ترجمات أجنبية

بلومبرج – نيك وادهامز – وصفت الصفقة الإماراتية البحرينية مع إسرائيل بأنها تاريخية ، لكن التفاصيل ضعيفة ؟

وكالة بلومبرج – نيك وادهامز – 16/9/2020

إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أشاد بالصفقة التي وقعتها الإمارات والبحرين مع إسرائيل يوم الثلاثاء باعتبارها «أساسًا لسلام شامل» في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، ووصفها بأنها الإنجاز الأكبر لرئاسته.

على الرغم من كل الزَّهْو الذي صاحب الاحتفال الكبير لتوقيع البيت الأبيض، فإن الوثائق الموقعة التي صدرت بعد ساعات، وإن كانت تُبَشر بوعود عديدة خاصة بين الإمارات وإسرائيل، إلا أنها تركت الكثير من الأسئلة الحاسمة بدون إجابة.

غياب التفاصيل.. العامل المشترك بين الصفقتين الخليجيتين

إن الإعلان بين الإمارات وإسرائيل – الذي سُمّي «اتفاق أبراهام» -، والذي حضر ترامب توقيعه، وصفقة البحرين مع إسرائيل، هما وثيقتان من صفحة واحدة. تعرض الأولى السعي لتحقيق «رؤية للسلام والأمن والازدهار في المنطقة»، في حين لا توضح الثانية الكثير من التفاصيل بخلاف إقامة علاقات دبلوماسية، وهو أمر بالغ الأهمية في حد ذاته، ولكن الإعلان أقر بأن الإنجازات الأخرى سوف تُترك لوقت لاحق.

وقال مسؤول في البيت الأبيض للصحفيين يوم الاثنين إن اتفاق البحرين سيكون أقل تفصيلًا، لأن المملكة الخليجية وافقت على الاتفاق الأسبوع الماضي فقط.

إن وثيقة اتفاق الإمارات الأطول من نظيرتها البحرينية، وهي اتفاقية رسمية تحتاج إلى المصادقة عليها، أكدت على وعد بتبادل السفراء «في أقرب وقت ممكن عمليًا»، لكن لم تُوضح أي من الاتفاقيتين أي تفاصيل أو جداول زمنية، وشكك المحللون في فكرة أن تلك الصفقة تعني «السلام» في المنطقة.

إن الإمارات والبحرين، شأنهما شأن بعض الدول الخليجية الأخرى، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، كان لديهما اتصالات عبر قنوات خلفية مع إسرائيل منذ عقود، في حين لا تزال الصراعات محتدمة في المنطقة من ليبيا إلى سوريا إلى اليمن. وما تفعله الصفقة في الواقع هو إخراج تلك التعاملات إلى العلن.

اتفاق البحرين ليس سلامًا للشرق الأوسط

عن تمارا كوفمان ويتس، الزميلة البارزة في مركز سياسات الشرق الأوسط بمعهد بروكينجز، قولها إن الصفقة لا تعني السلام في الشرق الأوسط، مضيفة أنها «ليست سلامًا للشرق الأوسط بالتأكيد في وقت تشتعل فيه المنطقة بحروب أهلية مروعة. لقد بالغوا في تقدير أهميتها أكثر مما تعنيه في واقع الأمر».

إن من بين الأسئلة المطروحة المتبقية ما إذا كانت إسرائيل ستلتزم رسميًا بوقف ضم أجزاء من الضفة الغربية. ساهمت تهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالمضي قدمًا في السيطرة على الأراضي المتنازع عليها في تسريع الصفقة؛ إذ عرضت الإمارات اعترافًا دبلوماسيًا مقابل التخلي عن الضم، على الأقل في الوقت الحالي.

وقال نتنياهو في حفل البيت الأبيض: «هذا اليوم هو محور التاريخ، ويبشر بفجر جديد للسلام».

و لا تزال هناك تساؤلات أخرى عالقة، مثل الدرجة التي لعب بها طلب الإمارات لطائرات الجيل القادم الأمريكية من طراز إف-35 دورًا في استعدادها للتوقيع على الاتفاق، وما الذي وعدت به الولايات المتحدة، ووافقت عليه إسرائيل، من أجل تنفيذ الاتفاق. ولا تشير الاتفاقيات إلى مبيعات الأسلحة، إذ رفضت إسرائيل في وقت سابق السماح لدول مثل الإمارات بامتلاك الطائرة المقاتلة المتقدمة خشية تآكل تفوقها العسكري في المنطقة.

عدو مشترك

تشير الاتفاقيات إلى تحول في سياسة الشرق الأوسط؛ فقد نتجت جزئيًّا عن توافق بين الدول الموقعة مفاده أن الشاغل الأساسي في المنطقة لم يعد القضية الفلسطينية، بل التهديد الذي تُشَكله إيران.

توحدت دول الخليج وإسرائيل في معارضتها لقرار إدارة أوباما بالتوقيع على اتفاق في عام 2015 يرفع العقوبات عن إيران مقابل الحد من البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية. وهللت دول الخليج لقرار ترامب بعد ثلاث سنوات بالتخلي عن الصفقة وبدء حملة عقوبات «الضغط الأقصى» ضد طهران.

ويقول حاييم تومر، المسؤول البارز الأسبق في جهاز الموساد الإسرائيلي والذي تولى قيادة الاستخبارات والعمليات الخارجية: «كانت الرغبة موجودة، وكان التعاون في تطور مستمر تحت الطاولة»، مضيفًا أن «المصالح موجودة لسنوات عديدة، ولكن الإعلان خرج إلى النور بسبب ضغوط ترامب بالتأكيد».

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، وفقًا للكاتب، هو ما إذا كانت الوحدة المعلنة حديثًا سوف تردع إيران أم أنها سوف تقودها إلى التعجيل ببرنامجها النووي، الأمر الذي قد يؤدي إلى إثارة قدر أكبر من التوتر في المنطقة. ومنذ أن انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، بدأت إيران في تخزين اليورانيوم المخصب بما يتجاوز المستويات المنصوص عليها في الاتفاق.

كذلك سلط حفل الثلاثاء الضوء على المدى الذي وصلت إليه جميع الأطراف ومدى تغير ديناميكيات المنطقة، ففي غضون دقائق، كانت شرفة ترومان في البيت الأبيض منبرًا لخطب باللغات الإنجليزية والعبرية والعربية، حيث تحدث مسؤولون كبار من دول كانت حتى تلك اللحظة تنكر رسميًّا حق إسرائيل في الوجود، قائلين إن الوقت حان للتعايش.

المضمون الحقيقي

إن تلك الاتفاقيات هي الأولى من نوعها منذ أكثر من ربع قرن، منذ أن وقع الأردن اتفاقية سلام مع إسرائيل، أيضًا في البيت الأبيض، في عام 1994. وكانت الدولة الأخرى الوحيدة التي قامت بتلك الخطوة هي مصر، قبل عقدين من ذلك التاريخ. وفي حين لم تؤد هذه الاتفاقيات إلى تفاعل فعلي كبير مع إسرائيل، فإن الأمل هذه المرة معقود في أن تنخرط الإمارات والبحرين في تبادلات تجارية وغيرها من التبادلات المهمة.

وتوقع روبرت ساتلوف، المدير التنفيذي لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أننا «سوف نشهد دَفعة كبرى لغرس مضمون حقيقي للاتفاق في وقت مبكر»، لافتًا إلى أن «نطاق مجالات التعاون المحتملة، تقنيًا واقتصاديًا وتعليميًا، هي من نوعية الأمور التي كانت مأمولة ومحددة في معاهدتي السلام المصرية والأردنية اللتين لم تطورها الأطراف المعنية فعليًا».

ومن الواضح أنها كانت لحظة مجد بالنسبة لترامب، التي تأتي قبل أقل من 50 يومًا من الانتخابات الأمريكية. وقد كال نتنياهو ووزراء خارجية البحرين والإمارات المديح للرئيس الأمريكي، ووصوفوه بـ«صديقنا العزيز»، قائلين إن الولايات المتحدة تظل «منارة في التاريخ البشري لكل الشعوب المحبة للسلام في مختلف أنحاء العالم».

لم تكن تلك المشاعر على النحو ذاته بالنسبة للأطراف الأخرى. فقد أكد القادة الفلسطينيون مجددًا استنكارهم السابق للاتفاقيات مع إسرائيل باعتبارها خيانة للقضية الفلسطينية. وأصدر مكتب الرئيس محمود عباس بيانًا يوم الأحد قال فيه: «لن يتحقق السلام أو الأمن أو الاستقرار لأي من شعوب المنطقة، من دون إنهاء الاحتلال ونيل الشعب الفلسطيني حقوقه الكاملة كما نصت عليها قرارات الشرعية الدولية».

كان هناك حدث رمزي مماثل ولكنه أكثر خطورة وقع في الوقت الذي كانت تجري فيه مراسم التوقيع في البيت الأبيض؛ فقد أُطلقت الصواريخ على إسرائيل حول مدينة عسقلان، الأمر الذي يؤكد على أن الطريق إلى السلام الحقيقي في المنطقة لا يزال طويلًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى