أقلام وأراء

بكر ابو بكر يكتب – بين اعادة البناء والاستنهاض

بكر ابو بكر ٢٠-١٠-٢٠١٨

يقوم المهندس بالبناء بدءا بالتخطيط من أعلى الى اسفل حيث تصميم المبنى وصولا للتنفيذ من أسفل الى أعلى.
هكذا هو الحال مع المهندس، وفي التنظيم السياسي فإن البناء التنظيمي ان قصد به أن نبدأ بالتخطيط فله مساره من اعلى وله مسارآخر هو التخطيط بالمشاركة اي بادخال الكوادر ضمن الأطر في وضع الخطة العامة ثم التنفيذ.
البناء عملية تراكمية تعتمد على الجهود المنظمة المتناغمة الملتزمة عبر الزمن، وليست عملية منقطعة الجذور.
بمعنى ان تنفيذ الخطة يبدأ من قاعدة البناء حيث التحديد ثم الحفر والصب (التهديف ثم التنقيب والاستقطاب بالتنظيم).
في الهندسة المدنية قد تبدأ من الصفر بأن تدمر مبنى متهالك وتقيم مكانه آخر وبمواصفات جديدة.
لكن “اعادة البناء” في التنظيم السياسي هي فرضية انهيار او فرضية فساد أتلف كل الابعاد، او هي فرضية عدم صلاحية الموجود وبالتالي هدمه وإقامة مبنى جديد وهو تماما ما تطالب فيه التنظيمات الايديولوجية الاقصائية في حديثها المتكرر عن وراثة منظمة التحرير الفلسطينية.
في حركة فتح فان البناء قائم،أعجبنا أم لم يعجبنا، في أبعاده الخمسة اي في: الكتلة البشرية التنظيمية، وفي الأطر او الهياكل الجامعة، وفي الآلية الادارية/القيادية، وفي صلاحية الفكرة وديمومتها، وخامسا في امكانية التجدد والتطور ما هو منهج وسياسة واستراتيجية.
لذا ففي ظل ان البناء الحركي قائم فإن ضرورة تطويره او استحداث مفاعيل جديدة فيه او تنميته في اي من أبعاده الخمسة تصبح عملية ضرورية ومستمرة.
التجديد والاستنهاض ضرورة دائمة مرتبطة بثنائية النقد الذاتي والابداع، كلما تراخى الاعضاء او تكلست الأطر او انسدت قنوات الاتصال الرأسية او احتجنا للتجديد في الفكرة في سياق امتلاكنا لفكر المبادرة والابداع والتجدد.
نحن لا نعيد البناء، فلقد شيدته سواعد الشهداء والاسرى والجرحى،ومن بنى حركة فتح حجرا حجرا هم القادة المؤسسين الكبار من ابي عمار وابي اياد وابي جهاد وابي ماهر وابي مازن وابي الوليد وابي يوسف النجار وابي صبري وابي الاديب وابولطف…الخ، فأصبح صرحا قائما نفتخر به.
أما ان يصاب البناء بالتكلس او السخام الأسود أو غيره من الأمراض في أي من أبعاده الخمسة فنحن هنا بحاجة لحسن الفهم وللتجدد.
نعم لدينا قصور وامراض ونحن بحاجة لتبييض حوائط مبنانا كما يفعلون في باريس بالمباني الأصيلة مثلا، فلا يهدمونها بل يعيدون لها البهاء ويقوّون أسسها.
نعم نحن دوما بحاجة للاستنهاض والتغيير كما دأب يردد هاني الحسن وعثمان أبوغربية في كل مفاصل اعادة الحياة للشرايين عبر ضخ الدماء الشابة للجسد او عبر الحوار او عبر تنشيط العلاقة القيادية القاعدية والمتابعة او عبر وضع جديد الخطط او بتفعيل النظام.
ان منظومة الاستنهاض والتجدد ترفض النظر للمريض انه بصدد الموت فتتوقف عن اسعافه او انقاذه ضمن فرضية انه ميت ميت فيجب ان نستبدله بغيره.
ان فرضية اعادة بناء كامل الجسد الحي هي فرضية لم تنجح علميا حتى الآن، ولن تنجح في حركة فتح فنحن أحياء وان أصابنا المرض.
المنطق الفاسد هو منطق اليائس والمحبط الذي يقول ان كل اجهزة الجسد توقفت عن الفعل وما نحن الا بواقع تكبيله بالاجهزة الاصطناعية التي قد لا تفيده طويلا، فيجب الا نتركه طويلا في غرفة الانعاش!فليس له الا ان نعجل بموته الرحيم!
التجديد والاستنهاض منظومة تفترض ان الصرح على ما يعتوره من قصور في أي من أبعاده فهو قابل للنهوض، نعم، كما يكبو الأسد أو الجواد أحيانا وسرعان ما ينهض، او كما ينبو السيف ولكنه يعود صارما، لذا وجب البدء باستنهاضه من الذات.
وجب استنهاضه من الأنا والمجموع حيث تعميق الايمان بعنصري الثبات الاساسيين في حركة فتح وهما الايمان بالله والنصر وثانيا بالتضحية.
ومن هنا وجب الاستنهاض للجسد الذي حتى لو أصابه السرطان فان الطب الحديث ونظريات التنظيم الحديثة قادرة على التخلص من هذا الداء وبث الحياة المتجددة بالنهر.
ان نهر حركة فتح سيظل يتدفق نهضوية باسهامات اعضائه جميعا وفكرة فلسطين الخالدة فيه ونسيج الفعل الذي لا ينقصف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى