أقلام وأراءدراسات وتقارير خاصة بالمركز

بكر أبوبكر يكتب – لماذا فشلت التنظيمات السياسية 2 ؟ (المرض المزمن والتزلف)

بكر أبوبكر *- 6/11/2020

إن كان بالأمس من عمر الثورة الفلسطينية الباسلة لاقطاعيات القيادات السياسية أن تنشأ وتتطور لأسباب عديدة ارتبطت بالظرف والنشأة والانطلاقة وسحر الفكرة وعنفوان القضية والمؤسسين، فلقد سقط اليوم العصرالاقطاعي، ولكنالعقلية الاقطاعية ما زالت قائمة.

سقوط الفكرة الاقطاعية وبقاء الإقطاعيين

سقط بالأمس مفهوم (الاستزلام أي التبعية لشخصية قيادية)،ولكن العقل الاستزلامي هذا لدى قادة اليوم في غالب التنظيمات الثورية المتلحّفة بتاريخها فقط! مازال يمثلالحلمعندها على مظنّة أن الخَلَف-أي هم- يشابهون السلف! وشتّان. ولا استزلام اليوم ولا اقطاعيات تدوم بتاتًا في ظل أن العالم كلّه بكافة مساحاته وفضاءاته المفتوحه لا يمكن أن يُقاد الا بروح الحب، والتأثير الجميل، وبعقلية المنطق والقدوة، وبمركزية القضية ومن خلال المنهجية المؤسسية التي لا تجد لدى قيادت الفصائل أي متسع في عقولهم أو قلوبهم ناهيك عن ممارساتهم.

القيادات الغائبة عن الوعي وصيرورة التاريخ والتغيير يمنّون النفس أن يكونوا كبائعي الحمّص، فيقومون بدقّالحبات فقط، فتخرج لها صحناً شهيًا!ولكن الناس ما كانوا أبدا مثل ذلك، ولن يكونوا قابلين للهرس!

القادة السياسيون الذين يتشبّهون بسابقيهم! خابوا وما أصابوا، فهم ليسوا بجذابين، ولا يمتلكون سِحراً طاغِيًا (كاريزما) كسِحر من سبقوهم فليعُوا هذا جيدًا. ولا الزمان هو الزمان، أي أننا ابتعدنا كثيرا عن زمن وهج الثورة وشعلة النضال المتقدة فلا يظنون -وهمبظنهم هذا خائبون- أنهم بقدرة السير وتحقيق النصربهذا المنطق الأعوج.

الأمراض المزمنة والمتزلّفين

في التنظيمات أو الفصائل السياسية الثورية الفلسطينية سواء في إطار منظمة التحرير الفلسطينية أو خارجها تصادفك شتى الأمراض التي نخرت بالعظام والقلوب والعقول، وأصابت حتى البنكرياس! ولم ينفع معها جائحة الفيروس التاجي المستجد (كورونا) سواء الصحي أو السياسي لتستفيق من غفلتها!

وكيف يستفيق مِن غفلتِهِ مَن استطابت عجيزته الكرسي!أو استطاب الدفء بين أحضان رغد عيشه! أو من استطاب الابتعاد عن الجماهير ومخاطبتها من فوق الحائط النفسي الذي يكنّه للآخرين! وظن أنه في (اقطاعيته) أو عرش مملكته الموهوم قد نال كل الرضا! فمادامت الوفود من المدّاحين والمتزلفين والاتباع تستقبله كل يوم بمديح يتلوه قصيدة شعر، فهو الى التقوى أقرب وتجري من تحته الأنهار!

خاضت التنظيمات السياسية معترك النضال من أجل هدف واحد لا ثاني له هو فلسطين، تحرير فلسطين، واستعادة الأرض المغتصبة، فلا هم أصابوا في ذلك ولا هم استطاعوا أن يغرِسوا في عقول الأجيال القادمة مركزية المهمّة، ومركزية العقيدة، عقيدة فلسطين، ومركزية الفعل المتمحور حول الهدف الذي لا ثاني له بل تنافسوا في السفاسف والترهات وفي السلطات المحدودة وفي التباغض دون أي أهمية أو اكتراث لأهمية العقد الذي يجمعهم.

عِقد فلسطين

إن كانت الثورة الفلسطينية بفصائلها ومن ورائها أحرار الأمة تمثل العِقد (الطوق) الذي يلتف حول رقبة الحسناء، فإن فلسطين هي تلك الحسناء، ونحن كأفراد وجماعات قيادات وكوادر وجماهير يجب أن نكون مثل حبّات العِقد الملتف حول رقبة فلسطين بإحكام يأتي من صلابة العقيدة وصلابة المرجعية الفكرية وصلابة العمل الدؤوب للمستقبل.

تتمثل الجماعية ومكانة التنظيم في جماعية حبّات العِقد (الطوق) التي يربطها معًا خيطٌ رفيعٌ ولكنه مهم، وبدونه لا تتزين فلسطين بأبنائها الذين يجب أن يضحّوا من أجلها.

وهذا الخيط الجامع لحبّات العقد أو المتمحور حول القضية المركزية هو العقل المرجعي والعقل المؤسسي، وهو الإطار أو الوعاء الجامع،والذي يكرس وجود المؤسسات واحترامها، ووجود القوانين والنُظُم والالتزام بها، واحترام التداول والتغيير في إطارها، إطارها الذي ما خُلق أصلًا الا لينتظم حول عنق فلسطين وليس حول عنق القائد الزرافة أو القائد التيس أو القائد الحمار من أصناف الرجال.

للحديث بقية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى