أقلام وأراء

بكر ابو بكر يكتب – هم لا يعرفون فتح!

بقلم بكر ابو بكر – فلسطين 30-6-2021

منذ البداية لم تكن الثورة الفلسطينية لتنطلق بسهولة، بل خاضت نضالا فكريًا ونضالا مفاهيميا في الوسط المحيط لتخرج من عباءة سيطرة التنظيمات ذات الأفكار الشمولية، أي تلك الافكار الديكتاتورية العالمية التي ترى أنها تمتلك كل مفاتيح الحل بجيبها! فلا تقبل أي جديد من الأفكار لذا صرخت تلك التنظيمات الأيديولوجية (العقدية) في وجه كل جديد، ومازال الصراخ من كثير فيها حتى اليوم، وهي تترقب الإرث، انتبهوا: ولن تناله.

منذ البداية وما لم يتغير حتى اليوم أن الثورة الفلسطينية والمقاومة الفلسطينية التي مثلتها حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح تعبرتها الجماهير الفلسطينية كما اعتبرها الثوارالعرب والأجانب بيئة نشطة لنقض الأفكار المعلبة، والافكار الشمولية والافكار الديكتاتورية الاستبدادية.

في ظل النضال الفكري العملاني والنضال الميداني قفزت فتح فوق أعناق كل التنظيمات واستطاعت أن تنقض الفكر الشمولي، والى ذلك حرّمت منذ اليوم الاول سياسة الاتهام الموصومة ب(التخوين والتكفير والتحقير) وهي السياسة التي لا تنفك الشموليات عن ممارستها ضد فتح حتى اليوم، دون أن تتعلم هذه الفصائل!

فتح بيئة نشطة لمقاومة الشمولية، لذا نشأت فيها التيارات ومازالت حتى اليوم. 

فتح بيئة مفتوحة الصدر مرحابة واسعة لم تدعي يوما أنها تمتلك كل مفاتيح الحل، وأنى لها ذلك؟  هي افترضت التماهي مع كل فئات الشعب الذي كانت شبيهة به، وما زلنا نريد لمثل هذا الشبه ألا يتناقص كما قال عنها الراحل الكبير آية الله هاني فحص.

منذ البداية حققت فتح نصرها على الذات الأنوية، والذات الحزبية، فأسقطت الأسماء حتى في استخدامها للأسماء الحركية لأن القضية كانت أكبر، هي تريد القمرفقط أي فلسطين، وهو ما نريده أن يظل اليوم هكذا، أي أن تظل القضية المركزية هي الأكبر، وليس الشخوص فينا حيث نجد في فتح الكالح والمالح والفالح.

خروج حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح من كل المنعطفات والأزمات والكوارث كان بطريقة أو طرق صعبة، واحيانًا بعملية قيصرية، فالصراع فينا لا يتوقف.

وما ذلك الخروج من المآزق لعظمة قادتها، وإنما لوعي جماهيرها أولا. 

وليس لجمال قادتها أو صوابيتهم الدائمة، وإنما لقدرتهم على اتخاذ الموقف الصائب في اللحظات الحرجة.

 ولك أن ترى ذلك في كل المنعطفات.

هم لا يعرفون فتح ويظنون أنهم بالضغط على رِجلِها أو يدها ستتألم وتصرخ لكنها تعذر وتسامح.

 ثم يضغطون على صدرها بالدفع ومحاولة الإسقاط فلا يتلقون الا الاحتضان فيستغربون كثيرا!  هم لا يعرفونها جيدًا لأنهم يظنونها آيلة للسقوط! 

وكيف ذلك، وكل من خرج من فتح يتمنى العودة لها اليوم قبل الغد، وله كل الحق! وسنساعده بذلك.

لم يتحرج الخالد ياسرعرفات ومثيله الفذ صلاح خلف من الاعتذار، فكل ابن آدم خطاء وخيرالخطائين التوابون كما قال سيد الخلق، ونحن مع سيد الخلق.

بعد أحداث القدس وهبّتها الرمضانية والعدوان على غزة 2021 والأحداث المتفجرة الاخيرة البعيدة كل البعد عن السبب الرئيس افترض البعض أنهم يتجهون لاسقاط فتح! ولم يدركوا أن الشعب الفلسطيني لا يسقط.

 لم يفهموا أن بحرالجماهير هو في بيئة فتح حتى لاتميز بين منبع النهر ومصبه. 

حكمة الجماهير الجماعية هي التي تقضي على أصحاب المآرب، وهي التي تفصل وهي التي تتصدى في الجوائح لنصرة نفسها أي لنصرة فتحها.

نحن أول من انتقد ذاته علنًا، أو انتقدنا أنفسنا في حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح، ولمن عميت عيونه عن الشاشة أو الكتاب أن يقرأ ما كتبته أنا شخصيًا، أو ما كتبه أمثالي من كُتّاب وصحفيي ومفكري ومثقفي وأدباء وحكماء الحركة الكثُر في نقد بل في جلد الحركة، وفي تحميلها عديد المثالب.

قد نكون محقين فيما قلنا أو بعضه ضد بعض المواقف بحركتنا، أو قد نكون مسرفين في النقد في جوانب أخرى.

نحن لانتواني ولانخشى قول كلمة الحق، باتزان، على عكس الحال في تنظيمات الشمولية الباغية، وعند شلل الفوضى المناهضة للديمقراطية، وعلى عكس ما هو الامر عند “الرعاع أتباع كل ناعق” كما أسماهم الصحابي الجليل علي بن أبي طالب، وجلّهم من “الفيسبوكيين” هذا الزمان.

هكذا هي فتح البيئة الرحبة، التي يخشونها ولا يعرفونها. فتح هي الحاضنة والبيئة النشطة التي تتقبل التعددية في ظل الالتزام بفلسطين وليس بالشخوص أبدًا، لأنها بنت فلسطين ولأنها والشعب الفلسطيني متماهيان.

متى انقبض صدرفتح من النقد، فقست ثم تجبرت فلقد أخطأت كثيرًا، وهي فعليًا اخطأت بزوايا كثيرة تعرضنا لها، وعليها العودة عن ذلك لتكون هي ذاتها.

في فتح حين الأزمات ينقلب الجمهور كله ليساند نفسه، فيساندها، لأنها تمثل حقيقة الأبوة والبنوة وحقيقة المحبة الطاغية والاستيعاب والتماهي والبهاء.

نقول ل”اتباع كل ناعق” أن لاتراهنوا على الأمة أن تكون الى جانبكم، فسيخيب رجاؤكم! لأن الشعب والأمة يقف الى جانب من يُحبه ومن يشبهه، والى جانب من يعطي الزكاة والصدقات والمساعدات لكل محتاج وليس لابن الفصيل الحزبي.

نعم ذكرنا طويلا وفي مقالات عدة وفي ندوات كثيرة وأمام القيادة أن طبيعة فتح المرحابة تكاد تختفي مع وجود النباتات المتسلقة او الطفيليات الطافية على سطحها، ومع نمو الاستبداد لدى البطانة أو القلة ما لقي القبول أحيانا والإعراض عنّا في أحيان اخرى، ولكننا مازلنا في ذات البيئة القابلة نقارع ونصارع.

نعم بدأت فتح تفقد بعض بريقها، وهي ليس كما البدايات أو في مراحل انقضت، لأن رائحة البعض الفاسد المحسوب على الحركة بدأت تزكم الأنوف، وكثرت الأخطاء والخطايا التي تُحمّل على ظهر فتح وهي لا تمثلها حقًا، وبالمقابل تأخرت الحركة في محاسبة أوإقصاء أو تحييد المسيء ما كان الأوجب أن تفعله، ووجب عليها أن تفعله بالمؤتمر القادم (نظاميا نهاية هذا العام)، وفي إعادة بلورة المسار الانتخابي الوطني الوحدوي، وضمن البرنامج النضالي الوطني الشمولي.

نعم قد تكون فتح تاهت بين دهاليز السياسية والخيارات، وقد يكون تاه منها الأبعاض في التقلب بنعيم الحكومة الذاتية (السلطة الوطنية) ليمثلوا أنفسهم ورغباتهم، وليس نهج حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح وبيئتها، فأسقط الناس ممارسات هؤلاء الخاطئين على مجمل الحركة ما هو مخالف للموضوعية، ولحقيقة البيئة الفتحوية البهية.

نعم نحن الخُطاة، ونحن العُراة أمام شعبنا، ونحن حمالين الدم، ونحن الخدم لهذه الأمة، ونحن من يُقبّل أقدام هذا الشعب بكل عشق للوطن، قمرنا.

 نحن أول المقاومين كما بدا اليوم جليًا ولا فخرُ-مقابل الشموليين و”أتباع كل ناعق”- في بلدة بيتا الصامدة وسلوان والقدس وديراستيا وكفرقدوم وبيت دجن والراس بسلفيت كما تمركزأبوجهاد العالول وكل الكوادر وإلا فلا، نحن نكون نحن حين نقاوم.

والى كل ذلك البهاء الفتحوي الجماهيري المقاوم المتفجر أبدًا، نظل المتاخرين دومًا عن التقدم الميداني لشعبنا المعطاء أبدًا، الذي يعلمنا الكثير وعلينا التعلم منه دومًا.

هذه هي فتح التي لا يعرفونها، إذ تعترف دومًا باخطائها، وإن تأخرت، وتتحرر من كثير من الشوائب التي اعترتها، ولكنها بكليتها -وليس بفرد فيها مهما علا شأنه- سرعان ما تنتبه لصوتها هي أي لصوت الناس فتتجدد.

هم أو أنتم لا تعرفون فتح، أنتم خاطئون فلا تختبروها لأنها-بكليتها- لا تنتصر لشخص أبدًا -مهما بدا لكم غير ذلك- وإنما تنتصرلفلسطين، وللبيئة غير الضيقة، وللرحابة والسِعة، وتنتصر لذاتها أي لشعبها فلا تتأملوا السقوط لحركة بلون التراب، وهي رداء كل فلسطيني، إنها بهاء فلسطين ومعنى الصعود عندما يكون القمر هو مبتغانا.

https://bakerabubaker.info/page-2315.html

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى