ترجمات أجنبية

بلومبرج – السعودية وقطر بالقرب من صفقة بوساطة أمريكية لإنهاء الخلاف

وكالة بلومبرج – بقلم فيونا ماكدونالد و ماثيو مارتن – 2/12/2020

 المصالحة بين السعودية وقطر التي باتت وشيكة في إطار صفقة بوساطة أمريكية لإنهاء المُقاطعَة التي طال أمدها بين الجارتين الخليجيتين. وتقول المصادر إن الاتفاق المبدئي سيؤدي إلى فتح الحدود الجوية والبرية بينهما لكن المصالحة لا تشمل أطرافًا أخرى في الخلاف، وتحديدًا الإمارات والبحرين ومصر.

ثلاثة أشخاص على دراية بالمحادثات الدائرة بين السعودية وقطر، قالوا إن البلدين يقتربان من إبرام اتفاق مبدئي لإنهاء خلاف طال أمده منذ أكثر من ثلاث سنوات، ويأتي ذلك بتوجه من جانب إدارة ترامب التي تسعى لتحقيق انتصارات في السياسة الخارجية خلال أيامها الأخيرة في البيت الأبيض.

الاتفاق المبدئي لا يشمل الدول العربية الثلاث الأخرى التي قطعتْ أيضًا العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع قطر في شهر يونيو (حزيران) عام 2017 – وهي الإمارات والبحرين ومصر. وقال شخص رابع إن التوصل إلى مواءمة للعلاقات على نطاق أوسع ما زال مُستبعدًا نظرًا لأن قضايا الخلاف الأساسية، مثل علاقات الدوحة بطهران، لا تزال دون حل.

هذه الانفراجة المحتملة تأتي بعد شهور من الدبلوماسية المكثفة التي توسَّطت فيها الكويت، وبلغت مرحلة جني الثماربدفعة أخيرة من صهر الرئيس دونالد ترامب ومبعوث الشرق الأوسط جاريد كوشنر، الذي زار الخليج هذا الأسبوع. ومن المرجح أن يشمل التقارب إعادة فتح المجال الجوي والحدود البرية وإنهاء حرب المعلومات التي شنَّتها قطر والسعودية ضد بعضهما البعض، وخطوات أخرى لبناء الثقة باعتبار ذلك جزءًا من خطة مفصلة لإعادة بناء العلاقات تدريجيًّا، حسبما قال اثنان من مصادرنا.

وقد شكَّلت السعودية والإمارات القوة الدافعة وراء المقاطعة، التي قسَّمت أكبر منطقة منتجة للنفط في العالم، وغيَّرت مسار الحركة الجوية وعطَّلت التجارة والأعمال. وقال دبلوماسيون ومحللون إن الإمارات كانت أكثر إحجامًا عن إصلاح علاقاتها مع قطر، مفضلة التركيز على بناء علاقاتها الناشئة مع إسرائيل مع تجنب أي تصعيد مع إيران.

في المقابل، تشعر السعودية بالقلق من أن تكون الضغوط التي ستمارِسها إدارة بايدن القادمة على جمهورية إيران الإسلامية أقل من تلك التي كانت تمارِسها إدارة ترامب، مما يجعل منشآت النفطية السعودية أكثر عرضة للخطر، كما قالوا، ويضع السعودية في خلاف على نحو متزايد مع حليفتها بشأن سياسة أوبك.

وتَمثَّل الدافع وراء إعادة تقييم الأمور في الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن تفشي جائحة فيروس كورونا المُستجد، وفشل ترامب في توفير غطاء عسكري بعد الهجوم الذي وقع العام الماضي على مجمع رئيس لمعالجة النفط الخام في عمق الأراضي السعودية.

وفي هذا الصدد، يقول كريستيان أولريتشسن، الباحث في شؤون الشرق الأوسط في معهد بيكر للسياسة العامة التابع لجامعة رايس، «إن صدمة الهجمات وعدم وجود رد أمريكي واضح عليها أدَّى إلى إعادة تقييم طال انتظارها مفادها أن التهديد الحقيقي للأمن السعودي لم يأتِ من الدوحة بل من جهات فاعلة أخرى في المنطقة».

الدول المُقاطِعَة اتَّهمت قطر بتمويل الجماعات المتشددة والعمل على تقويض المحاولات الإقليمية لعزل إيران التي يخشون من طموحاتها الإقليمية والنووية. لكن الحظر الذي فرضته تلك الدول على قطر لم يُلحِق أضرارًا كافية بالدوحة ولم ينجح في تركِيعها. وأنفقت الدولة الخليجية الصغيرة الغنية بالغاز الطبيعي، والتي تدعم الحركات السياسية الإسلامية لكنها تنكر رعايتها للإرهاب، كثيرًا من أموالها لتخفيف آثار الضربة الاقتصادية، وفي الوقت ذاته تواصلت مع تركيا ودول أخرى خارج الخليج لتوسيع خياراتها التجارية.

وأطلق ترامب عملية المصالحة على نحو غير مباشر من خلال حملة من العقوبات المؤلمة التي كان من المفترض أن تجبر إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات، ولكنها بدلًا من ذلك أطلقت (أي إيران) سلسلة من الهجمات التي أثارت المخاوف من انزلاق المنطقة إلى صراع ربما يهز أسواق النفط ويدمِّر اقتصاداتها. وعليه، بدأت جهود التقارب، التي لم تحرز تقدمًا يذكر في السابق، بوتيرة أسرع وأكثر اهتمامًا بعد أن تسبب انطلاق هجوم صاروخي وآخر بطائرة مسيرة في شهر سبتمبر (أيلول) عام 2019 في تعطيل نصف إنتاج السعودية من النفط الخام لمدة وجيزة وأضر بأسعار النفط الخام.

فشل واشنطن في الانتقام عسكريًّا من إيران، الجاني المشتبه به، مما أرسل إلى دول الخليج رسالة مفادها أنها لا تستطيع الاعتماد على الولايات المتحدة لحماية أراضيها. ولطالما أراد ترامب إنهاء الخلاف بين السعودية وقطر وكان يتسابق لتعزيز سياسة «أقصى ضغط» التي ينتهجها ضد إيران قبل أن يغادر البيت الأبيض، ما يجعل الأمر شائكًا بالنسبة لبايدن ويُصعِّب عليه الحل قدر الإمكان. وقبل أسابيع فقط من الانتخابات الرئاسية، توسَّطت الولايات المتحدة في صفقات تطبيع بين إسرائيل والإمارات والبحرين.

في الوقت الذي بدأت فيه السعودية في رأب الصدع مع قطر، تكشف الاتفاقية الناشئة عن وجود توترات متزايدة بين السعودية وأقرب حليف إقليمي لها؛ الإمارات. وبدأت الخلافات في السياسة الخارجية تطفو على السطح في الأشهر الأخيرة بسبب الحرب التي تقودها السعودية في اليمن، وكذلك تورط الإمارات في صراعات تمتد من ليبيا إلى القرن الأفريقي.

يقول شفيق الغبرا، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت، إنه «على الرغم من أن السعودية وقطر ربما أنهتا الأعمال العدائية الدبلوماسية المفتوحة بينهما، فإن المخاوف وتحوُّلات السياسة الخارجية التي أحدثتها الأزمة لن تختفي بين عشية وضحاها، عندما تُطبِّع الدول العلاقات، فهذا لا يعني أنها ستبني الثقة، لأن هذا يستغرق وقتًا أطول، وسيكون من الصعب جدًّا على قطر أن تتخلى عن حذرها». وتابع قائلًا إن: «جميع خطوط الاتصال وجميع العلاقات التي أقيمت خلال مدة الحصار ذات طبيعة استراتيجية، ومن الطبيعي أن تواصل قطر علاقاتها التي توطدت منذ الحصار.

**نشر هذا المقال تحت عنوان  :  

Saudi Arabia, Qatar Near U.S.-Brokered Deal to End Lengthy Rift

الكاتب  Fiona MacDonald and Matthew Martin

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى