ترجمات عبرية

بن كاسبيت / ثمن الجمود

معاريف – بقلم  بن كاسبيت – 30/5/2018

الصيغة بسيطة، يوآف (بولي) موردخاي بلورها حتى قبل “الجرف الصامد”، في كل مرة يكون فيها الوضع في قطاع غزة أكثر سوءًا يبدأ العد العكسي وصولًا إلى الانفجار؛ هكذا بهذه البساطة. السؤال هو إذا كنا نريد إصلاح هذا الوضع وخلق واقع آخر أو كنا نريد إدارة الأمور من الانفجار إلى الانفجار الذي يليه ومن التصعيد إلى التصعيد الذي يليه ومن الصيف إلى الصيف إلى أن يسقط أحد الصواريخ في روضة اطفال مزدحمة بالرضع، وحينها تأكل العاصفة كل شيء ونضطر إلى احتلال غزة رغم أننا إطلاقا لم نرد احتلالها (عدا عن عضو الكنيست بتسلال سموتريتش طبعًا).

قام الجيش الإسرائيلي أمس باستعراض سمعي وبصري مثير، مدعومًا بتغريدة وزير الأمن أفيغدور ليبرمان، “أي مكان تطلق منه التنظيمات الإرهابية على أرض إسرائيل يُعتبر هدفًا شرعيًا لهجوم سلاح الجو الإسرائيلي” كتب الوزير، بالترجمة الحرة: الجيش الإسرائيلي ردّ بالنيران على مصادر الإطلاق، هل تذكرون هذا الرد في تلك الأيام؟ إنها ذات الشيء، حتى ليس الجيش الإسرائيلي، إذ ان ليبرمان ألصق الأمر بسلاح الجو، بمعنى أنه لن يكون عناك عملية برية في هذه الأثناء. ليبرمان هذا دفع بعملية “الجرف الصامد” إلى احتلال القطاع وأساء بعد العملية للمستوى العسكري والسياسي (أبناء بوغي وبيبي) بسبب النتائج الضئيلة، لكن ليس هو فقط؛ رئيسه بنيامين نتنياهو هو ذات الشخص الذي وقف على أبواب عسقلان عند انتهاء “الرصاص المصبوب” وأقسم ان لن يكون لديه مثل هذا الإهمال، وأنه سيعطي أوامره للجيش بهزيمة حماس واستئصالها من غزة، وأنه سيضع حدًا للإرهاب، الآن هما يردّان بالنيران باتجاه مصادر الإطلاق.

افترض بأنه وبعد نزول هذا المقال للطباعة خلال الليلة، سيحين دور سلاح الجو ليرد على رد حماس والجهاد بعد الظهر، والذي جاء في أعقاب رد إسرائيل قبل الظهر، وهلم جرا. “بينغ بونغ” معروفة ومضجرة ومتوقعة وكئيبة تقودنا كل مرة مجددًا لذلك الطريق المسدود حيث لا يخرج منه أي أحد بمصلحة. حتى إذا قررت إسرائيل اجتياح غزة واحتلال القطاع وإسقاط حماس، ماذا بعد؟ أو كما سأل موردخاي بلغته العربية الأجشة “وبعدين؟”، هل هناك خطة؟ لمن سنسلم المفاتيح؟ وما الذي سيحدث الآن؟ ومن سيقوم بالوظيفة؟ ماذا سنفعل؟ ما الذي تريده إسرائيل من غزة؟

عند انتهاء “الجرف الصامد” أعدت وزيرة الخارجية في حينها تسيبي ليفني مسودة مقترح في مجلس الأمن تنظم الوضع على المدى القصير، وتبني أهدافًا على المدى المتوسط والبعيد، دون ان يكلفنا أي أمر أدنى ثمن، لكنه بالفعل محفز للانسحاب من الليكود الـ 22 الذي نعلق فيه نحن وحماس، الأمريكيون أحبوه ومجلس الأمن انعقد بالفعل وضغط على بيبي، لكن رئيس الحكومة استسلم، فلماذا عليه القيام بذلك؟ وما الذي سأخرج به من ذلك؟ سأل ليفني التي حاولت ان تشرح.

السؤال: ما الذي سيخرج لبيبي من الوضع الحالي؟ صحيحٌ أن دمار غزة أتانا ببضع سنوات من الهدوء، لكن كل من لديه عينان في رأسه والقليل من المنطق من شأنه ان يعرف أن هذا الهدوء سينتهي، كل برميل له قاع. المؤسسة الأمنية والجيش الإسرائيلي والشاباك جميعهم يوصون ويقترحون سلسلة طويلة من المقترحات لتغير الوضع الاقتصادي في غزة، والتخفيف عن السكان، الأمر الذي يوفر للغزيين أملًا ما، الجزيرة الصناعية للوزير إسرائيل كاتس قد جفت.

في الجيش الإسرائيلي يبالغون، حتى إنهم يوصون بإخراج عشرات آلاف العمال من غزة للعمل في غلاف غزة تحت إشراف أمني دقيق طبعًا، في “الشاباك” الذي يعارض بشكل عام مثل هذه المشاريع يؤيدون ذلك، والسبب بسيط: الأمر الذي منع موجة “إرهاب” السكاكين الأخيرة في الضفة الغربية من ان تتحول إلى انتفاضة هو حقيقة ان عشرات آلاف العمال يخرجون يوميًا من قراهم في الضفة للعمل في إسرائيل، ويطعمون مئات الآلاف من الفلسطينيين. إنها عين الحكمة، وضع مشابه في غزة يمكنه ان يهدئ هذه المنطقة أيضًا، لكن يبدو أننا لا نريد أن نهدّئ حقًا.

“ما المشكلة في مساعدة غزة إنسانيًا؟” تسأل ليفني “لماذا لا تدعو إسرائيل – والآن – العالم كله لإنقاذ غزة ومساعدتها وبناء محطة طاقة كهربائية ومصنعًا للصرف الصحي، وأن نعد بأننا سنساعد نحن أيضًا؟ ما المشكلة في السعي إلى قرار في مجلس الأمن؟، لماذا لا نطلب من ترامب تصريحًا أمريكيًا بأن إسرائيل خرجت من غزة وليست مسؤولة عما يدور فيها؟ هناك الكثير من الأمور التي يمكن فعلها بدلًا من انتظار الجولة القادمة” قالت، وقد صدقت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى