أقلام وأراء

بكر أبوبكر يكتب نحن وحلاوة الدنيا! (الهدف والحافز)

بكر أبوبكر  – 7/5/2021

في حلاوة الحب وزكاوة الأشياء يقول زكي مبارك[1]:

إذا ضممتُك ثار الكونُ أجمعه**ثور الرياح بقلب البلبل الغَرِدِ

أخاف من جمرةٍ في الخدّ تفتنني**إني أعوذ بهذا الواحد الصمد

يقول عثمان بن عفان رضي الله عنه في الغاية والحب والاطمئنان: ((والله لو طهرت قلوبنا، ماشبعت من كلام ربنا))، والى ذلك (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) (الأحزاب/ 71)، وفي ذلك حلاوة وغاية وحب. ويقول تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}، ويقول {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.

ويقول نبينا الأكرم عليه السلام: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين). أي أن الحل بالحب بكافة أشكاله وأعلاها حب الله وحب الرسول صلى الله عليه وسلم وذاك غاية وهدف، وهذا مدخل لذاك والعكس بالعكس.

وفي الحب نقرأ الكثيرجدًّا، ومنه شعرًا

وحديثُها السحرُ الحلال لو أنه *** لم يجن قتل المسلم المتحرّز

إن طال لم تملل وإن هي أوجزت *** وَدّ المحدث أنها لم توجز!

ويقول الشاعر الكبير عمر الخيام منظرًا للحظة المعاشة

لا توحِشِ النَفْسَ بخوف الظُنونْ**واغنم من الحاضر أمن اليقينْ

فقد تَساوى في الثَرى راحلٌ غدًا**وماضٍ من أُلـوفِ السِنينْ

ويقول الشاعر العربي المصري محمود غنيم[2] داعيًا للتفكر والتأمل

لكأني بالسموات العُلاَ***باسمات الثغر من صنع البشرْ

أبحثوا -من أين جئتم- أولًا***ثم والُوا البحثَ عن أهل القمرْ

لعلي -مع فهمي وقربي من كل ما سبق- أتفهم أيضًا قول إمامنا الشافعي لاستشعر حلاوة الأشياء وطعم الحياة ولذائذ الأمور، حيث قال: ( طلبنا ترك الذنوب، فوجدناه في صلاه الضحى طلبنا ضياء القبور، فوجدناه في قراءة القرآن وطلبنا عبور الصراط، فوجدناه في الصوم والصدقة، وطلبنا ظلّ الرحمن فوجدناه في أخوة صالحين) .

وعن الأشخاص المحبين أو القريبين الى قلبك الحزين، أو الاخوان الصالحين بمنطق الشافعي يكون الاتصال الفعّال هو الحل.

حيث أن: (البشر مخلوقات اجتماعية، فلدينا حاجة فطرية للاتصال بالآخرين، وللتفاعل ضمن مجموعة ننتمي إليها. ووفقًا لأطول دراسة حول السعادة والرضى عن الحياة، أجريت على مدار 75 عامًا، تكمن الحياة الطيبة في جودة علاقاتنا. يقول قائد البحث، البروفسور “والدنجر”، “إن قضاء الوقت مع الآخرين يحمينا من كدمات الصعود والهبوط في الحياة المتقلبة”. ونحن لا نتحدث هنا عن الأصدقاء فحسب، بل كذلك عن عائلاتنا وأطفالنا وأشقائنا وشبكة معارفنا-مجلة لايف هاك الامريكية[3])  .

السعادة  بعيدًا عن الخوار والاهتزاز والضعف للإرادة والنفس وافتقاد الزكاوة  من الممكن ان نستنتجها من عديد آيات القرآن الكريم، في سورة النمل كمثال ومن الآية ١٥ في سورة الأحقاف وهي تأتي بدوام الشكر لعظيم النعم،والطاعة، وتمكن العمل الصالح، والذرية الصالحة والتوبة والاسلام لله.

ونلاحظ في الآية ١٥ في الأحقاف القول (أوزعني أن أشكر نعمتك) والقول (وأن أعمل صالحا ترضاه) و(أصلح لي في ذريتي) والمسألة هنا لي هي في  ]أوزعني[ ما أريد التركيز عليها، وهي بالآية بمعنى ألهمني وبمعنى حرّضني، أي حفزني ادفعني وفي هذا قوة خارجية، وبعميق الايمان تصبح جزء من الذات وقوة داخلية دافع وحافز ذاتي[4]. لتتحول لمنبع الإلهام ومحرك إرادة الفعل، والإلهام الإلهي هنا بالهداية والأيمان.

(أظهرت دراسة أجريت عام 1975 ، أجراها “كالدر وستاو” ، ونشرت في مجلة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي ، أن الدافع الجوهري والخارجي يمكن أن يتفاعلا مع بعضهما البعض، ولكن لا يتصرف بطريقة إضافية.

ومع ذلك ، هناك العديد من الدراسات التي تظهر أن الدوافع الذاتية والخارجية يمكن أن تحدث معًا وتولد تأثيرات إيجابية على سلوك الإنسان).[5]

دعني الى كل ما سبق أقول أن جهادَ النفس مدخلٌ للشحذ واستعادة الهمّة، والهدف يعطي المعنى والقيمة والحلاوة، واكتشاف وازع ودافع وحافز الايمان أو تنميته مبنى الإرادة، وشحذ النفس يحقق النقلة أو الانعطافة من حالٍ الى حال بالذكر، وبالانجاز، وبالأصدقاء وحُسن التواصل.

والحب والقرب والمشاركة مسعى دائم يحقق الرضا والنوال والسعادة والجمال، ويقمع اليأس ويقي من الانهيار وافتقاد الحلاوة.

ودعني أشير الى أن اكتشاف أوجهاد النفس وحوارها، أو التفكر أو الإحساس العميق بالارتباط بقضية، لاحظ قضية، أوهدف أو غاية بحد ذاته مدخلٌ رئيسٌ وجب التمسك به لتحسّس حلاوة القيمة أو المعنى للأشياء بأزمانها الثلاثة.

لربما أكون قد فهمت نفسي! ولربما مازلت أحاول وهو الأدق حيث سأظل أحاول الفهم، ومما قاله الكثيرون ممن أشرنا لهم أو لم نُشِر، قد يجد كل منّا فيهم المبنى والمعنى…وحلاوة الدنيا!

https://bakerabubaker.info/page-2266.html

الحواشي

[1]  محمد زكي عبد السلام مبارك (1892-1952م) هو أديب وشاعر وصحفي وأكاديمي عربي مصري، وله من الكتب الجميلة العديد.

[2]   الشاعر محمود غنيم (1901-1972م) من الشعراء مرهفي الحس الذين يتأثرون بكل ما حولهم من أشياء وكائنات، وأحداث صغيرة أو كبيرة، أو مؤثرات نفسية يرى الشاعر أنها تجربة حركت نفسه وهزت مشاعره، وفي دواوينه المختلفة نجد صدى يبرز الحروب وأهوالها، كما نجده يكتب الكثير من القصائد التي تتميز بالخفة والدعابة والفكاهة، ونجد فيها العَبَرات والرثاء، كما نجد فيها المديح والوصف…الخ.

[3] مجلة “لايف هاك” الأمريكية، بقلم الباحثة الكندية في علم النفس، إيفلين مارينوف. وتضيف في مقالها الى ما سبق أن الانسان يحتاج الى التفوق في الممارسات والإنجازات مقارنة بالآخرين. وقال طبيب النفس النمساوي، “كونراد لورنتس”، ذات مرة: “الحياة نفسها هي عملية اكتساب المعرفة”، التي تعطيك “فخرًا” في هذه الحياة. ومن هذا الباب، يرى الكثيرون أن “تحسين الذات” عبر تجارب الحياة يرقى إلى مستوى الهدف والغرض منها.

[4] يعرّف “ريتشارد م. ريان وإدوارد ل. ديسي؛ الدافع الجوهري بأنه “الميل المتأصل للإنسان إلى الخروج بحثًا عن الجدة والتحديات لتوسيع قدرة الفرد وممارستها واستكشافها وتعلمها”.

[5]  الدافع الداخلي والخارجي: الاختلافات والأمثلة من رابط

https://ar.questionofwill.com/572-intrinsic-and-extrinsic-motivation-differences-and-examples

https://bakerabubaker.info/page-2266.html

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى