بن كسبيت / الهدف : تسوية في الجبهتين

معاريف – بقلم بن كسبيت – 1/6/2018
تبذل اسرائيل جهودا لتسوية الجبهتين المشتعلتين، الشمالية والجنوبية، من خلال اتصالات مكثفة تتراوح بين موسكو، واشنطن، القاهرة، الدوحة وعمان.
بينما يتجسد التوافق بين اسرائيل وروسيا، وفي اطاره ستخرج قوات ايرانية وحزب الله من جنوب سوريا، يتبين ان “يوم القتال” بين اسرائيل والجهاد الاسلامي وحماس هذا الاسبوع لم يمس بالاتصالات والمفاوضات المتقدمة في تسوية شاملة في الجبهة الجنوبية، بل العكس: سرعها.
تتواصل الاتصالات بكل الوتيرة، بوساطة مصرية وبمشاركة قطرية معينة. فقد نضج رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالنسبة للحاجة الى تهدئة الجبهة الجنوبية وحشد الجهد على ما يجري في الشمال، الذي يشكل تهديدا اكبر بكثير على اسرائيل. ولا يزال وزير الدفاع افيغدور ليبرمان يصر على أن يندرج في اطار التسوية الجنوبية ايضا اعادة جثماني شهيدي الجيش الاسرائيلي الملازم هدار غولدن والعريف أول اورون شاؤول، ولكن الموضوع لا يزال يشكل عقبة في الاتصالات.
يركز نتنياهو اساسا على ما يجري في الشمال امام التوسع الايراني ولهذا فهو معني بتهدئة الجبهة الجنوبية بل وان يدفع ثمنا لقاء ذلك. وتساهم في ذلك ايضا التوصية الدائمة من الجيش الاسرائيلي والتي تقول ان الردع الذي تحقق بعد حملة الجرف الصامد من شأنه ان ينهار امام اليأس والتفاهم السريع لوضع سكان غزة ووضع حركة حماس.
وحسب تقدير مصدر كبير في قيادة المنطقة الجنوبية، فقد جرت حماس الى جولة العنف الحالية إذ لم يكن بوسعها أن تسمح لنفسها البقاء خلف الجهاد الاسلامي. “في الوضع الحالي كانوا سيصبحون مثل فتح في السنوات السابقة، نوع من حركة الشبيبة التي تنشغل بالطائرات الورقية وبالاعلام بينما يطلق الجهاد النار على اسرائيل”، قال المصدر وأضاف: “ولكن من اللحظة التي انضمت حماس فيها الى النار، حاولوا وقف المواجهة ونقلوا الى اسرائيل بطرق عديدة رسائل تقول انهم مستعدون لوقف النار في كل لحظة”.
يخرج الجيش الاسرائيلي من هذه المواجهة القصيرة باحساس ان حماس تسيطر في القطاع اكثر من اي وقت مضى ولكنها تعاني من انتقاد داخلي شديد، آخذ في التعاظم ويوجد في خطر فقدان السيطرة. هذه وصفة معروفة للانجرار الى حرب اخرى، زائدة تماما، يقولون في الجيش الاسرائيلي وهذه فرصة ذهبية للتوصل الى تسوية شاملة في الوقت الذي توجد فيه حماس في نقطة الدرك الاسفل في كل الازمنة. التسوية، حسب الجيش الاسرائيلي، لا يفترض أن تسمح لها بالاقلاع الى ارتفاع ذي مغزى في اعقابها.
هذا وكان رئيس الاركان الفريق غادي آيزنكوت بذل في جلسة الكابنت يوم الاربعاء جهدا واضحا لاقناع الوزراء في أن هجوم سلاح الجو في غزة ليلة الاربعاء كان ذا مغزى وان لم يكن تسبب في قتلى في حماس او في الجهاد.
اضافة الى ذلك، واضح للجميع ان الطرفين، الفلسطينيين والاسرائيليين، اجتهدوا الا يلحقوا ضررا اكبر مما ينبغي الواحد للاخر. فحماس لم تطلق صواريخ ثقيلة واكتفت بالمسافات القصيرة، وسلاح الجو قصف أهداف بنية تحتية هامة، نزع بضع قدرات ذات مغزى من حماس، ولكنه لم يلحق اذى بالارواح. في موضوع الاحباطات المركزة ثار انتقاد في الكابنت، ولا سيما حول حقيقة ان اسرائيل وصلت الى المعركة دون “بنك احباطات” على مستويات الميدان الاصغر، مما كان يتيح لاسرائيل جباية ثمن من الفلسطينيين واعادة بناء الردع.
في الوضع الحالي، يقولون في قيادة المنطقة الجنوبية، بان كل حدث تكتيكي صغير من شأنه ان يجر الطرفين الى اشتعال شامل. درجة الحرارة في القطاع آخذة في الارتفاع، بينما الردع الاسرائيلي يتآكل. هذا هو الوقت، كما يضيفون، لاتخاذ قرار استراتيجي لكسر دائرة العنف للمدى البعيد. وحسب تقدير الاستخبارات هذا ممكن وحماس ستكون ناضجة لتنازلات لم يسبق أن سمعنا مثلها في كل ما يتعلق بتقاسم القوة بينها وبين السلطة الفلسطينية في القطاع.