أقلام وأراء

بكر ابو بكر يكتب  – ولقد نعلم أنك يضيق صدرك ..!

بكر ابو بكر – 1/9/2021

{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ} * {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِّنَ ٱلسَّاجِدِينَ} * {وَٱعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ ٱلْيَقِينُ}-97-99 الحجر.

كلنا تمر به الأيام حبلى، فيخالط فرحها وإقبالها كل من القلق أو الحزن أوالقلق أو الغضب أو الأفكار السلبية، والألم، أو الكآبة…الخ، لظرف او ظروف مختلفة، والبعض ينسحق تحت وطأة أحزانه وفشله وانحداره، أما الآخر فيعمل على التخلص منه بفهمه، وفهم ذاته عقليا ونفسيا وروحيا، واللجوء لعديد التقنيات القادرة على التخلص من ضيق الصدر هذا ما يحقق الطمأنينة والهدوء (النفس المطمئنة)، وما يحقق التوازن ما هو حقيقة السعي للمرور في الدار المؤقتة وصولًا لدار السعادة الكبرى.

(وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۖ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (هود108))

وفي السورة الكريمة عن ضيق صدر أكرم الناس التي نفتتح بها هذا المقال تسلية للرسول عليه السلام ولكل من يعاني من المضايقات او الاحزان في تقنية ربانية عميقة ومجربة.

كان المشركون يستهزئون بالرسول وبالدعوة، ويسخرون من سور القرآن الكريم مثل: سورة البقرة سورة النحل سورة الفيل سورة العنكبوت (حسب تفسير الإمام البغوي).

 ويقول الإمام ابن عاشور: وليس المخاطَب (أي الرسول عليه السلام) ممن يداخله الشكّ في خبر الله تعالى، ولكن التحقيق كناية عن الاهتمام بالمخبر وأنه بمحل العناية من الله. وكان الارشاد الالهي في رباعية جميلة: بالتسبيح والتحميد والسجود والعبادة.

 وفي التفسير الكبير شرح جميل للآيات إذ يقول شيخ الاسلام فخر الدين الرازي :قال العارفون المحققون: إذا اشتغل الإنسان بهذه الأنواع من العبادات انكشفت له أضواء عالم الربوبية ، ومتى حصل ذلك الانكشاف صارت الدنيا بالكلية حقيرة، وإذا صارت حقيرة خف على القلب فقدانها ووجدانها، فلا يستوحش من فقدانها ولا يستريح بوجدانها، وعند ذلك يزول الحزن والغم . وقالت المعتزلة : من اعتقد تنزيه الله تعالى عن القبائح سهل عليه تحمل المشاق ، فإنه يعلم أنه عدل منزه عن إنزال المشاق به من غير غرض ولا فائدة ، فحينئذ يطيب قلبه ، وقال أهل السنة : إذا نزل بالعبد بعض المكاره فزع إلى الطاعات كأنه يقول: تجب علي عبادتك سواء أعطيتني الخيرات أوألقيتني في المكروهات، وقوله: (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) يريد الموت وسمي الموت باليقين ; لأنه أمر متيقن .

وفي جمالية التصوير القرآني للضيق النفسي والحزن الشديد (ضيق الصدر) تصوير حقيقي مادي، إذ ينقبض الصدر فيزيائيا، حيث أنضيق الصدركناية عن الحزن والالم كما يشرح الشيخ الشعراوي: أن يقل الهواء الداخل عبر عملية التنفس إلى الرئتين؛ فمن هذا الهواء تستخلص الرئتان الأوكسجين؛ وتطرد ثاني أوكسيد الكربون؛ ويعمل الأكسجين على أن يؤكسد الغذاء لينتج الطاقة؛ فإن ضاق الصدر صارت الطاقة قليلة.

ويضيف الشعراوي: والمثل يتضح لمن يصعدون السلم العالي لأي منزل أو أي مكان؛ ويجدون أنفسهم ينهجون؛ والسبب في هذا النهج هو أن الرئة تريد أن تسرع بالتقاط كمية الهواء أكبر من تلك التي تصل إليها ، فيعمل القلب بشدة أكثر كي يتيح للرئة أن تسحب كمية أكبر من الهواء .

ويسترسل بقوله: أما من يكون صدره واسعا فهو يسحب ما شاء من الهواء الذي يتيح للرئة أن تأخذ الكمية التي تحتاجها من الهواء ، فلا ينهج صاحب الصدر الواسع .

فكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كان يكذبه أحد ، أو يستهزيء به أحد كان يضيق صدره فتضيق كمية الهواء اللازمة للحركة؛ ولذلك يطمئنه الحق سبحانه أن مدده له لا ينتهي .

وأنت تلحظ عملية ضيق الصدر في نفسك حين يضايقك أحد فتثور عليه؛ فيقول لك : لماذا يضيق صدرك؟ وسع صدرك قليلا .

والحق سبحانه يقول في موقع آخر:{فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام} [الأنعام : 125 ] .أي : يوسع صدره، وتزداد قدرته على فهم المعاني التي جاء بها الدين الحنيف.ويقول أيضا: {ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السمآء} [الأنعام : 125] .

وهنا نجد أن الحق سبحانه يشرح عملية الصعود وكأن فيها مجاهدة ومكابدة، وهذا يخالف المسألة المعروفة بأنك إذا صعدت إلى أعلى وجدت الهواء اكثر نقاء.وقد ثبت أن الإنسان كلما صعد إلى أعلى في الفضاء فلن يجد هواء .

ويدل الحق سبحانه رسوله صلى الله عليه وسم على علاج لمسألة ضيق الصدر حين يحزنه أويؤلمه مكذب ، أو مستهزيء؛ فيقول سبحانه : { فسبح بحمد ربك . . }.

إن التمكن من الحصول على السعادة في الدنيا بأي من الاشكال المقبولة قد ياخذ المعاني المادية عند الكثيرينن ولكنها في الأصل النفسي والروحي مكمن حقيقتها حيث الامكانية للتخلص من فعل الضيق والاحزانن وغن كان لنا من إشارات قرآنية نفسية الكثير فلنا الى ما سبق في التفكر والتامل ولنتفكر

#الله_اكبر

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى