ترجمات عبرية

بن كاسبيت – ما الذي يمنع خطة بينيت لاسقاط نظام حماس؟

موقع المونيتور – بقلم بن كاسبيت – 13/8/2018

في الكابينت، الحرب للحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل اندلعت مساء الخميس (9 أغسطس)، وزير واحد فقط أيد عملية عسكرية في قطاع غزة، كان هو وزير الأمن أفيغدور ليبرمان، وهو أيضًا – حسب التقديرات – فعل ذلك للبروتوكول وعدم وجود خيار. ليبرمان علم أنه سيبقى في عزلة مفرحة، ولذلك سمح لنفسه بأن يدفع باتجاه عملية، حتى وزراء اليمين المتطرف (بينت وشاكيد) يتفقون على عدم جدواها.

كانت هذه واحدة من المرات القليلة التي لم يتساوق فيها نتنياهو قواعده الانتخابية اليمينية، وقرر – بتشجيع من الأجهزة الأمنية جميعها وأغلبية وزراء الكابينت – عدم إصدار الأوامر للجيش الإسرائيلي للبدء في عملية موسعة، وإنما الانتظار حتى منتصف الليل؛ الموعد الذي كان من المفترض أن يدخل فيه حيز التنفيذ وقف إطلاق النار غير الرسمي. في تلك الساعات، أوضحت حماس في رسائل حملت إلى إسرائيل عبر مصر وعبر مبعوث الأمم المتحدة نيكولاي ملادينوف أن الجولة الحالية انتهت من ناحيتها، وأنها غير معنية بتصعيد آخر؛ هكذا بدأت وانتهت في الأسابيع الأخيرة عدة جولات “صغيرة”، حيث يتبادل الطرفان اللكمات المهذبة نسبيًا، ويكبحان في اللحظة الأخيرة الانجرار إلى حرب شاملة.

الحكومة الإسرائيلية الأكثر يمينية منذ قيام الدولة تعرف محدودية قوتها، وليس فيها من يدفع باتجاه تطبيق وعود نتنياهو الانتخابية: إسقاط نظام حكم حماس وتنظيف عش الدبابير الغزي. الواقع أحيانا أقوى من الأيديولوجيا، حماس غارقة في أحط وضع مذل في تاريخها، وهي أضعف من أي وقت مضى، ومن أجل ذلك خصوصًا ولكل هذه الأسباب فتفوقها على إسرائيل واضح؛ إذ أنه ليس لدى حماس ما تخسره، أما إسرائيل فلديها ما تخسره.

الكماشة التي تمسك بقطاع غزة معقدة حتى على نطاق الشرق الأوسط، السلطة الفلسطينية وحماس في معركة لي الأيدي بلا حل، السلطة الفلسطينية تصر على أخذ “كل شيء أو لا شيء”، أبو مازن يريد أن يتحدث أيضًا عن تفكيك سلاح حماس، وحماس غير مستعدة لسماع أي كلمة بشأن هذا الأمر، إسرائيل وحماس في معركة منفردة على جثث الجنديين الإسرائيليين المحتجزين في غزة، قائد حماس في غزة يحيى السنوار يطالب بأسرى فلسطينيين أحياء وفي إسرائيل لا يوجد من يؤيد هذا الطلب، المصريون يحاولون أن يربعوا الدائرة، لكنهم مصرون على لجم المحور القطري – التركي، الذي يمول القطاع في العامين الاخيرين.

الجميع يعرف ان استمرار تدهور الوضع الإنساني في القطاع سيتسبب بالانفجار، لكن لا أحد يستطيع أن يجد صيغة لتحويل الأموال والموارد إلى غزة بطريقة تجاوز حماس. السلطة الفلسطينية غير مستعدة لتكون دار مقاصة، والمصريون يرفضون ان تكون قطر هي من يفعل ذلك، وإسرائيل غير مستعدة لأن تحول الأموال مباشرة إلى حماس لتثبت مرة أخرى أن طريق “الإرهاب” ميسرة.

حماس في المقابل وجدت نقطة توازن أرخميدس الدقيقة، التي تمكّنها من الاستمرار في تنظيم سيرها على حافة الهاوية دون ان تسقط فيها. التنظيم سقط منه منذ شهر مارس (بداية مسيرات العودة) أكثر من 200 (شهيد) على يد إسرائيل وآلاف الجرحى الماكثين في المستشفيات في غزة، لكن الحرب الشاملة لم تندلع. السنوار ورئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية يعرفان بأنه في مثل هذه الحرب سيتضرران ضررًا كبيرًا من النوع الذي لا يمكن لقطاع غزة ان يتلقاه دون ان يتفكك، ولذلك فقد بلورا الاستراتيجية التي بدأت مع “مسيرات العودة”، وتواصلت مع الطائرات الورقية والبالونات، واستمرار مضايقة إسرائيل بشكل يومي دون خلق كتلة حرجة تضطر حكومة نتنياهو إلى خلع القفازات وكسر الآنية وكذلك العظام.

الخميس الماضي، أسقط سلاح الجو الإسرائيلي مبنى ذا خمسة طوابق في قلب حي الرمال بغزة، في المقابل جهزت إسرائيل تنفيذيًا امكانية تجديد الاغتيالات فورًا بحق قادة حماس في القطاع، كانت تلك محاولة إسرائيلية لتتخطى مباشرة إلى مرحلة نهاية عملية “الجرف الصامد” في الصيف الذي كان قبل أربع سنوات (2014)؛ حينها فقط فهم قادة حماس بأنه آن الأوان للانتهاء، بعد ان شرع الجيش الإسرائيلي بقصف الأبنية متعددة الطبقات في الرمال، الحي الذي يقطنه حكام ووجهاء غزة براحة نسبية.

هذه المرة أيضًا أشار انهيار المبنى إلى بداية النهاية، غير أنه وعلى خلاف أغسطس 2014 فلا أحد يتوقع الآن أربع سنوات من الهدوء، فإطلاق الطائرات الورقية الحارقة قد تجدد صبيحة اليوم التالي، بينما نتنياهو ووزرائه ينزلون إلى الوكر السياسي ويحاولون تقليص الأضرار، نتنياهو وليبرمان وبقية الوزراء خبروا نهاية أسبوع صعبة. ليس فقط اليمين غاضب عليهم، فالإعلام أيضًا ومجمل الشعب على ضوء الحقيقة بأن الحكومة نفت إطلاقًا، مساء الخميس، أنها تدخل وقفًا لإطلاق النار، بينما في صبيحة يوم الجمعة كان وقف إطلاق النار عملًا منتهيًا، “على الأقل قولوا لنا الحقيقة” كانت تلك هي الحجة الشعبية أمام جبن حكومة نتنياهو وخوفها من التموضع خلف الواقع والاعتراف به.

ماذا سيحدث في الجولة القادمة، التي من الممكن أن تندلع بعد عدة دقائق أو ربما أسابيع؟ الوزير بينيت قدّم للكابينت خطة عمل جديدة قبل عدة أسابيع، بينت أيضًا الذي دفع باتجاه عملية إحباط الأنفاق الهجومية في “الجرف الصامد” ليس له أي توجه لإرسال طواقم حربية لوائية إلى داخل غزة، ودفن عشرات الجنود لكي نبقى عند نفس النقطة بالتحديد.

خطة بينت تتضمن إخلاءً موسعًا للمستوطنات الإسرائيلية القريبة من غزة لكي لا تقع خسائر في أرواح المدنيين، وتوجيه ضربة جوية مكثفة بالحد الأقصى من القوة إلى بنى حماس والجهاد الاسلامي التحتية في القطاع طوال أسابيع إلى حين انهيارهما. التقدير هو أن لدى إسرائيل ما يكفي من المعلومات الاستخبارية، وسلاح الجو لديه القوة الجراحية الدقيقة التي تسمح بسلب حماس كل شيء: مقرات القيادة والمواقع والمكامن والمصانع والأوكار والبنى التحتية ومخازن السلاح، وسيما الصواريخ، فلدى التنظيم الآن أكثر من عشرة آلاف صاروخ، وإسرائيل – حسب بينيت – يمكنها ان تهاجم معظمها، وسيكون ذلك بمثابة نزع سلاح فعلي للقطاع من شأنه ان يسقط حماس على ركبتيها، وسينجز حسب هذه الخطة بأقل الأثمان.

الآن، فرص قبول هذه الخطة واعتمادها من قبل الكابينت غير واضحة، وكذلك هناك معارضة لإخلاء المستوطنات بشكل جماعي، الذي يتعارض مع الروح الصهيونية والذي يقدم لحماس صورة انتصار أو على الأقل إنجاز تجاه الخارج. وإلى ذلك، فمعارضة الخطة آخذة في الضعف، تفاقم آخر في الوضع ويمكن ان يحدث ذلك، لا سيما وأنه ليس لها بديل.

طالما ان هدف نتنياهو وليبرمان الاستراتيجي هو إبقاء حماس كجهة سلطوية في قطاع غزة؛ فليس هناك أي احتمال لاتخاذ خطوة استراتيجية تغير الواقع تغييرًا حقيقيًا، لا باتجاه السلام ولا باتجاه الحرب أيضًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى