أقلام وأراءدراسات وتقارير خاصة بالمركز

بكر أبوبكر يكتب – هل فهمت حركة فتح وحماس المعادلة؟

بكر أبوبكر – 30/11/2019

هل من الممكن أن نقول أن قطار التغييرالسياسي قد أقلعفي فلسطين؟ وأن مسار الانتخابات قد ينجح في تغيير المشهد السياسي الجامد لفترة طويلة؟ تساؤل مشروع ورغبة جماهيرية واضحة.

فحيث نجد مجموعة من العلامات والمؤشرات على التغيير القادم، وبنفسٍ تفاؤلي يؤمن بالجماهير، فإننا نجد بالاتجاه الآخر من يشكك بامكانية التخلي عن السلطة، سواء تلك المنتزعة في غزة بقوة نتيجة الانقلاب الدموي عام 2007 أو عن السلطة في الضفة.

ومعنى هذا التحليل الثاني هو أن الخصمين-إن جاز التعبير مع الفوارق- لن يتصالحا الا بأن يقضي أحدهما على الآخر بالضربة القاضية! وهذا ما لن نقلبه ولن يحصل، لأننا نرفضه ولأن الذين يشدّون أوتار أقواسهم ليطلقوها على صدر الآخرين سيبوءون بالفشل، بإذن الله فالشعب أوعى منهم.

لا مناص ولا جدل بضرورة أن نتقبل بعضنا البعض،كفلسطينيين بل وكأمة، فلدينا من الجوامع المشتركة الكثير. ومن حقنا أن نختلف، ولنا تجربة في حركة فتح داخلية من جهة مع كافة التيارات، وخارجية مع الفصائل المختلفة، وسارت المركب وقضت على عديد من محطات الفشل أو النكوص.

لست واثقا أن الجمود العقلاني الذي يغلّف عقل البعض في حماس سيتفوق على فكرة اللقاء مع المختلف دون اتهام مكرور له بالتفريط أو الكفر أو التنازل ما هي سمة المؤدلجين.

مشينا مشوارا طويلا كانت تسيل فيه الدماء الغزيرة بين الاخوان، وهو ما لن يغفره التاريخ أبدا لحركة حماس أو لنقل للمتشددين الأيديولوجيين فيها الذين أخذتهم العزة بالإثم حينها، ولكنه في الاتجاه المقابل ما لم يكن الغفران والتسامح هو منهجنا دون نسيان الماضي وعدم تكراره من خلال فرض القوانين ومواثيق الشرف فإن السعي الحثيث لتجاوز الجراح استمر حتى الآن لفترة طويلة أي منذ الانقلاب وهي فترة حتى في عُرف العرب كبيرة.

دون الخوض مجدّدا في متاهة من أفشل مسلسل الاتفاقيات والمحددات والمستدركات المختلفة، فإننا نرى تغييرا بالأفق ربما مع تنازع المحاور في المنطقة تلك التي تصامدت فعكست نفسها على حماس كما عكست نفسها على حركة “فتح. فالمعلوم أن الصدام بين محور ايران وحزب الله من جهة مع المحور الاخواني-التركي-القطري أصبح بيّنا الى الدرجة التي افترضت فيها حماس ضرورة الحسم فكان مع الثاني، في ظل استمرار السلطة في منهجها المتوازن بالتعامل مع كل الاطراف وإن بترجيح لكفة المحور العربي .

هل نستطيع القول أن حماس في الجولة الاخيرة وصولا للمرسوم الرئاسي بالانتخابات قد قدمت تنازلات؟وما المقابل الذي قدمته حركة فتح؟

لربما نذكر عدة أمور قد تُفهم أنها تنازلات هامة من حماس“من مثل اغلاق الفم عن ملف الموظفين في غزة،والتنازل عن تشكيل حكومة وحدة تسبق الانتخابات، كما التنازل عن الشرط التعجيزي بتزامن الانتخابات التشريعية والرئاسية والوطنية.

ولكن إن كان كل ذلك تنازلا هامًا من حماس يحسب لصالحها، فعن ماذا تنازلت حركة فتح ؟ من الممكن القول أن حركة فتح قد تنازلت بالمقابل عن دعوة وحدة السلاح والبندقية ضمن جيش موحد او إطار وطني ضابط لهذا السلاح في غزة والضفة، ولربما يمكننا أن نشتم رائحة تنازل عن السيطرة الميدانية على قطاع غزة لسبب التغييرات العميقة التي أحدثتها حماس الحاكمة بالقوة للقطاع،

وبغض النظر عن حجم التنازلات بين الطرفين فإنه في السياسية وبين الأخوة لا يكون التنازل عيبًا بل يكون تقديرا وميزة تحسب لهذا الطرف أو ذاك بمعنى أن الاتجاهات تبدأ بالتعامل مع القضية الوطنية ككل على حساب المصالح الضيقة من حزبية أو الشخصية المتعاظمة.

دعونا نفترض أن الطرفين قد تنازلا عن كثير من اشتراطاتهم بغض النظر عن حجم الخطأ اوالخطيئة التي ارتكبتها حماس بحق شعبنا الى الدرجة التي لا تمكّن الانسان الموضوعي أن يقول “طرفين”، ولكن أقول بغض النظر عن ذلك فإن فهم وفِقه المصالحة يعني بالتجاوز عن الخطيئة الى الأبد بعدم تكرارها مهما كانت الظروف.

وهنا يبرز التساؤل العميق هل نحن بالفعل انتقلنا من مربع الإقصاء الى مربع الشراكة؟

أقول بوضوح لا! لأننا مازلنا نرى التنظير من أحد الأطراف للانقلاب والانقسام بتكرار متعمد على تحصين ذاته وتنزيه فصيله على اعتبار اختصاصه دونًا عن غيره بالمقاومة! والآخر هو في مستنقع المساومة والتسوية! ما لا يستقيم مطلقا، في ظل أن المقاومة الدائرة حاليا (الشعبية) هي أصلا من نتاج المحور الموسوم بالمساومة.

وعليه فإن العقلية التعبوية الإقصائية مازالت قائمة،ولربما تجد مثلها لدى المنتفعين حول السلطة الوطنيةأيضا ما يجب أن ينتزعه الشعب انتزاعا من عقول هؤلاء أو يقصيهم.

إن لم يكن إقصاء ولا شراكة فإلى أين نحن سائرون؟

باعتقادي أننا سائرون الى توزيع أدوار قد يُحسن إدارته،وقد تُساء إدارته فإن أحسنت إدارته نستطيع أن نخوض اللعبة السياسية مع لعدو بمهارة. وان تحاول لتقاسم وظيفي نكون دخلنا في فخ العدو الذي أعلن نتياهو بلسانه بوضوح من أيام أنه يتوجب على الفلسطينيين أن يعترفوا بدولته اليهودية، وأنه لن تكون الضفة مثل غزة،وستظل تحت الاحتلال والسيطرة الامنية حتى نهر الاردن، فمن شاء أن يفهم ذلك أهلا وسهلا والا فلنا دوما اليد الطولى!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى