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
السلطة الفلسطينية كانت قد قطعت علاقاتها بشكل رسمي مع واشنطن، منذ كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بعد أن أعلن ترامب عن اعتزامه نقل السفارة الأمريكية. إلا أن الجانب الفلسطيني واصل تلقي المعلومات بوساطة الاتحاد الأوروبي.
الحديث عن كون صفقة القرن توفر الأرضية لمفاوضات جدية بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني هو أمر غريب، بالنظر إلى أن المفاوضات المباشرة بين الطرفين فشلت على مدى نصف قرن. رفض إسرائيل مغادرة الأراضي المحتلة، وإصرارها على مواصلة مشاريعها الاستيطانية، مثل عقبة ضخمة أمام المفاوضات السابقة التي انبثقت على اتفاقات أوسلو في 1993. ولا توجد الآن أي مؤشرات تبشر باستعداد إسرائيل لتغيير سياساتها؛ لذلك فإنه من الواضح أن صفقة القرن سوف تمثل فشلا جديدا.
الأمل الوحيد للفلسطينيين، في ظل الظروف الحالية، هو التدخل الأوروبي القوي في هذه القضية، ولكن المشكل هو أن الدول الكبرى في أوروبا دائما ما تقف في صف إسرائيل، وهي غير قادرة أصلا على فرض سياسات في مصلحة الاتحاد الأوروبي.