أقلام وأراءدراسات وتقارير خاصة بالمركز

بكر أبوبكر يكتب – نحن وحلاوة الدنيا ! 1 – 3

بكر أبوبكر  – 5/5/2021

كيف يكون الحالُ حين تخور القوى وتضعف الإرادة، وتتوقف الحوافزالذاتية عن الفعل؟

وكيف الحال حين يهتز من الأيمان ركنٌ، أو تدخل عوامل مختلفة لتُعلي من شأن التذمر والاهتزاز والكآبة وتثير التذبذب والكوابيس والشعور بالمرارة وافتقاد الحلاوة؟

وكيف هي الحياة عندما يُفقَد الطعم الحلو، فلا يتم التمييز بين الأمور، أو تصبح كلها متماثلة؟ أو تفقد بُعدها المعنوى؟

البُعد المعنوي للأشياء حيث الربط بين الشيء أو الحدث أو الشخص مع الذكرى والانطباع والديمومة للمعنى هو ما يعطي للشيء قيمته، طعمَه، بهاءَه، وحلاوَته.

الحياة الخالية من حوافزها الذاتية، وللبعض الخارجية، وذكرياتها المرتبطة وحُلم الانجاز أوأمل التجدد أو رغبة الانتصار تصبح عرجاء أو لعلك تراها حياة بشعة… لاتستحق!

لربما يصبح الربط قائما في كل شيء مع الموت أو النهاية، أو الفقدان أو اللامعنى… فتتداعى الذكريات والمعاني المرتبطة بالخُسران والانهيار والفناء!

بلاقيمة أو زكاوة أو طعم أو حلاوة هو الشكل الذي تكون عليه النفسية المصدومة أو المريضة جسدياً أو عصبيا أونفسياً، ولعل تواصل مثل هذه الحالة يعتمد على المسبّبات من جهة، وعلى الأثر الذي تتركه في قعر الذات… فلا قيمة ولارغبة، في أي شيء…. حتى في البقاء!

يكونُ الوضعُ مُربكًا نفسيًا حينما تتحول كافة الأشياء لأمر ثانوي وعديم القيمة، ولايبقى في الذاكرة من فرح الأيام الخوالي… إلا ذكريات مرة!

يتساءل المرءُ كيف الخروج من الحالة؟

فتأتيك الأجوبة الجاهزة بالصلاة والدعاء والايمان والاصرار والعزيمة والصبر والرضا…الخ، وكأنها وصفات جاهزة مكدّسة على رفوف، أو وصفات تُباع وتُشترى في سوق الخضار، على أهميتها الأكيدة، ولكن كيف الوصول للرف؟

يتساءل المرءُ كيف يحفّز ذاته، وكيف يشحن بطاريته (إرادته) وكيف يستعيد قيمة الأشياء والأفعال والذكريات لديه ليسعد؟

يقول تعالى: (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (هود108)) حيث تكون السعادة برحمة الله بإدخال المؤمن الجنة، ما لايعني الا عند المتشائمين أن لا سعادة بالدنيا! والحقيقة ان السعادة هنا بالدنيا، وبرحمة الله بالأخرة بدخول الجنة وشتان بين السعادتين ولكنهما سعادة.

الكاتب عبدالله الوهبي محاولأً تفسير الحالة المتكدرة يقول أننا نعيش: (بؤس الروتين والكدح المستمر من غير أفق لراحة مُرْضية، والتأرجح الدائم في (بندول شوبنهاور)[1] بين الضجر والملل، فنسعى للمرغوب، وحين نحصل عليه، ما نلبث إلا أن نملّ، ثم نعاود البحث عن مرغوب آخر، وهكذا في تأرجح أبدي).

الحواشي

[1]  يقول الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور في كتابه «العالم تمثلًا وإرادة:”تتأرجحُ الحياةُ كرقّاص السّاعة بين الألم والضّجر” ورغم تشاؤمه لا ينكر شوبنهاور وجود السعادة. لكنه يعتقد أننا مخطئون بشأن ماهيتها. بنظره، السعادة له ليست أكثر من عدم وجود الألم والمعاناة. لحظة الراحة التي نشعر بها أحيانا بين تحقيق رغبة والسعي وراء أخرى. يؤكد شوبنهاور الدور الأساسي للتذكر والتفكير بتوليد مشاعر السعادة. وكانت فلسفة الشاعر بيرم التونسي قريبة وتعكس واقعية وحياة  القسوة والمرارة التى عاشها مطاردا ولاجئا بين  بورسعيد والإسكندرية والقاهرة وفرنسا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى